| مرسال الترس |
دخل الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية شهره الثاني عشر، ولا تزال الحلول التي تنتظر المشاورات والاتصالات، تدور في حلقة مفرغة، نتيجة اتجاهين باتا واضحي المعالم:
الأول يشير إلى تنامي الخلافات في وجهات النظر بين أفرقاء “اللجنة الخماسية” الاقليمية – الدولية المعنية بإيجاد المخارج المناسبة للأزمة في لبنان، حتى بات المراقبون يرددون مع الأغنية الفولكلورية اللبنانية: “جينا لحلاّل القصص تا نحلّ قصتنا… ولقينا في عندو قصة يا محلا قصتنا”!
والاتجاه الثاني تشبث “الثنائي الشيعي” بدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، لأسباب يدرك تماماً حيثياتها وتداعياتها منذ ما قبل إعلانه عن موقفه الذي يبدو أنه لن يتراجع عنه مهما تنوعت الضغوط والمواقف المتقاطعة.
فمن خلال مؤشرات عدة، ظهر أن اللجنة الخماسية، التي تضم من الجانب الدولي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومن الجانب العربي كلاً من المملكة العربية السعودية ومصر وقطر، حيث لدى الجانب الأول، إلى جانب التنافس الانكلوساكسوني ـ الفرنكوفوني، صراعات وتجاذبات حول النفوذ في المنطقة المرتبطة بمسائل الحضور السياسي أو الطاقة وما يتصل بهما. في حين أن الجانب الثاني “انفطر” على عدم التقاطع مع بني جلدته إلا بما يعكس تفوقه أو تقدمه على الآخرين. ولذلك فإن أسباب التباعد أكثر بكثير من أسباب التلاقي.
ولأن “الثنائي الشيعي” قد خَبِر التعاطي الإقليمي والدولي، فقد درس جيداً موقفه من الاستحقاق الرئاسي، وقرّر السير به، لأنه بات على قناعة أن ذلك الخارج سيصل إلى مرحلة يطرح مختلف القضايا على بازار الأخذ والعطاء، أو بالأحرى البيع والشراء، وهو سيصل في مرحلة ما من أية قضية مطروحة إلى التعاطي ببراغماتية المصالح الخاصة التي يجب أن تكون محفوظة، وكل ما عداها من “المبادئ” و”الحفاظ على الحلفاء” لا يعني له شيئاً، وقد ظهر ذلك جلياً في العديد من ثنايا الصراعات والحروب في لبنان، حيث وجد بعض الأفرقاء اللبنانيين، الذين كانوا يعوّلون على هذا الخارج أو ذاك، أنفسهم متروكين أمام قدرهم، والشواهد عديدة جداً، ولعل أبرز ما يزال عالقاً في الأذهان ما جرى على هوامش “حرب الجبل”… مروراً بحلم قصف دمشق من بيروت، وصولاً إلى وعود السفير الأميركي جيفري فيلتمان لقوى الرابع عشر من آذار.
ولعل أنسب الحلول هو أن تقترب “اللجنة الخماسية” من ما يلائم حارة حريك وعين التينة، إذا كانت تبغي الوصول إلى مخارج حلول سريعة، بدل التفكير بالضغوط والمبادرات واقتراحات الحلول التي لم ولن تجد طريقها إلى التسويق، لأن “الثنائي” قد حصّن نفسه بالمزيد من الصبر ووسائل الدفاع عن المواقف. ولعل ما جرى في العام 2016 نموذج بسيط على ما سيستجد!