يثير قرار بعض دول الخليج عرض فيلم “باربي” في السينما جدلًا واسعًا في مجتمعاتها المحافظة، بين منتقدين تحدثوا عن مساس بقيمهم الدينية والاجتماعية ومرحّبين مبتهجين وسط طفرة في اللون الزهريّ تجتاح الأزياء والإكسسوارات من وحي عالم هذه الدمى.
يُعرض الفيلم حاليًا في السعودية والإمارات والبحرين، التي سبق أن منعت عرض أفلام تتخللها مشاهد تشير إلى مجتمع الميم-عين، بينما منع الفيلم في الكويت.
وتلتقط نساء وفتيات ارتدينَ اللون الزهريّ وبعضهنّ حملنَ علب بوشار زهريّ اللون حلو المذاق، صورًا داخل مجسّم كبير يتوسط بهو السينما للترويج للفيلم، في إحدى دور السينما في مرسى دبي، ويُشبه العلبة التي توضع فيها الدمية على رفوف المتاجر.
“يهزّ الذكورية”
في بلادها التي تشهد منذ تولي الأمير محمد بن سلمان عام 2017 ولاية العهد، انفتاحًا اجتماعيًا شمل إعادة فتح دور السينما بعد إغلاق استمرّ عقودًا، يتمّ الترويج للفيلم بكثافة.
فقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات بعنوان “باربي السعودية”، تُظهر توزيع أزهار على نساء ارتدينَ عباءات تقليدية زهريّة خلال أول عرض للفيلم في الرياض.
وانتشرت عدوى باربي في كلّ مكان في دبي أيضًا، وصولًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل صور أهمّ معالم الإمارة إلى ما يشبه عالم باربي في منشورات تشاركها كثرٌ على شبكات التواصل.
كما جرى تداول فيديو مركّب يُظهر دمية عملاقة ثلاثية الأبعاد تخرج من علبتها إلى جانب برج خليفة، أطول مبنى في العالم.
وفي البلدين، طرح العديد من المطاعم أطباقًا ومشروبات مستوحاة من عالم باربي. كما خصّصت بعض متاجر الألبسة والأحذية والإكسسوارات زوايا خاصة بمنتجات باربي.
لكن كل هذه الطفرة لم تمنع الانتقادات.
ويتناول فيلم “باربي” استقلالية المرأة وعملها في مجالات تُعتبر حكرًا على الرجال. في عالم مثاليّ تحكمه “الباربيات”، لا يشغل الرجال مناصب مهمّة ويبدون تابعين لنساء متمكّنات يتمتّعنَ بجمال نموذجيّ. لكن سرعان ما يروق لكين المُغرم بباربي، مبدأ النظام الأبوي الذي اكتشفه في عالم البشر، ويقرّر تطبيقه في عالم الدمى، فيفشل.
“نسوية استعمارية وسطحية”
رغم أن الكثير من نقّاد الفنّ والسينما أعجبهم الفيلم، إلا أن بعضهم أعربوا عن خيبة أملهم.
ورأت الصحافية الكويتية شيخة البهاويد أن باربي “من أكثر الأفلام فشلًا، إذا ما كان أفشلها، في طرح الفكرة النسوية”، مشيرةً إلى أنه “يطرح نسويةً بيضاء واستعمارية وسطحية”.
وأوضحت أن “النسوية لا تقوم أبدًا على استبدال نظام أبوي بنظام أمومي، إنما أن تصل البشرية إلى نظام مبنيّ على المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.
في بلادها حيث مُنع عرض الفيلم بحجّة أنه “يخدش الآداب العامة”، شاهدت الصحافية الفيلم عبر مواقع إلكترونية غير مرخّصة.
وأضافت البهاويد: “مهما حاولت باربي أن تضع صبغة تمكين المرأة، ستبقى بحدّ ذاتها نموذجًا مخالفًا للفكر النسوي لأنّها صورة نمطية ولديها معايير جمال محددة، واللون الزهريّ الذي يرمز لها، يقسّم الأدوار الجندرية”.
“حرية “بحدود”
في البحرين، اعتبر الداعية الإسلامي حسن الحسيني على حسابه على إنستغرام الذي له مليون متابع، أن الفيلم يدعو إلى “الثورة ضد فكرة الزواج والأمومة”، ويُظهر الرجال “بلا رجولة” أو “مثل الوحوش”. وانتقد مشاركة ممثلة متحوّلة جنسيًا في الفيلم، داعيًا المسؤولين في البحرين إلى وقف عرضه.
وحظرت دول الخليج أخيراً فيلم “الرجل العنكبوت” الذي تضمّن مشهدًا يُظهر راية تدعم المتحوّلين جنسيًا. كما منعت الكويت عرض فيلم “توك تو مي”، علمًا أن ممثلًا متحولًا جنسيًا يشارك فيه، فيما عُرض في السعودية والإمارات.
وتناقل مستخدمون لشبكات التواصل صورةً معدّلة تُظهر الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد يرتديان بشتًا زهريًا، في منشور ساخر.
وعلى الرغم من سياسة الانفتاح التي ينتهجها الزعيمان، لا تزال النساء في بلديهما يواجهنَ قيودًا كثيرة.