نجحتْ القوى الفلسطينية في تَجاوُزِ قطوعٍ أمني في مخيم عين الحلوة بعد نجاحِ خطوةِ إخلاء مدارس “الأونروا” من المسلّحين من حركة “فتح” و”تجمع الشباب المسلم” (من المتشددين) من مناطق الطوارئ – بستان القدس – الشارع الفوقاني، وتموْضع القوة الأمنية المشتركة أمام مداخلها تمهيداً لتسليمها إلى وكالة غوث اللاجئين لبدء المسح الأمني وإحصاء الأضرار وإعادة الترميم والصيانة.
لكن مصادر فلسطينية أبلغت الى “الراي” أن هذا النجاح لا يعني انتهاء أزمة المخيم أو المخاوف من تجدُّد الاشتباكات، إذ ما زال فتيل التفجير موجوداً ويتمحور حول تسليم المشتبَه بهم في جريمة اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه في 30 يوليو الماضي حين اندلعت الاشتباكات وأسفرت في جولتيْ قتالٍ عن سقوط 28 قتيلاً وأكثر من 225 جريحاً.
ومعلوم أنه في مسار معالجة الاشتباكات، اتفقت القوى السياسية الفلسطينية – “هيئة العمل المشترك الفلسطيني” في لبنان وبدعمٍ لبناني سياسي – أمني، على خطوات متدرّجة لتطويق ذيول الاشتباكات وفق بنود متتالية:
– أولاً: وقف إطلاق النار وتثبيته، وكانت آخِر نسخه التي ما زالت صامدة أُرسيتْ بمساع من رئيس مجلس النواب نبيه بري في 14 أيلول بعدما عَقَدَ اجتماعين منفصلين مع قيادتي حركة “فتح” برئاسة عضو اللجنة المركزية المشرف على الساحة الفلسطينية عزام الأحمد، و”حماس” برئاسة نائب رئيس الحركة في الخارج موسى أبومرزوق.
– ثانياً: تشكيل لجنة تحقيق في جريمة اغتيال العرموشي (برئاسة الضابط الفتحاوي المتقاعد معين كعوش)، تتألف من الأطر الثلاثة الرئيسية: فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تَحالُف القوى الفلسطينية، والقوى الإسلامية ( تشكلت في 3 آب 2023) وقد أصدرت تقريرها بالاشتباه بثمانية من “تجمع الشباب المسلم” (22 آب 2023) وجرت محاولاتٌ لتسليم أنفسهم طوعاً ولكنها فشلت.
– ثالثاً: تعزيز القوة الأمنية المشتركة (الموجودة أصلاً) برئاسة اللواء محمود العجوري من كل القوى الوطنية والإسلامية بما فيها حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، و”عصبة الأنصار” و”الحركة المجاهدة” و”أنصار الله” (5 أيلول)، ونشْرها في مناطق التوتر ومحاور القتال (25 أيلول) بدءاً من الرأس الأحمر – الطيرة – مفرق بستان القدس)، على أن تُستكمل بالانتشار في حي حطين.
– رابعاً: إخلاء مدارس “الأونروا” التي يتحصن فيها مسلّحو حركة “فتح” و”تجمع الشباب المسلم” وانتشار القوة الأمنية عند مداخلها في منطقة الطوارئ – بستان القدس – الشارع الفوقاني (وهو ما جرى في 29 سبتمبر) لمنع الدخول إليها مجدداً وتسليمها إلى الوكالة لتباشر إجراءاتها ووضْع خطةٍ لاستئناف العام الدراسي 2023 -2024، بعد إجراء مسح أمني ثم تشكيل لجنة مختصة لتقييم الأضرار تمهيداً لترميمها وصيانتها وإعادة توفير التعليم لنحو 5900 طالب في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة حتى الثانوية.
– خامساً: التعاملُ مع قضية المشتبه بهم في جريمة اغتيال العرموشي بعدما أوعزت “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في لبنان إلى “القوة الأمنية المشتركة” القيام بالمهام الموكلة إليها بما في ذلك ما يتعلّق بالجرائم الأخيرة أي جلب المشتبَه بهم بالقوة، وهو ما يشكل اليوم فتيل تفجير جديداً، ولا سيما أن إزالة الدشم والمتاريس والشوادر أو فتْح الطرق لعودة الحياة إلى طبيعتها أمرٌ مرتبط بتسليم المطلوبين.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ “الراي” أن قضية المطلوبين اليوم تراوح بين معادلتين، الأولى عبّر عنها مسؤول “تجمع الشباب المسلم” في منطقة الطوارئ هيثم الشعبي حين أبدى استعداده للتعاون مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك، ولكن على طريقته، إذ قال “هؤلاء مشتبه بهم وإذا ثبتت إدانة أي منهم نحن سنتخذ إجراء بحقهم”، والثاني تجّلت في تأكيد مسؤول حركة فتح في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة ان الاتفاق الفلسطيني وبدعم لبناني هو على تسليم القتلة الى العدالة اللبنانية ولا شيء آخر.
وبين الحدّيْن، أكدت مصادر “فتح” أنها لن تفتح أي اشتباك جديد ولن تقوم منفردة بخطوة إلقاء القبض على المشتبه بهم إلا في ظل إجماع فلسطيني ولبناني وهو ما قد يطول. وأبلغ مسؤول فتحاوي أن خطوة إخلاء المدارس “لا علاقة لها بإعادة فتح الطرق وإزالة الدشم والمتاريس والشوادر، فهذه ترتبط بقضية تسليم المشتبه بهم في جريمة اغتيال اللواء العرموشي”.
في المقابل تقول مصادر إسلاميين لـ “الراي” إن محاولات عدة جرت لإقناع “تجمع الشباب المسلم” بتسليم المشتبه بهم طوعاً إلا أنها لم تفلح، مشيرة إلى أنه رغم ذلك لم تتوقف المساعي بخلاف كل ما يقال “فالمحاولات ما زالت مستمرة وخصوصاً مع معاودة تأكيد ممثل حماس في لبنان الدكتور أحمد عبدالهادي التزام الحركة بالعمل على تسليم المشتبه فيهم، قائلا إنّنا ملتزمون بالعمل الجدي بالتعاون مع القوى الإسلامية والوطنية من أجل تحقيق هذا البند تنفيذاً لمبادرة الرئيس نبيه برّي”.