زوار لبنان غادروه كل على وعد.. ولكننا “على الارض يا حكم”!

بين زيارتي المنسق الرئاسي الأميركي لأمن الطاقة والبنى التحتية الدولية آموس هوكستين ووزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان.
وفي انتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الشخصي جان ايف لودريان خلال الايام العشرة المقبلة ازدحمت الملفات لتبقى العبرة في النتائج.
فمسائل الحدود والطاقة كما الرئاسة الاولى استحوذت على عنواين الزيارتين الاميركية والايرانية.
فعبد اللهيان في ختام زيارته اليوم رفض أي تدخل خارجي من شأنه أن يؤثر بشكل أو بآخر على القرارات السياسية التي تتخذ من قبل النخب السياسية في لبنان فيما برز موقف لهوكستين الذي اختتم زيارته امس باشارته الى انه إذا كانت كل الجهات مستعدة للقيام بترسيم الحدود البرية فالادارة الاميركية ستكون على استعداد لدعم لبنان.

وتزامنا جاء تسجيل الاختراق الصريح للمبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري محددا سقف الحوار بسبعة ايام كحد أقصى تليها جلسات مفتوحة ومتتالية إلى أن نحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية قال الرئيس بري ليلاقيه نائبه الياس بو صعب من عين التينة بتأكيده ان البعض بدأ يعطي اشارات ايجابية والمبادرة اكثر من ايجابية.

فهل ستلاقي المعارضة الرئيس بري في منتصف الطريق ام تتشدد وهو ما بدا واضحا من خلال مواقف دعت رئيس المجلس للسهرعلى تطبيق الدستور كما هو.

أمميا لم يشكل قرار مجلس الامن الدولي التمديد لليونفيل سنة جديدة مفاجاة وسط المناخات التي سبقت انعقاد جلسة التمديد في نيويورك في وقت اعرب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن ترحيب لبنان باصدار مجلس الامن الدولي قرار التمديد بما يساهم في تعزيز الامن والاستقرار.

في بحر الأمل البشري الذي غمر بيروت بعشرات الألوف نقب الرئيس نبيه بري عن الإستحقاق السيادي الأول وبعد عام بالتمام والكمال على دعوته للحوار من على منبر الإمام الصدر نفسه جدد رئيس مجلس النواب الدعوة واضعا الإطار العملي لهذا الحوار:الزمان: شهر أيلول المشاركون: رؤساء وممثلو الكتل النيابية, اما المسار فهو لمدة حدها الاقصى سبعة أيام وبعدها يتم الذهاب نحو جلسات مفتوحة ومتتالية حتى يقضي الله امرا كان مفعولا ويتم انتخاب رئيس للجمهورية>

دعوة الرئيس بري لاقت صدى إيجابيا واسعا على المستوى الوطني… ولم يرفضها سوى من نعرتهم المسلة من فريق “الوشاة”… البارعين دوما في اختيار العنوان الخاطئ ولهم نقول مجددا “خيطوا بغير هالمسلة”>

والى عنوان التنقيب عن نفط البحر الجنوبي أكد كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في مقابلة خاصة وحصرية مع قناة NBN أكد أن انطلاقة الاستثمارات الاجنبية ستنعكس على الاقتصاد اللبناني من دون ان يتوقع حدوث اي مشكلات تتطلب تدخله مرة اخرى
ورأى هوكشتاين ردا على سؤال حول احتمالية لعبه اي دور في مسألة الحدود البرية انه لا يحمل اي طرح حول هذا الامر لكنه مستعد لهذه المهمة اذا طلبها لبنان>

هوكشتاين ضم صوته الى صوت لبنان في انتظار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن معلنا انه فقد صبره وان بلاده لا تزال تدعم هذا المطلب لكن ثمة اجراءات طالب بها البنك الدولي ليتمكن من توفير التمويل وعلى المعنيين تنفيذ الاصلاحات المتبقية. وحول الملف الرئاسي اكد هوكشتاين انه لا يتدخل في العمليه السياسية لكن واشنطن تدعو لانتخاب رئيس بسرعة معولا على دور رئيس المجلس النيابي الذي قال انه يتمتع بخبرة كبيرة ويعرف ما هو مسار الانتخاب>

من جانبه شدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمين عبد اللهيان قبيل مغادرته بيروت على رفض أي تدخل خارجي من شأنه أن يؤثر على القرارات السياسية التي تتخذ من قبل النخب السياسية اللبنانية وقال أن القادة السياسيين اللبنانيين يتمتعون بالحنكة والدراية اللازمتين التين تؤهلهما لإدارة الشؤون السياسية للبنان.

