وسط الجمود الحاصل في الملف الرئاسي وإثبات القوى السياسية فشلها في التوافق على انتخاب رئيس جمهورية ينتشل البلد من أزمته، بالإضافة إلى تسليم معظم الكتل النيابية الرافضة للحوار والإصغاء لصوت العقل بعجزها عن التفاهم بالحد الأدنى على حلّ يرضي مختلف الأطراف، وذلك من دون انتظار الخارج الذي يتصرف وفق أجندته الخاصة. وفي وقتٍ بدأ فيه الحديث عن اللامركزية الإدارية والمالية يلقى قبولأ لدى بعض القوى، وكأنَّ البلد في أفضل حال، ولا ينقصه إلاّ اجتهادات من هذا النوع، بغياب رأس الدولة والتشريعات اللازمة لإقرار هكذا قضايا دستورية تتطلب حواراً مسؤولاً يتعلّق بمسائل دستورية دقيقة، وأن تكون هرمية الدولة موجودة بكامل عدتها وعبادتها لتحقيق ذلك، لأنَّ أي “دعسة ناقصة” في هكذا أمور يمكن أن تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
ووسط هذه المراوحة، وصفت مصادر مراقبة للحراك الفرنسي والأميركي تجاه لبنان في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية زيارتي جان إيف لودريان وآموس هوكشتاين بالهامتين، وأملت أن تتمكن الجهات الرسمية والقوى السياسية الإستفادة منها، ما يعني أنَّ لبنان ما زال تحت المجهر الدولي لمساعدته على تخطّي أزماته وانتخاب رئيس جمهورية واستكمال ترسيم حدوده البرية والنقاط المتنازع عليها مع اسرائيل.
المصادر أفادت بأن لا تنسيق مسبق للزيارتين، لكن الإثنتين تهدفان إلى خلاصة واحدة تتمثل بمنع انهيار لبنان، وذلك عن طريق إعادة الحياة إلى مؤسساته الدستورية بدءاً بإنهاء الشغور في الرئاسة وبالتالي عودة الحياة الى المؤسسات وحلّ الأزمة الاقتصادية، وهو ما تساهم به عملية التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9.
وكشفت المصادر أن مضمون زيارة هوكشتاين تنطلق من أولويات ثلاث، إذ إنَّ الأولى تتمثّل بمتابعة أعمال التنقيب التي باشرت بها شركة توتال الفرنسية في البلوك 9، والثاني إمكانية انتقال أعمال الحفر إلى البلوكين 8 و10 وإمكانية تلزيم أعمال الحفر لإحدى الشركتين القطرية أو الإيطالية باعتبارهما الفائزتين بأعمال التنقيب إلى جانب توتال، وذلك من خلال استمرار التنقيب، أمّا الثالث، فهو الهدوء في الجنوب وعدم حصول ما يعكّر صفو الأمن في ظلّ الإتفاق على التمديد لليونيفيل في جنوب لبنان، وانتزاع وعد رسمي من الجهات المعنيّة بعدم التعرض لليونيفيل، ومنع تكرار ما حصل قبل أشهر.