طلال سلمان

…ورحل رفيق حنظلة 

(*) فيصل طالب

في 30 كانون الأول 2016، وإثر إعلان الصحافي الكبير طلال سلمان وقف إصدار جريدة “السفير”، كتبت:

لا اعتقد أن طموح “السفير” يوم أُطلقت في 26 آذار 1974 أن تكون “صوت الذين لا صوت لهم”، بمعنى الصوت البديل من الأصوات المقموعة والمخنوقة والمقهورة والمهجوسة بالحياة التي تليق بإنسان عربي يحاكي العصر بحراكه وتطلعاته، ويتمرّد على واقع الفقر والتخلّف والانكسار والهزيمة، بل بهدف أن تكون منبراً إعلاميّاً يتيح للذين لا صوت لهم أن يكون لهم صوت يجهرون به في وجه الركود والنكوص والتسليم بواقع الحال، فيخلخلون قواعد المقاربات السائدة، في استشراف رؤيوي لمستقبل عربي قابل لإعادة التشكيل بقوّة الدفع الحالمة والقلقة والمعترضة، وبحيوية الرؤيا المتطلعة إلى غد أفضل لا يأتي إلينا إلّا على صهوة التنمية المستدامة، واستثمار مواردنا وقدراتنا باتجاه تلبية حاجاتنا الموضوعية، وبالتناغم المطلوب مع التحديات المعاصرة التي تحيط بنا من كل حدب وصوب.

وها هي “السفير” تغادرنا، والصوت الصارخ في بريّة العالم العربي يختنق، من غير أن يصير للذين “لا صوت لهم” صوت، ولو كان همهمة أو وشوشة أو حتى ثرثرة أو غمغمة…! سوف يتلاشى ـ ولو إلى حين ـ الصهيل الواعد في دروب الصمت والوجوم الغريب، وستخفت حمحمة الفجر في فراغ البَكَم المحيّر والصَمَم الرهيب. لكنّ جواد “حنظلة” لمّا يزل في ساحة الوغى، لا ممعن هرباً ولا مستسلم، ما دام الحلم لا ينقطع، والوجع لم يرتحل، والقضية لمّا تزل تلحّ على الوجدان والذاكرة!

اليوم أغلقت “السفير” فعلاً أبوابها، لأنّ رفيق “حنظلة” رحل من غير وداع!

رحم الله من “لم يعرف مهنة له غير الحب”.

(*) المدير العام السابق للثقافة