أسبوع أمني بإمتياز.. وصواريخ “ثار الله” تصيب هدفها؟

شاشة تلفزيون لبنان لا تنطفئ  وإن مرت لبرهة بكبوة طفيفة. نعود ومعنا تعود الشاشة شاكرة جميع المهتمين والمتعاطفين والمتضامنين مع هذا الصرح العريق وطنيا ومجتمعيا وحتى وجدانيا. وكذلك تعود العجلة بعدما تم تعليق الإضراب لتتحقق البديهيات تباعا بما يتيح لهذا الصرح وأركانه وهم أولا العاملون فيه وله بما يتيح العمل والتطوير والعيش بالحد المقبول خصوصا في هذه الظروف القاهرة الصعبة التي يمر بها لبنان.

يحفل الاسبوع المقبل بسلسلة ملفات أبرزها التحضير لمغادرة بعثة لبنان الى الامم المتحدة برئاسة وزير الخارجية عبد الله بوحبيب  في 22-23 آب الجاري، من أجل مواكبة جلسات النقاش التي تسبق إصدار مجلس الأمن قرار التمديد لقوات اليونيفل في 31 آب الجاري.. البعثة استبقت موعد المغادرة بالتنسيق مع مندوبة لبنان بالوكالة في مجلس الأمن المستشارة جان مراد لتعديل بنود واردة في مسودة القرار الذي حصل لبنان على نسخة منه.

في الغضون تستمر بعض الاتصالات الداخلية في شأن مرحلة عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في ايلول في زيارة ثالثة للبنان حيث يستطلع آفاق وإمكانات الحوار الذي يعمل عليه على مسار الجهود لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية. أما الجاري بالنسبة الى الذي حصل في الكحالة فإن التحقيقات على مستويات عدة مستمرة وستتواصل الاسبوع المقبل…وكذلك يستمر على المستوى السياسي إطلاق المواقف المتقابلة والمختلفة من جميع الأفرقاء بما يحمل خشية من تأثير المواقف في شكل سلبي على موضوع الحوار.

اقتصاديا هناك اجتماعات وزارية وكذلك جلسة لمجلس الوزراء تتعلق بموضوعات عدة أبرزها مشروع الموازنة إضافة الى معالجات معيشية ومالية وضمنها ما يستحق للعاملين في تلفزيون لبنان العريق ووضع الأمور على السكة الصحيحة. وعلى مستوى البرلمان هناك جلسة تشريعية في جدولها مواد مهمة أولها الصندوق السيادي.

حكما نبدأ تفاصيل النشرة من المؤتمر الصحافي الذي انعقد  في تلة الخياط مباشرة بعد قرار تعليق الاضراب في التلفزيون.

 

حادثة الكحالة، وقبلها حادثة عين إبل، وقبلها معارك عين الحلوة، حجبت الضوء عن تطورات نوعية في المنطقة، من شأنها أن تحدث تأثيرا على لبنان الذي يشكل الحلقة الأضعف طالما قياديوه ينتظرون الخارج ولا يقدمون على مبادرة. فهناك حراك أميركي إيراني، وهناك تقارب سعودي فلسطيني، وهناك تصعيد لداعش في شرق سوريا، وإذا ابتعدنا قليلا، هناك انشغال فرنسي في النيجر، فيما لبنان منشغل بفيلم باربي.

لبنانيا، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استقبل وفدا من لجنة السياسة الخارجية والأمن في مجلس الشورى الاسلامي في إيران برئاسة مسؤول اللجنة الدكتور جلال زاده. يأتي اللقاء عشية خطاب للسيد نصرالله، بعد غد الاثنين.

حدث على المستوى السعودي – الفلسطيني. السلطة الفلسطينية تسلمت اليوم أوراق اعتماد سفير سعودي لديها، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر. ونشرت السفارة السعودية لدى الأردن، أن السفير السعودي لدى المملكة الأردنية، نايف بن بندر السديري، سلم نسخة من أوراق اعتماده سفيرا فوق العادة ومفوضا غير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما في مدينة القدس، إلى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية، مجدي الخالدي.

