الخلاف بين مولوي وعثمان يبلغ الذروة.. هل يشكل انقساماً جديداً في الطائفة السنية؟

| زينة أرزوني |

من الواضح ان الخلاف بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي ومدير عام قوى الأمن الداخليّ اللواء عثمان بلغ الذروة، بعدما تسرب اليوم عن ان مولوي سيأذن للمحكمة العسكرية بملاحقة عثمان بتهم الفساد.
هذا التسريب تأكد مع كلام مولوي خلال مشاركته في اختتام الجامعة اليسوعية برنامج youth4governance لعام 2023، حيث ألمح الى ملاحقة الفاسدين من دون ان يسمي عثمان، مشيراً الى انه لن يتراجع “لحظة عن إعطاء الأذونات اللازمة التي وردتنا من القضاء المختص لملاحقة المرتكبين، وأعطينا الإذن لملاحقة المرتكبين في إدارات ومؤسسات أمنية وغير أمنية”، مشدداً على انه لن يقبل بأن يبقى في لبنان فساد.

الخلاف المنفجر بين الرجلين منذ أشهر على خلفية تشكيلات في قوى الأمن الداخلي، تعقد أكثر بعد جملة من الخطوات التي أقدم عليها وزير الداخليّة، ومنها مشاريع مراسيم قبول استقالة الضبّاط ومشاريع قرارات الإجازة من دون راتب للرتباء والأفراد في قوى الأمن، وإيداعه كلّ الطلبات التي ترد في شأن الاستقالات وطلبات الإجازة من دون راتب.

صدى الخلاف كان قد سُمع من خلف باب مكتب الوزير شخصياً، وأدى الى إقالة مدير مكتبه المقدّم أيمن مشموشي بحجة أنّ الأخير فضّل عثمان عليه.

الخلاف احتدم اكثر بعد شغور عدد من المراكز القيادية في مؤسسة قوى الأمن من دون اتفاق بين مولوي وعثمان على البديل، اضافة إلى استبعاد مدير عام قوى الأمن الداخلي عن اللجنة الأمنية التي شكّلت في موضوع النازحين، مع العلم أن قوى الأمن هي المؤسسة التي تعنى مباشرة في الملفّ، وكان اليوم القرار المفاجأة الذي تمثّل بإعطاء مولوي إذناً بملاحقة اللواء عثمان، وذلك في جميع القضايا المرفوعة ضده في القضاء العسكري والقضاء العدلي.

ويشكّل قرار مولوي سابقة على هذا الصعيد، خصوصاً ان هناك عدداً من الدعاوى المقدّمة بحقّ مدير عام قوى الأمن الداخليّ يعود بعضها إلى عام 2021 حين ادّعى مفوّض الحكومة لدى العسكرية فادي عقيقي على عثمان، وأحاله أمام قاضي التحقيق العسكريّ فادي صوّان الذي عيّن جلسة للاستماع إليه في ملفّ منح رخص غير قانونيّة لحفر الآبار، ومنح أذونات بناء مخالفة، وحينها لم يحصل على إذن من وزير الداخلية محمّد فهمي، إضافة إلى ادّعاء من مدّعي عام جبل لبنان غادة عون على عثمان في جرم إعاقة تنفيذ قرار قضائيّ واتّهامه بمنع مفرزة الضاحية الجنوبية من معاونة القاضية عون في تحقيقات فتحتها في ملفّ الدولار المدعوم والصيارفة غير الشرعيّين.

كما إدّعت عون في شباط 2022 على عثمان، بتهمة إعاقة تنفيذ قرار قضائيّ هو مذكّرة إحضار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حينها إلى مكتبها لاستجوابه كشاهد، وهي الحادثة الشهيرة التي وثقت نوعاً من الاشتباك بين دورية أمن الدولة وأفراد من قوى الأمن الداخليّ مولجين بحماية سلامة، إلّا أنّ مولوي رفض إعطاء الإذن وتوقّفت الملاحقة.

وبحسب المتابعين لهذا الملف، فإنّ أي إجراء قضائي لن يأخذ مجراه إلى التنفيذ أو حتى التبليغ، فالضابطة العدلية المولجة بالتبليغ تحت إمرة عثمان، وهي لن تستجيب لأي أمر في هذا الخصوص، كما أن الأذونات بحاجة إلى موافقة المدعي العامّ التمييزي القاضي غسان عويدات الذي لن يستجيب أيضاً، وبالتالي يكون إذن الوزير غير قابل للتنفيذ.

وهنا لا بد من طرح السؤال التالي هل عثمان لم يعد يحظى بغطاء سياسي؟ فمن الملاحظ ان العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال وعثمان في تراجع مستمر، وهذا ما يظهر من عدم دعوة نجيب ميقاتي لعثمان إلى عدد من الاجتماعات الأمنية في السرايا الحكومي، وهذا ما بدأ يثير امتعاض داخل الطائفة السنّية، وهو ما ظهر في بعض ردود فعل من النواب في الطائفة.

فقد سأل النائب وليد البعريني: “هل هكذا يُكافأ اللواء عماد عثمان، ابن مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعد المسيرة الطويلة والمشرّفة في مؤسّسة الأمن الداخليّ، والعطاءات التي لا تُحصى، والتضحيات التي قدّمها لأجل لبنان؟”.

كما توجه الى وزير الداخلية عبر منصّة “إكس”، بالسؤال “هل اتّصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل اتّخاذه القرار وتشاور معه، أو إنّه اكتفى بالتواصل مع النائب جبران باسيل وسارع إلى تنفيذ تعليماته؟”.

وختم: “للأسف، يبدو أنّ بعض أبناء الطائفة السنيّة يستسهل طعن أبناء هذه الطائفة لاعتبارات خاصّة. وكأنّ هذه الطائفة ينقصها المآسي والغدر والطعنات!”

من جهته، سأل النائب السابق محمد الحجار عبر منصة “اكس”: “ما ‏المصلحة في تغييب مؤسسة قوى الأمن الداخلي عن الاجتماع ‏الذي عُقد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي ‏لبحث ملف النزوح السوري؟ وما الحكمة في هذا الذي يحصل ‏مع اللواء عماد عثمان الذي يُدير وبكفاءة عالية واحدة من أهم ‏الأجهزة الامنية في البلد ؟ ‏خافوا وإتقوا الله فينا وبها البلد”. ‏

بدوره، تمنى النائب إيهاب مطر عبر منصة “أكس”، على الوزير مولوي توضيح ما يتم تناقله عنه، مشيراً الى انه حاول التواصل مع ميقاتي ووزير الداخلية للاستيضاح، و”لأعبر عن رفضي المطلق للتعاطي بخفّة مع مؤسسة عسكرية كقوى الامن الداخلي”.