انها الكلمة الغامضة والسحرية في آن ، التي ستتردد كثيرا في المرحلة السياسية المقبلة . فالرئيس نبيه بري ، في كلمته التي ألقاها أمس في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه ، نجح في تحريك المياه الراكدة على صعيد الملف الرئاسي . لكن التحريك امر ، والنجاح امر آخر . اذ لا يبدو ، الى الان على الاقل ، ان المبادرة المرتكزة على حوار يمتد لسبعة ايام قبل البدء بجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس ، ستبصر النور حقا ..

فالقوات والكتائب وتجدد وبعض التغييريين المستقلين رفضوها ، واعتبروها التفافا على الدستور ، وهروبا من تطبيق احكامه ، التي لا تنص على حوار لانتخاب رئيس بل على اجراء دورات انتخابية متتالية حتى تصاعد الدخان الابيض من البرلمان . فهل يعني رفض قوى المعارضة لحوار بري ، ان المبادرة أجهضت قبل ان تولد ؟ وبالتالي كيف سيتصرف الرئيس بري ازاء الرفض ؟ هل يتجاوز مبادرته ويدعو مجلس النواب الى عقد جلسة لانتخاب رئيس ، ام يتحجج برفض المعارضة

فلا يدعو الى جلسة انتخابية ، فيطول الفراغ بحيث يصبح ملف الرئاسة الاولى مرتبطا كليا ونهائيا بالتطورات الكبيرة التي تحصل في المنطقة ؟
ومع الدعوة الى الحوار، انشغل الوسط السياسي بالزيارة التي قام بها وزير خارجية ايران الى لبنان، والتي لم تمتد لاكثر من اربع وعشرين ساعة. اللقاء الاهم لعبد اللهيان لم يكن لا مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ولا مع الرئيس بري، بل مع الامين العام لحزب الله، وهو اجتماع انعقد ليل امس.

وبمعزل عما تم التداول به في الاجتماع، لكن الثابت ان التهدئة هي عنوان المرحلة ايرانيا، ظاهرا على الاقل. فعبد اللهيان اكثر من الحديث في الاعلام عن تطور العلاقات مع السعودية، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني. كما اكثر من الحديث عن رفض ايران التدخل في شؤون لبنان واعتبار انتخاب الرئيس شأنا داخليا بحتا. في المقابل قال عبد اللهيان بوضوح ان ايران مستمرة في دعم محور المقاومة من اجل الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا.

كما اعلن من جهة ثانية انه يدعم اجراء حوار بين الفرقاء اللبنانيين من اجل انتخاب رئيس. فكيف يوفق عبد اللهيان بين عدم تدخله في الشؤون اللبنانية وبين اعلانه انه مع محور ضد فريق آخر؟ وكيف يوفق بين قوله ان الرئاسة شأن داخلي وبين انحيازه الى حوار يدعو اليه الرئيس بري وترفضه قوى المعارضة ؟ فهل هكذا تفسر عبارة عدم التدخل في القاموس الايراني؟.

في عيده الثالث بعد المئة، لبنان الكبير لم يكن غلطة.
فتأسيس الوطن اللبناني بحدوده الحاضرة، كانت له مرتكزات تاريخية وجغرافية، وانطلق من مطالبات داخلية عبرت عنها الوفود المتتالية الى مؤتمر الصلح في فرساي.

