| زينة أرزوني |
3 مزايدات لتلزيم البريد، تم رفضها جميعاً من قبل “هيئة الشراء العام” و”ديوان المحاسبة”.. مع ذلك، يصرّ وزير الاتصالات جوني القرم على تلزيم شركة محددة تم وضع دفتر الشروط على قياسها.
الشركة “المحظية”، شركة Merit invest بالتحالف مع Colis prive الفرنسية، التي يملكها في الواجهة اللبناني رودولف سعادة صاحب شركة CMA-CGM للنقل البحري التي لزّمتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تشغيل محطة الحاويات في مرفأ بيروت، ثم حلّت فجأة مكان شركة يملكها الرئيس ميقاتي كانت تتولى تشغيل محطة الحاويات في مرفأ طرابلس.
لكن الواقع أن الإصرار على تلزيم هذه الشركة قطاع البريد يحتوي على أكثر من علامة استفهام، خصوصاً لجهة علاقة رئيس الحكومة بها، وكذلك علاقة وزير الاتصالات بها أيضاً.
وللتذكير فقط، فإن الشركة “المحظية” ستخلف شركة “ليبان بوست” التي يملك الرئيس ميقاتي قسماً كبيراً من أسهمها، وكان ديوان المحاسبة قد كشف تحايلها على الدولة التي لم تحصل منها على مداخيل طوال 20 سنة مضت من التزامها قطاع البريد في لبنان.
هكذا يصرّ وزير الاتصالات جوني القرم على مخالفة القانون وقرارات الهيئات الرقابية، مما يوحي أنه يحظى بتغطية سياسية كبيرة، قد يكون أحد أركانها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذا ما يطرح السؤال عن موقف رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، على اعتبار أن الوزير القرم يمثّل كتلته النيابية في الحكومة، خصوصاً في ظل الحديث عن “مسايرة” فرنجية لميقاتي وأيضاً لفرنسا، في سياق ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
يلجأ الوزير القرم إلى محاولة “تبييض” صفحة التلزيم المشبوه، حين يُظهر “الحرص” على مداخيل الدولة، التي تبلغ 5 مليون دولار سنوياً من هذا التلزيم الذي يريد منحه للشركة مدة 9 سنوات، علماً أنه لو جرت المزايدة بالشكل الصحيح، وسمح لشركات أخرى بدخولها، فإن مداخيل الدولة ستكون حتماً أكبر من الرقم الذي يحاول وزير الاتصالات الترويج بأنه مرتفع. أما محاولة الوزير التهويل بمصير موظفي “ليبان بوست” والذين يبلغ عددهم 700 موظف بحسب ما يقول، فإن أي دفتر شروط سيتضمن بنداً يلزم الفائز بالمزايدة بالمحافظة على نسبة معينة من الموظفين قد لا تقل عن 70 %، علماً أن عدد الموظفين يبدو وكأنه مبالغ فيه.
وكان ديوان المحاسبة قد قرر حجب الموافقة المسبقة عن توقيع صفقة تشغيل القطاع البريدي لمدة تسع سنوات، ورد طلب وزير الاتصالات بإعادة النظر بقرار تلزيم البريد للشركة الفرنسية، التي سبق ولزّمها قطاع البريد، رغم انتفاء الشروط الواجب توافرها فيها لتسلم القطاع. وقد جاء قرار ديوان المحاسبة بمثابة صفعة قوية للوزير قرم وشركائه وحلفائه الذين يغطون قراره، وكذلك للفرنسيين، الذين يبدو أنهم يريدون الحصول على الاستثمارات في مختلف المرافق العامة في لبنان بأثمان رخيصة.
وعلى الرغم من أن وزير الاتصالات جوني القرم، المحسوب على فرنجية، زار عين التينة محاولاً الضغط على رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، للتراجع عن القرار السابق برفض تلزيم الشركة الفرنسية، إلا أن الديوان أعاد تثبيت قراره ورفض التلزيم.
مع ذلك، لم يتوقف الوزير القرم عن محاولاته لتمرير التلزيم، وهو ما يزيد من الشبهات حول وجود صفقة كبيرة خلف هذا الإصرار، فطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عرض الموضوع على مجلس الوزراء بهدف مخالفة قرار ديوان المحاسبة والسير بالمزايدة بتغطية من مجلس الوزراء. وقد تم استدعاء رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران إلى جلسة الحكومة الأسبوع الماضي للإستماع إلى وجهة نظر الديوان برفض المزايدة. وبالفعل، حضر بدران مع عدد من القضاة في ديوان المحاسبة وشرحوا تفاصيل المخالفات الجسيمة التي تضمنتها مزايدة التلزيم التي لم يشارك فيها إلا عارض وحيد بسبب وضع دفتر شروط على قياسه وحده.
إلا أن ميقاتي والقرم لم يكتفيا بشرح ديوان المحاسبة، فتم استدعاء رئيس هيئة الشراء العام القاضي جان العلية إلى الجلسة المقبلة للحكومة، بهدف الاستماع إليه أيضاً، وذلك في محاولة جديدة لإيجاد ثغرة يستند إليها الوزير القرم ورئيس الحكومة، بهدف مخالفة قرار ديوان المحاسبة، والسير بتلزيم الشركة الفرنسية قطاع البريد في لبنان، على الرغم من كل ما يتضمنه من مخالفات جسيمة وما يحتويه من شبهات كبيرة.