“البيت الأبيض” قلق من افتقار “إسرائيل” لأهداف “قابلة للتحقيق” في غزة

شكّك مسؤولون أميركيون بقدرة العدو الإسرائيلي على شن عملية برّية لاحتلال قطاع غزّة.

وكشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، أن إدارة الرئيس جو بايدن، تشعر بالقلق، من افتقار الإحتلال لأهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة، وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ليس مستعداً بعد لشن غزو بري بخطة يمكن أن تنجح.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ثلاثة صحفيين قالت إنهم مقربين من البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أكد في مكالمة مع نظيره لدى الاحتلال يؤآف غالانت، على “الحاجة إلى دراسة متأنية للكيفية التي قد تقوم بها القوات الإسرائيلية بغزو بري لغزة، حيث تحتفظ حماس بشبكات أنفاق معقدة تحت مناطق مكتظة بالسكان”.

وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن هؤلاء الصحافيين، أن مسؤولي إدارة بايدن أصرّوا على أن “الولايات المتحدة لم تخبر إسرائيل بما يجب أن تفعله وما زالت تدعم الغزو البري. لكن البنتاغون أرسل جندياً من مشاة البحرية بثلاث نجمات، اللفتنانت جنرال جيمس غلين، إلى جانب ضباط آخرين، لمساعدة الإسرائيليين في مواجهة تحديات خوض حرب المدن”.

وقال مسؤول في البنتاغون إن إرسال الجنرال غلين، لا يعني أن البنتاغون يتخذ قرارات نيابة عن “إسرائيل”. وقال المسؤول إن الجنرال لن يكون موجوداً على الأرض في “إسرائيل” إذا بدأ التوغل في غزة.

ونفى دبلوماسي من السفارة “الإسرائيلية” أن تكون الحكومة الأميركية تنصح الإسرائيليين بتأجيل الغزو البري، وقال الدبلوماسي: “الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل في ما يتعلق بالعملية البرية”.

وأوضحت الصحيفة، أنه في محادثات أوستن مع غالانت، وصف وزير الدفاع الأميركي حملة السيطرة على الموصل من تنظيم “داعش”، بالشاقة، وكان حينها أوستن، رئيساً للمكتب المركزي للولايات المتحدة، ويدعمون القوات العراقية والكردية في القتال.

وقال أوستن: “أول شيء يجب أن يعرفه الجميع، وأعتقد أن الجميع يعرفه، هو أن القتال في المناطق الحضرية صعب للغاية”.
وقال إنه “شجع” غالانت على “إجراء عملياتهم وفقا لقانون الحرب”، وقالت الصحيفة، لقد أصبح المسؤولون الأمركيون يشعرون بقلق متزايد من أن الغزو البري في غزة يمكن أن يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين.

وأوضح مسؤولون في البنتاغون إن وزير الدفاع كان على الهاتف مرة أخرى مع غالانت يوم الاثنين، مشدداً على “أهمية حماية المدنيين”.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين قولهم إن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من أن جيش الاحتلال، “ليس لديه حتى الآن أي مسار عسكري واضح لتحقيق هدف نتنياهو في القضاء على حماس”.

وفي محادثات مع مسؤولين “إسرائيليين” منذ عملية طوفان الأقصى، قال مسؤولون أميركيون إنهم لم يروا بعد خطة عمل قابلة للتحقيق. وقد ألمح الرئيس بايدن إلى ذلك علناً، وخلال خطابه في تل أبيب الأسبوع الماضي، حيث حذر من أن “إسرائيل” ستحتاج إلى “الوضوح بشأن الأهداف وتقييم صادق حول ما إذا كان المسار الذي تسلكونه سيحقق تلك الأهداف”.

وقال المسؤولون الأميركيون إن “إسرائيل” يجب أن تقرر ما إذا كانت، على سبيل المثال، “ستحاول القضاء على حماس باستخدام ضربات جوية جراحية مقترنة بغارات مستهدفة من قبل قوات العمليات الخاصة، كما فعلت الطائرات الحربية الأميركية والقوات العراقية والكردية في الموصل. أو التوغل في غزة، بالدبابات والمشاة، كما فعل مشاة البحرية الأميركية والجنود، إلى جانب القوات العراقية والبريطانية، في الفلوجة عام 2004”.

وقال مسؤولون أميركيون إن كلا الأسلوبين سيؤديان إلى خسائر فادحة، لكن العملية البرية قد تكون أكثر دموية بكثير بالنسبة للقوات والمدنيين، وفي البنتاغون، يعتقد العديد من المسؤولين أن عمليات السيطرة في الموصل والرقة في العراق بعد أكثر من عقد من الزمن بعد الفلوجة هي نموذج أفضل لحرب المدن.

وأضافوا أن “أحد الأشياء التي تعلمناها هو كيفية حساب المدنيين في ساحة المعركة، وهم جزء من ساحة المعركة، ونحن، وفقا لقانون الحرب، علينا أن نفعل ما هو مطلوب”.

وقال التقرير إن الموصل والرقة، أسفرا عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وقدرت حينها ما بين 9 و11 ألفاً، مشيرة إلى أن تنظيم “داعش” لم يكن أمامه سوى عامين لإعداد دفاعته في الموصل. بينما “حماس” لديها 15 عاماً لإعداد دفاع متعمق كثيف يجمع بين التحصينات الجوفية والأرضية وفوق الأرض، وأنفاق اتصالات ومرابض ومواقع قتال وهناك حقول ألغام محتملة، وعبوات ناسفة وألغام مضادة للدروع ومبان مجهزة كأفخاخ متفجرة.

ودعا السيناتور جاك ريد، وهو ديمقراطي من ولاية رود آيلاند والذي يرأس لجنة القوات المسلحة، “إسرائيل” إلى تأجيل الغزو البري لغزة لكسب الوقت لإجراء مفاوضات بشأن الرهائن، والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين وإعطاء القادة “الإسرائيليين” المزيد من الفرص، لتحسين تخطيطهم القتالي الحضري.

وقال ريد: “من وجهة النظر العملياتية، فإن هذا أمر معقد للغاية، وكلما زادت المعلومات الاستخبارية التي تجمعها وتمكن قواتك من المشاركة في القتال في المناطق الحضرية، كان ذلك أفضل”.

وقد قدمت إدارة بايدن النصيحة نفسها للاحتلال، ومثل المسؤولين الأميركيين، قال ريد إنه “لا يزال يدعم الغزو البري لتدمير حماس”، لكنه حذر من أن القتال في المناطق الحضرية في غزة من مبنى إلى مبنى سيكون “جهدا طويل الأمد”، مشيراً إلى أن الأمر استغرق الجيش العراقي، بمساعدة الولايات المتحدة، تسعة أشهر لهزيمة تنظيم “داعش” في الموصل.