رام الله: حرب عين الحلوة مستمرّة حتى “اجتثاث الإرهاب”

/ آمال خليل /

لم ينتظر مقاتلو “فتح” و”الإسلاميين” انتهاء اللقاء الذي دعا إليه المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري، وضمّ ممثلي الفصائل الفلسطينية، قبل أن يستأنفوا إشعال عين الحلوة. الاجتماع المعروفة توصياته مسبقاً، وعلى رأسها الوقف الفوري لإطلاق النار، عُقد على وقع أزيز الرصاص ودويّ القذائف على «جبهات» جبل الحليب وحطين والطيرة والصفصاف والرأس الأحمر والطوارئ ومجمع المدارس وصولاً إلى مدينة صيدا وجوارها. وكان جديد معارك اليوم الخامس من الجولة الثانية من اشتباك «فتح» – «الشباب المسلم»، دخول حي طيطبا وحارة السينما على خط المحاور.

بعد إخفاق مساعي الجيش ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني وحركة أمل والنائب أسامة سعد لتثبيت وقف إطلاق النار، بدا أن المصير نفسه ينتظر محاولة الأمن العام، قبل أن يصل إلى بيروت، أمس، «المشرف على الساحة اللبنانية» في «فتح» عزام الأحمد لمتابعة أحداث المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان. وعلمت «الأخبار» أن الأحمد الذي سيلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقيادات في الجيش والأمن العام لعرض وجهة نظر رام الله حول معركة الحركة ضد «الإسلاميين» في عين الحلوة. ووفق مصدر فلسطيني، «يحمل الأحمد رسالة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تنصّ على أن فتح لن تترك المخيمات ليعبث بها التكفيريون، وهي مستمرة في معركتها لاجتثاث الإرهاب التزاماً بواجبها تجاه أبناء الشعب الفلسطيني». كما تتضمّن رسالة أبو مازن تحذيراً من أن «الضغوط المستمرة من قبل الدولة على فتح لوقف القتال، قد تدفع الحركة إلى ترك المخيمات نهائياً، ولتتحمل الدولة اللبنانية وبقية الفصائل الفلسطينية مسؤولية تنامي الخلايا الإرهابية التي تهدد المخيمات وخارجها».
وقبل اجتماع الأمن العام، زار وفد من فتح قائد الجيش العماد جوزف عون. وبحسب مصادر متابعة، جاءت الزيارة بطلب من الحركة «لتطويق ذيول استهداف مركز للجيش في جبل الحليب أول من أمس بعدما أظهرت الفيديوهات أن القذائف أُطلقت من أحد مراكز فتح». ونقلت المصادر عن عون قوله لكل من السفير الفلسطيني أشرف دبور وأمين سر «فتح» فتحي أبو العردات، بحضور مدير المخابرات العميد طوني قهوجي، بأن «الدولة لن تعطي فتح مهلة جديدة بعد فشلها في تحقيق إنجاز بوجه الإسلاميين وتمدد المعارك إلى كلّ أرجاء المخيم بدلاً من حصر المعركة في الطوارئ حيث معقل التكفيريين». وكان عون حاسماً بأن على فتح «الالتزام بوقف إطلاق النار بعدما وصلت شظايا القتال إلى خارج عين الحلوة».

وكانت الفصائل الفلسطينية كافة لبّت دعوة البيسري للبحث في أحداث المخيم. وبعد غياب متكرر، حضرت القوى الإسلامية عبر إبراهيم السعدي (نجل أحد مؤسّسي «عصبة الأنصار »الإسلامية أبو محجن) الذي مثّل «العصبة» و«الحركة الإسلامية المجاهدة». الأهمية التي عُلّقت على اجتماع أمس دفعت تلك القوى إلى تعليق اعتكافها عن المشاركة في اجتماعات التنسيق بصفتها قناة التفاوض مع «الشباب المسلم»، احتجاجاً على إجراءات التضييق الأمني التي فرضها الجيش والأمن العام على قياداتها المطلوبين. ووفق مصادر مشاركة في الاجتماع، فإن البيسري «تحدّث بكلام عالي النبرة معبّراً عن حنق الدولة مما يجري في عين الحلوة ويؤثر على محيطه اللبناني. ولم يستثن من انتقاداته أياً من الفصائل، من فتح وحماس والعصبة، بسبب عجزها عن ضبط الأمور». وطالب بـ«وقف فوري لإطلاق النار وإلا سنلجأ إلى إجراءات عقابية تطاول المعنيين في الفصائل بسبب تخاذلهم في حفظ الأمن». وذكّر بـ«الصلاحيات الإدارية واللوجستية التي يملكها الأمن العام في الشأن الفلسطيني»، مؤكداً أن «الجيش يملك قوة تنفيذية لفرض الأمن، وهو جاهز لاستخدامها، والدولة لن تبقى متفرّجة على التفلّت الحاصل». ومن بين التوصيات، إضافة إلى وقف القتال، تقرّر تشكيل لجنة جديدة من فتح وحماس والعصبة لمراقبة تثبيت وقف إطلاق النار ولجنة أخرى لمتابعة تسليم المطلوبين.
كلام البيسري حرّك التوتر بين بعض الفصائل، ولا سيما فتح وحماس، إذ هاجم ممثل حماس فتح متهماً إياها بتدمير المخيم، فيما أشار ممثل فتح إلى أن الحركة «بادرت إلى تسليم المطلوبين وليس كما يفعل الإسلاميون في عين الحلوة الذين يتهربون من تسليم قتلة اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه».

هذا التوتر انعكس ميدانياً بعد الاجتماع اشتداداً للمعارك، بعدما وضعت فتح كل الإسلاميين، على اختلاف مشاربهم، في سلة واحدة. وبحسب معطيات فتح، فإن «جميع الإسلاميين باتوا يقاتلوننا على المكشوف وليس فقط بقايا فتح الإسلام وجند الشام: محمد جمعة (المعروف بأبو جنى) يقود مجموعة كتائب عبدالله عزام، وأبو العبد الطرابلسي يقود مجموعة الطرابلسيين الذين لجأوا إلى عين الحلوة مع شادي المولوي، وكذلك أنصار أحمد الأسير وبعض من يوالون النصرة وداعش، فضلاً عن مجموعات محمد العارفي وأسامة الشهابي ومحمود منصور وعبد حوراني، إضافة إلى القائد الأعلى لهم جميعاً، توفيق طه». يجد قادة فتح أن قوات الأمن الوطني الفلسطيني حقّقت إنجازاً ميدانياً «بأنها صمدت ولم تسمح للإسلاميين بتحقيق مكتسبات بالتقدم الميداني ولا سيما في حي الطيرة الذي يسعى بلال بدر لاستعادته بعد إخراجه منه عام 2017». فيما أصدرت حماس بياناً نفت فيه الاتهامات بدعمها للإسلاميين في وجه فتح.