لبنان في هذه الأثناء يتجادل في فيلم باربي، وماذا يوجد في مستودعات بيروت. وزير الثقافة منشغل بفيلم باربي، واليوم قال في هذا الخصوص: “من يريد ان يفرض توجهاته على اللبنانيين كافة انطلاقا من قناعاته او ارضاء لاجندات خارجية مشبوهة، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار ان مثل هذا الاقتراح لا يمر إلا بعد تغيير إيماننا مسلمين ومسيحيين، وتبديل دستورنا اللبناني على نحو يجعله في حل من إحترام القيم الايمانية”. وتابع: “إذا نجحوا في تغيير ايماننا وتبديل دستورنا، ولن ينجحوا، عندها سوف نسعى لمساعدتهم على حضور جميع الأفلام التي يريدون، وسنساعدهم ايضا على سن ما يشتهون من قوانين مبيحة للشذوذ”.

الانشغال الثاني بمستودعات الأبنية، محافظ بيروت أعلن أنه “يطلب إلى جميع أصحاب وشاغلي المستودعات الكائنة في الطوابق السفلية من الأبنية القائمة ضمن نطاق مدينة بيروت، التصريح لدى البلدية عن ماهية البضائع والمواد المخزنة في المستودعات.

أما ماليا وقضائيا فانشغال بما تضمنه تقرير الفاريز أند مارسال بعدما نشر كاملا، بصفحاته الثلاثمئة، باللغة الانكليزية.

أما البداية فمن مجازفة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

 

أسبوع كان ساخنا أمنيا لكن لبنان تجاوز قطوعه عند كوع الكحالة وإن كان الثمن غاليا. أما الإتصالات والمساعي فلم تتوقف على خط احتواء ارتدادات تلك الهزة وتطويق ما أحدثته من احتقانات. أبرز تلك المساعي قادها الرئيس نبيه بري بعيدا من الإعلام فيما ظهر المزيد من أصوات العقل والحكمة الرافضة للفتنة والمحذرة من استسهال نبش خطاب الحرب.

وهنا برزت مواقف راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر خلال تشييع فادي بجاني في الكحالة ولا سيما قوله إن ما حصل مأساة وطنية يجب ألا تتكرر مهما كان السبب ودعوته إلى ضبط النفس ونبذ الفتنة ورفض التعصب المناطقي والحزبي والديني. وقد كانت هذه الرسالة للكنيسة مدار تقدير لدى المرجعيات الوطنية.

وفي هذا الإطار أجرى الرئيس نبيه بري اتصالا بالمطران عبد الساتر نوه خلاله بالمضمون الوطني لعظته شاكرا إياه على ما تضمنته العظة من حكمة. وفي السياق نفسه برز موقف للحزب التقدمي الإشتراكي عبر عنه رئيسه النائب تيمور جنبلاط بتشديده على ضرورة عدم السماح باستغلال أي حادث لإثارة الفتنة ونبش الماضي مؤكدا وجوب التلاقي مع كل موقف حكيم وعاقل وانتظار نتائج التحقيق ليبنى عليه من دون الطعن بالمؤسسات ولاسيما الجيش.

وإذا كان الأسبوع الحالي أمنيا بامتياز فإن الأسبوع الطالع يشهد موعدين بارزين لجلستين: الأولى حكومية يوم الأربعاء لمتابعة درس مشروع موازنة العام 2023 والثانية تشريعية يوم الخميس لمناقشة وإقرار عدد من البنود الحيوية يتقدمها موضوع الصندوق السيادي لعائدات الثروة النفطية. وفي الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة التشريعية تتواصل التحضيرات والإتصالات وخصوصا على خط بلورة مواقف الكتل النيابية بشأن حضور الجلسة أو مقاطعتها.

 

فلنوضح الامور مرة واحدة ونهائية. فالاتهامات كثيرة بحق ال “ام تي في” من  إعلام حزب الله وجميع الدائرين في فلكه. الحزب الهيون متوترون، محاصرون، يشعرون بأن الزمن لم يعد زمنهم. والناس ملت منهم ومن شعاراتهم ، ومعظم المجموعات اللبنانية لم تعد بيئة حاضنة لهم. لذا كان لا بد لهم ان يفشوا خلقهم بأحد، فاعتقدوا ان بامكانهم ان يفشوا خلقهم بال “ام تي في”. لكن فاتهم ان ال “ام تي في” ليست مكسر عصا لأحد، وانها تفش خلق الناس ولا يمكن لاحد ان يفش خلقه بها. اتهمنا السيد حسن نصر الله في 3 آب بالخبث واللؤم ، وذلك على خلفية موقفنا من تفجير المرفأ. فماذا يريدنا السيد حسن ان نفعل؟ ان نسكت عن جريمة دمرت نصف العاصمة، وقتلت اكثر من 230 ضحية واوقعت الاف الجرحى؟  هل يريدنا ان نسكت عن اقتحام الحاج وفيق صفا العدلية وتهديده القضاة حتى لا يكملوا تحقيقهم في جريمة العصر؟ هل يريدنا ان نسكت عن  حزب لا هم له سوى اغتيال الحقيقة ونحر العدالة ، بدءا من جريمة اغتيال رفيق الحريري وصولا الى اغتيال نصف العاصمة ؟ اذا كان هذا هدفه، فاننا نقول له: اخطأت يا سيد حسن بالعنوان. فنحن لن نسكت مهما اتهمنا باطلا، فالحقيقة البيضاء تبقى اقوى من كل الاتهامات السوداء!

