هل يستسلم الحريري لقرار “الإعدام”؟

/ خلود شحادة /

عاد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من “غربته”، مشرعاً الأبواب لاحتمالات عدة تتعلق بمقعده النيابي.. وربما بمستقبله السياسي!

عودة، حرّكت المياه السياسية الراكدة في الشارع السني، وشدّت أنظار هذا الشارع نحو مستقبل “المستقبل”.
الأوساط السياسية ترى أن قرار الحريري بشأن الانتخابات لم ينضج بعد، وتشير الى أن الأولوية اليوم لديه هي شدّ عصب التيار واعادة ترتيب بيت “المستقبل” بعد التخبّط الذي أصابه.

مسارات ثلاثة!

الأهم من معضلة دخوله المعترك الانتخابي أو انكفائه، هي عودته لقيادة الشارع الأزرق الذي أحبط بعد غيابه “القسري” عن الساحة السياسية. ولكن اتجاهات الحريري اليوم تذهب في واحد من ثلاثة مسارات:

امّا أن يكون مشاركاً في الانتخابات بالترشح، أو قائداً لها بعدم الترشح شخصياً، وتفرّغه لتشكيل لوائح وصياغة تحالفات.. أو إدارة الظهر للانتخابات بكاملها: ترشيحاً، وتحالفات، ولوائح!

لكن مشاركته في الانتخابات، كرئيس لـ”التيار”، أهم بكثير من حضوره كمرشح لمقعد نيابي. هذه المشاركة ستؤدي الى فوز لـ”المستقبل” هنا، وخسارة هناك، وبالتالي، فإن النتائج ستكون قريبة جداً من التوقعات السائدة.
أما انكفاؤه عن الترشيح، وقيادته للمعارك الانتخابية من خلال اللوائح التي يشكّلها، فيضعه تحت اختبار التحولات في المزاج الشعبي.

لكن المسار الثالث، والذي يبدو متقدّماً في خيارات الحريري، طوعاً أو قسراً، فإنه يفتح باباً واسعاً للأسئلة والتكهنات الهائلة حول المخاض الذي ستعيشه الساحة السنيّة، إضافة إلى تلك المتعلّقة بمستقبل الحريري السياسي، ومستقبل “المستقبل” الذي لا يزال التيار الأقوى في الساحة السنّية، بغض النظر عن تراجع نسبة التأييد، انطلاقاً من أن جزءاً كبيراً من الجمهور السني ما زال ينظر إلى “المستقبل” باعتباره معبّراً عنه.

هل يستسلم الحريري؟

ثمة أسئلة حول أسباب وخلفيات دفع الرئيس سعد الحريري إلى إسدال الستارة على مستقبله السياسي.
وهناك تكهّنات كثيرة حول الهدف من “تفكيك” تيار “المستقبل”.

وهناك هواجس حول البديل الذي سيملأ الفراغ في الساحة السنية، بدلاً من تيار “المستقبل”. لا بديل جاهز حتى اليوم ليملأ هذا الفراغ، وما سيحصل هو بروز كتل صغيرة، وشخصيات طامحة لوراثة الحريري، من داخل “المستقبل” ومن خارجه. وفي مطلق الأحوال، سيحصل تشرذم في الساحة السياسية السنية، ولن تكون لهذه الساحة قوة ضغط قوية.

مهّد الرئيس تمام سلام للمشهد المقبل بعزوفه عن الترشّح. وسيكمل هذا المشهد عزوف الحريري، ومن خلفه الرئيس نجيب ميقاتي، والرئيس فؤاد السنيورة، وآخرين من رموز المشهد السياسي السنّي. ذلك يشي بأن الحضور السياسي للسنّة في لبنان ذاهب نحو تراجع قوّته وتأثيره، وبالتالي، وعلى الأرجح، سيمهّد الطريق لإعادة النظر باتفاق الطائف.

لكن.. هل يستسلم الحريري بهذه السهولة لقرار “الإعدام” السياسي الصادر بحقه؟
يحتاج الجواب إلى أيام، كي يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المسار الذي سيسلكه الحريري، وما إذا كان “المستقبليون” سيتخلون عن مستقبلهم، ويسلّموا بـ”القضاء والقدر” السياسي الخارجي الذي يقهرهم بقرار إزاحتهم وإسقاط مستقبلهم مع “المستقبل” من حاضر السنّة ومستقبل لبنان.