اما المشككون في شرعية الكيان، فلهم في صموده لأكثر من قرن، في مواجهة ظروف متقلبة في المحيط والعالم، خير جواب.
غير ان الأهم من السجال حول الماضي، النقاش في الحاضر والمستقبل. فلبنان اليوم، مهدد اكثر من اي وقت مضى، بفعل اخطار تحاصره من كل حدب وصوب.

فالأطماع الإسرائيلية لا تعرف حدودا، لا في البر ولا في البحر ولا في الجو، واستهداف نموذج العيش المشترك فيه لا يعرف الكلل ولا الملل، مهما تبدل اللاعبون، وتغير العابثون.
وخطر الارهاب التكفيري، جمر تحت الرماد، في لبنان والمحيط، تماما كالنوايا السيئة تجاه السيادة من هذا او ذاك من المتربصين.

اما التوطين، فلم يكن يوما فزاعة في ملف اللاجئين، ولا هو اليوم وهما في قضية النازحين، ذلك أنه يهدد لبنان بانهيار وجودي، كما وصفه امس جبران باسيل، في موازاة الانهيار المالي الذي سببه الفساد، الذي يجاريه مشرعون، ويهرب منه قضاة، ودفع ثمنه شعب.
في عيده الثالث بعد المئة، لبنان الكبير لم يكن غلطة.
فالغلطة، هي الابقاء على حكامه السيئين، الذين يتوارثون الكراسي منذ عقود، سواء بالقبلية، او بسلاح الميليشيات او بالمال.
الغلطة هي في نظام سياسي لا يطور نفسه بنفسه، فيؤدي كل بضع سنوات الى ازمة في الحد الادنى، او حرب في الحد الاقصى، فيما الحل الجذري مرفوض.

الغلطة هي في انعدام الرؤية وغياب التخطيط، والاصرار المرضي على التخبط في الازمات وتفادي الحلول.
حلول، لا يزال البعض ينتظرها من حوار داخلي شكلي، او من جلسات رئاسية متتالية بلا افق، او حتى من مسلسل مبادرات خارجية، آخر حلقاته اليوم، وعشية زيارة جان ايف لودريان الثالثة للبنان، رد مباشر من وزير الخارجية الايرانية على اتهامات الرئيس ايمانويل ماكرون لإيران، بالقول: فليهتم بشؤونه الداخلية.

أعطى أموس هوكشتاين نفحة إيجابية في ملف الترسيم البري، وربما تعمد إطلاق هذه الإيجابية عبر المنصة الإعلامية للرئيس نبيه بري، محطة “أن بي أن”، فأعلن أن ميزة ترسيم الحدود الدائمة هي في أنه سيتم تسوية كل شيء من الآن وصاعدا، ويمكن أن تتحرك الأمور بسلاسة.

يتابع هوكشتاين: إذا كانت الفرصة مؤاتية الآن لقضية الحدود البرية، وإذا كانت الجهات تريد ذلك ليس فقط في لبنان بل في إسرائيل، فهذا يعني أنه يتعين على الجميع الإستعداد للتفكير بطريقة مبتكرة وعملية”، مشددا على أنه “إذا كانت كل الجهات مستعدة للقيام بذلك، فإن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لدعم لبنان لتحقيق نتيجة أفضل”.

تفاؤل هوكشتاين لاقاه كلام هادئ لوزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان اثر لقائه الوزير عبد الله بوحبيب، فاعتبر أن موضوع إنتخاب رئيس للجمورية شأن داخلي والقادة اللبنانيون يمتلكون الكفاءة والحكمة اللازمة من أجل التوصل إلى إتفاق لحسم ملف إنتخاب الرئيس.

بين إيجابية هوكشتاين وهدوء عبد اللهيان، لماذا تبدو دعوة الرئيس بري إلى الحوار متعثرة؟ وأين تقع مبادرة لودريان، إذا كانت لا تزال موجودة؟

عربيا، تتواصل التظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد في الجنوب السوري، ومناطق شمال غربي سوريا، للجمعة الثانية على التوالي.

