| مرسال الترس |
بعد جولة ثالثة لم تكن “ثابتة”، وفق “المثل اللبناني”، حزم الموفد الرئاسي الفرنسي حقائبه، مقدماً الاعتذار إلى رئيسه ايمانويل ماكرون على عدم نجاحه في مهمته التي أوكلها إليه بحلّ “طلاسم” الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وتاركاً الشعب اللبناني يتخبّط بخلافاته وتجاذبات الأفرقاء فيه على أتفه الأمور، فكيف على اختيار رئيس ترضى عنه غالبية مكونات الشعب المكوّن من تسعة عشر طائفة ما عدا “الهرطقات”؟!
وبينما كان لودريان يلقي بثقل الحوار على كاهل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعهدته، ويشدد بعض النواب “المستقلين” و”السياديين” الذين التقوه بأنه حسم التوجّه نحو “الخيار الثالث”، ملمحين بذلك إلى قائد الجيش العماد جوزف عون، كان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد يؤكد من عرين “المردة” في بنشعي أن سليمان فرنجية “لا قبله.. ولا بعده” بالنسبة لخيارات الحزب، قاطعاً الطريق على كل التأويلات التي شاعت بعد زيارته اليرزة وإعادة الروح إلى الحوار مع “ميرنا الشالوحي”.
وفي حين ذهب البعض إلى الحسم بان مهمة لودريان قد انتهت بالفشل، كان الموفد الفرنسي يؤكد أنه سيعود إلى بيروت في وقت ليس ببعيد، لأنه تلمّس بقوة أن الموفدين القطريين، المعلنين والسريين، لم يتركوا مناسبة إلا و”شغّلوا” محركاتهم باتجاه بيروت، بالتنسيق مع “العم سام” وموفديه ومنظّريه الذين لم يستسيغوا أن تقطف “الأم الحنون”، منفردة، التفاحة اللبنانية الغنية بـ”الفيتامينات” النفطية والغازية. ولذلك استغلوا انكفاء شركة النفط الروسية عن الكونسورتيوم الذي أخذ على عاتقه التنقيب عن النفط في الحقول الجنوبية اللبنانية، ليُدخلوا مكانها شركة النفط القطرية.
ويُقال، وفق عالمين بأجواء الدوحة، ان أبناء آل ثاني لديهم أكثر من خريطة طريق باتجاه بيروت، لأنهم أعلم من سواهم بما جرى تدبيره في العام 2008 قبل أن يوصلوا الأفرقاء اللبنانيين الى “اتفاق الدوحة” واختيار العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.
والواضح أن وسائل الاقناع ما تزال متوافرة بقوة لدى القطريين، لذلك سيعمدون، في الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، إلى تنفيذ مروحة دعوات موسعة، بشكل منفرد.
ولكن الظروف المواكبة تبدو مختلفة جداً، وهناك أكثر من عامل قد يغيّر في المعادلة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التقارب السعودي ـ الإيراني الذي قد يخلق معطيات بعيدة جداً عن ما فرضه العام 2008.