قبل أسبوع واحد على انقضاء شهر ايلول، بات محسوما ان الملف الرئاسي رُحّل الى نهاية العام الحالي. مهل زمنية تنقضي الواحدة تلو الأخرى، تجعل اي مراقب عن كثب يُرجح فرضية تكرار تجربة الانتخابات الرئاسية الماضية، اي الفراغ الطويل الامد الذي يستمر اكثر من عامين، قبل ان تأتي تسوية داخلية او خارجية لتخرج الملف من عنق الزجاجة. الا ان عاملا اساسيا قد يحول هذه المرة دون تكرار هذه «التجربة المريرة»، الا وهو الوضع المالي والاقتصادي الذي يقف على كف عفريت، والذي يتطلب اجراءات كبيرة وكثيرة لا يمكن ان تقوم بها حكومة تصريف أعمال ومجلس نواب مشلول.
بري ينكفىء؟
في هذا الوقت، وبانتظار الفرج المنشود، يبدو ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد قرر اطفاء “محركاته الحوارية” ، بعدما أحبط رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل محاولات «عين التينة» المستجدة، اذ تشير المصادر الى ان “بري كان حاسما بأنه لن يعقد طاولة حوار، لا يكون فيها تمثيل كامل للكتل والطوائف.. وطالما احدى الكتلتين المسيحيتين الاساسيتين اي “القوات” و “التيار الوطني الحر” لن تشاركا، فهو لا شك لم يدعُ للحوار، ويترقب ما يقوم به القطريون”.
وكعادته، يقوم الموفد القطري بجولاته بتكتم شديد وبعيدا عن الاعلام، لاعتقاده بأن ذلك مجديا اكثر. وقد كشفت معلومات “الديار” انه “وبعكس المرات السابقة، فان القطريين ما عادوا يسوّقون حصرا لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، فهم وان كانوا لا زالوا يفضلون انتخابه، ويعملون على اقناع «الثنائي الشيعي” بالسير به، الا انهم بدأوا يسعون لتحقيق تقاطع على اسم آخر، لعلمهم بأن الفراغ الرئاسي طال كثيرا، وبأن خيار جوزاف عون قد يكون صعبا تمريره، الا اذا تبلور تفاهم إيراني- اميركي قريبا بخصوصه، لكن لا توجد اي اشارات بخصوصه حتى الساعة”.
ولا يمكن القول ان اللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني تركت الساحة الرئاسية للقطريين، اذ يفترض ان يعود المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان مطلع الشهر المقبل الى بيروت، مع استبعاد ان يحمل اي شيء جدي، بعدما اقتصرت جولته السابقة على تسويق مبادرة بري. الا ان الهدف الاساسي لعودته هو عدم تظهير الفشل الفرنسي في حل الازمة، واستبدال دور باريس بدور قطري، ما سيرتد سلبا على الرئاسة الفرنسية، التي لم تستوعب بعد الصفعات المتتالية في افريقيا.