نظريا علق لبنان تياره على الشبكة الايرانية لكنه عمليا منقطع النظير في الكهرباء والرئاسة والخدمات وكل القطاعات المنتجة للحياة. زوار هذا البلد غادروه كل على وعد .. بحرا برا , في الطاقة بفرعيها على اليابسة واعماق البحار لكننا ” على الارض يا حكم” ولا نلوي سوى على دعوة حوار .

فمن الاميركي آموس هوكستين الى الايراني حسين امير عبد اللهيان واللذين لعبا على ارض لبنانية واحدة بتزامن مشترك .. كان لبنان في موقع المتفرج , وسلطته استمعت الى الطروحات لكنها لن تقرنها بالافعال وهي سترد على العرض الايراني الكهربائي بالامتناع وتجنب العقوبات وستعفي نفسها من خوض غمار التجربة على الرغم من ازمة التيار المتفاقمة وسيفضل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البقاء في ظلمة الوزير وليد فياض واشكالياته وحالته الخاصة وعقله المفتون بالتيار على ان يغامر في اي اتفاق مع ايران يضعه في دائرة العقويات واذا كان للمسؤولين اللبنانييين اسبابهم في الابتعاد عن اللسعة الكهربائية الواردة من ايران فإن لا اسباب ولا موجبات تمنعنهم من تنفيذ الاصلاحات التي يطلبها سائر زوار الغرب وليس آخرهم كبير مستشاري الطاقة اموس هوكستين.

وقبيل مغادرته بيروت اعتبر الموفد الاميركي انه ما من سبب يمنع لبنان من بناء اقتصاد جديد لكن القيام بذلك يحتاج الى حكم جيد وحكومة فعلية وشفافية وضوابط أفضل على الاقتصاد ولا بد من استئصال الفساد وتطبيق الاصلاحات والتعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي.
وارشادات هوكستين قدمها على محطة الا ان نبي ان للمرة الاولى وذلك بعد خلوة لافتة مع الرئيس نبيه بري دامت عشرين دقيقة وانتهت الى ” إتفاق إطار ” على ترسيم البر وشكلت الخلوة والاستقبال التلفزيوني اشارة واضحة من بري الى من اسماهم امس بالوشاة اللبنانيين في الخارج .
لكن ما يعني لبنان من اتفاق الاطار اثنان ان حدوده مرسمه منذ ثلاثينات القرن الماضي وان البر لا خلاف عليه داخليا .. وثروته بالارض ليست خاضعة اليوم لاي تحوير او عمليات تفاوض تكون اسرائيل هي الرابحة فيها ولو شبرا واحدا. اما دور اليونفل على هذه الارض فإيضا تم ترسميه في الامم المتحدة وإن بعدم الاخذ بالملاحظات والتحفظات اللبنانية.

وقد ابدت هذه القوات عبر المتحدث الرسمي باسمها اندريا تيننتي للجديد ان الطوارىء ستتعامل مع السيادة اللبنانية بشكل جدي وباحترام كامل وقال نحن هنا بناء على طلب الحكومة اللبنانية وسنحافظ دائما على سيادتها ودورياتنا ستبقى محصورة بالقرار 1701 وبالتنسيق مع الجيش اللبناني لكن لا يمكن القيام بجميع لدوريات بشكل مشترك . وفي الدوريات السياسية اقليما ذات الانعكاس على لبنان وتحديدا الايرانية السعودية منها اعلن وزير خارجية ايران من بيروت.

ان العلاقات ممتازة لكن الرياض وطهران اتفقتا على عدم التدخل في شؤون لبنان. ومن مقر السفارة الايرانية اطلق عبد اللهيان صاروخا بالستيا دبلوماسيا اصاب الاليزية ناصحا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعبارة ” اهتم بشؤون بلادك” وذلك ردا على الهجوم القوي الذي سدده ماكرون في مرمى ايران وتدخلاتها السياسية في لبنان . وسواء هاجمت فرنسا ايران او ردت طهران على باريس من بيروت .. فإن كل هذه المعارك تدور في الفراغ الرئاسي الطلق قبيل وصول جان ايف لودريان والذي سيثبت حالة الشغور.