/ محمد شقير /
توصّلت قوى المعارضة في لقاءاتها المتنقلة، التي شملت «التيار الوطني الحر» و«اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، إلى قاسم مشترك يكمن في تجديد تقاطعها على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، برغم أنها باقية على تباينها حيال الدعوة للحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتي قوبلت برفض من حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» وعدد من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير».
ورأت مصادر في المعارضة أن عدم تطرق مجلس المطارنة للحوار أدى إلى قطع الطريق على من يراهن بأن تمايز الراعي في موقفه عن المعارضة سيؤدي حتماً إلى التأسيس لخلاف بين بكركي ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع الذي تمكّن، باتصاله بالراعي، من تنفيس ما تولّد من احتقان، وهذا ما أوجد حالة من الارتياح عبّر عنها نواب «الكتائب» و«القوات» في اجتماعهم مع «اللقاء الديمقراطي» في حضور جنبلاط.
فاللقاء الذي بدأ بين رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل وتيمور جنبلاط، وتحول لاحقاً إلى لقاء موسع شارك فيه نواب يمثلون حزب «القوات» وكتلة «التجدد» وعدد من النواب التغييريين، تطرق إلى دعوة بري للحوار من موقع الاختلاف، كون اللقاء الديمقراطي يؤيده ولا يحبذ مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس أو تلك المتعلقة بتشريع الضرورة، من دون أن يؤدي خلافهم إلى تبدّل في خياراتهم الرئاسية التي ستكون حاضرة على طاولة الحوار في حال أن بري حسم أمره وحدد موعداً لانطلاقه.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن تيمور جنبلاط استهل الاجتماع، وهو الأول من نوعه، بين قوى المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» بقوله: إذا دعينا لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية سنبقى على موقفنا بترشيح أزعور.
ونقلت المصادر النيابية عن تيمور جنبلاط قوله: لن نتخلى عن ترشيحنا لأزعور بغياب أي تسوية تقضي بانتخاب رئيس لا يشكل تحدّياً لأي فريق ولديه القدرة على جمع اللبنانيين، لأن ليس من فريق قادر على إيصال مرشحه، وحتى إذا أوصله سيواجه صعوبة في إدارة شؤون البلد في ظل الانقسام العمودي.
وأكدت أن «اللقاء الديمقراطي» ليس في وارد تبديل موقفه لمصلحة رئيس ينتمي إلى فريق سياسي معين، في إشارة إلى عدم استعداد «اللقاء» لانتخاب رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، وهذا الموقف «سنسجله في حال تحديد موعد لبدء الحوار».
تنقية الأجواء
ولفتت إلى أن لقاء المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» أسهم في تنقية الأجواء، بصرف النظر عن التباين حيال الدعوة للحوار، وقالت إن جنبلاط الابن تمنى على المعارضة التعامل بأقل حدّة مع دعوة بري للحوار، وإن لا شيء يمنع من استيضاح عدد من الأمور ذات الصلة بالحوار وأبرزها: من يرعى الحوار، وإلى متى ستستمر جلساته؟ وهل هناك إمكانية لاختصارها طالما أن كل طرف باقٍ على مرشحه، ويمكن في هذه الحال الاكتفاء بتسجيل المواقف التي ستكون حاضرة في جلسات الانتخاب المتتالية ما لم نتفق على مرشح رئاسي توافقي.
وفي المقابل، رأى عدد من النواب، كما تقول المصادر نفسها، ألا شروط مسبقة على الحوار «ونحن من جهتنا لن نبدّل خياراتنا الرئاسية»، وهذا ما يفسر «استمرار تقاطعنا على دعم ترشيح أزعور». وجددوا رفضهم للحوار كمدخل لانتخاب الرئيس لأنه يُعتبر مخالفاً للدستور، أو حصر جدول أعماله بالبحث في كيفية إيصال فرنجية إلى رئاسة الجمهورية.
وسأل هؤلاء النواب ما إذا كانت الدعوة للحوار تأتي على خلفية البحث عن رئيس من خارج الاصطفاف السياسي؟ وهل لدى «حزب الله» استعداداً لملاقاتنا في منتصف الطريق؟ أم أنه ليس في وارد تسهيل انتخابه إلا إذا تأمّن العدد المطلوب من النواب لانتخاب فرنجية؟
ومع أن هؤلاء النواب لا يعترضون على الحوارات الثنائية لئلا يتحول الحوار إلى جمع العدد الأكبر من النواب، وندرك جيداً بأنه لن يحقق أي تقدّم.
لذلك فإن الحوار في حال انعقاده، كما يقول النواب، لن يؤدي إلى تبديل المواقف طالما أن مؤيدي أزعور، بصرف النظر عمّن يتخلّف عن المشاركة في الحوار، لن يبدّلوا موقفهم ولديهم قناعة بأن مرشحهم سيسجّل تقدّماً على منافسه فرنجية، لأن الرهان على النواب الوسطيين بتأييد الأخير قد لا يكون دقيقاً، إلا إذا أعادوا النظر في موقفهم بعدم الانخراط في الاصطفافات السياسية.
وعليه، فإن مجرد حصر المنافسة الرئاسية بفرنجية وأزعور قد لا يكون صائباً في ظل التأييد الإقليمي والدولي لقائد الجيش العماد جوزيف عون، رغم أنه لم يرشح نفسه، وهو التقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد.
فهل يأتي اجتماعهما لتقديم التعازي باستشهاد الضابطين؟ أم أنه يتجاوزه لتمرير رسالة إلى النائب جبران باسيل لحضّه على حسم أمره بالتوافق مع «حزب الله» بانضمامه إلى مؤيدي فرنجية؟ خصوصاً أن لا شائبة تشوب علاقة العماد عون بالثنائي الشيعي بعد أن دخلت مرحلة التطبيع الإيجابي، وهذا ما يُقلق باسيل الذي من أولوياته منعه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية.