بين عنوانيْ النازحين وعين الحلوة، يبقى الواقعُ المالي تحت معاينةٍ لصيقةٍ ولا سيما أن الجمودَ الثقيلَ في الميدان النقدي لا يعكس حقيقة الهواجس الكامنة من استعادة مَشاهد الضغوط على العملة الوطنية وتقلّباتها، بفعل الترقبات لتداعيات تقلُّص عرض الدولار في أسواق المبادلات بعد انتهاء الموسم السياحي الصيفي وتدفّقاته التي ساهمت بفعالية مشهودة في “تهدئة” عمليات القطع، بحسب “الراي”.
ومن نافل القول، وفق مسؤول مالي تواصلت معه “الراي” أن المناخات الداخلية التي تسير في دروبٍ شائكة وزاخرة بالمطبات والعراقيل، تشي بشتاء قاسٍ على المستوييْن المالي والنقدي معاً. وهي استنتاجاتٌ بدهية في ضوء العجز المتمادي عن إنجاز الاستحقاقات الدستورية التي تشكل مفتاح إعادة انتظام السلطات، كما انحسار التطلعات المعقودة على إسنادٍ مالي دولي الى مستويات صفرية ربطاً بتعثر الملف اللبناني لدى صندوق النقد.
وتعكس الإشاراتُ الماثلة في البُعد المالي جانباً من الترقبات السودوية بعدما ترنّحت مَهمة تشريع الإنفاق والجباية عبر مشروع قانون موازنة 2023 الذي ردّته لجنة المال والموازنة إلى الحكومة مرفقاً بذرائع قانونية وزمنية غير مشكوك بمشروعيتها، بالتوازي مع انتظارٍ ملتبسٍ لمسار تشريع مشروع موازنة 2024 في الموعد الدستوري المفترَض خلال العقد الخريفي لمجلس النواب.
وبمعزل عن القوائم المالية الواردة في مشروعيْ القانونين، فإن عقدة تغطية العجز المقدَّر بنسبة تتجاوز 30 في المئة لموازنة العام الجاري، ونحو 14 في المئة للسنة المقبلة، أضحت، بحسب المسؤول المالي، أشبه بحفرة مالية مضافة إلى فجوة الخسائر المقدَّرة بنحو 73 مليار دولار، فيما تدرك وزارة المال والحكومة أن قنوات التمويل مسدودةٌ بإحكام.