وقد تكرر الامر في حادثة الكحالة. فالاعلام الاصفر عاود اتهاماته لنا معتبرا اننا سبب الفتنة. فهل نحن من يستقدم الذخائر لغايات وغايات ام الحزب؟ وهل نحن من  بدأ باطلاق النار في الكحالة أم عناصر الحزب؟ و هل نحن من قتل فادي بجاني ام عناصر الحزب؟ فالفتنة  ليس مصدرها من يستعمل سلاح الكلمة دفاعا عن شرعية الدولة ووحدانية السلطة، بل مصدرها الثابت والاكيد من يستعمل السلاح لإرهاب الناس وترويعهم، بدءا من بيروت، مرورا بخلدة وشويا والطيونة وعين الرمانة ، وصولا الى الكحالة. ولتكتمل فصول الرواية المضحكة- المبكية يطلع علينا وزير الثقافة محمد المرتضى بتغريدات تمتلىء بالتحريض. فهل المرتضى هو وزير ثقافة  في الحكومة اللبنانية  ام وزير ثقافة عند حزب الله؟ هو يتهم الناس بالعمالة ويتحدث عن اذناب لاسرائيل ويمجد كل ما له صلة بحزب الله ويخون كل الخصوم. فهل هذا هو مفهوم الثقافة عند المرتضى؟ ان يلغي الاخر معنويا ويلقي الاتهامات جزافا ، وان يعتبر ان فريقه السياسي فقط على حق، وان الاخرين على ضلال؟ فكيف كان المرتضى قاضيا، وهو بعيد عن الموضوعية الى هذا الحد ؟ وكيف صار وزير ثقافة وهو لا يتقبل الاخر ، حتى انتهى به الامر الى  محاربة “باربي” بشراسة ! فبؤس هكذا ثقافة، وبؤس هكذا وزراء!

 

ودعت الكحالة امس شهيدها، وقبلها الضاحية الجنوبية، لكن لبنان لن يودع عهد المآسي الوطنية، طالما يستمر الهرب الى الامام من مواجهة الازمات الوطنية في جوهرها، من خلال مقاربة ثلاثة عناوين كان الرئيس العماد ميشال عون حددها خلال ولايته الرئاسية، داعيا الى التفاهم حولها، من دون ان يتجرأ احد يومها على تلبية النداء.
اول العناوين، استراتيجية الدفاع الوطني، التي تحدثت عنها وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله عام 2006، وتبنتها كل طاولات الحوار الوطني بعدها، بلا نتيجة حتى الآن.

اما العنوان الثاني، فاستكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني التي ارتضاها الجميع منذ عام 2005، فيما تبقى بنود كثيرة فيها حبرا على ورق، بدءا باللامركزية الادارية الموسعة.

ويبقى العنوان الثالث، وضع تصور واضح للخروج من الازمة الاقتصادية والمالية، حتى لا يبقى التخبط سيد الموقف، والعشوائية نهجا وثقافة، ناهيك عن الفساد الذي بدأت تتكشف بعض تفاصيله مع صدور التقرير الخاص بالتدقيق الجنائي ونشره.

وفي انتظار الإقدام على البحث عن حلول جدية، سيبقى المتهورون يحرضون، والخبثاء يستثمرون بالدم. سيبقى بعض الاعلام يتسبب بالفتن، وبعض رواد مواقع التواصل يبثون الاحقاد. وسيبقى في كل مدينة وبلدة وقرية وشارع في لبنان، فادي بجاني جديد ينتظر الاستشهاد في سبيل قضية باعها الآخرون منذ زمن طويل ويتاجرون بدماء شهدائها اليوم.

 

منذ كشفها عبر شاشة المنار اصابت منظومة “ثار الله” الصاروخية هدفها.. وهي الحاضرة في الميدان منذ العام الفين وخمسة عشر، والمعروفة عند الجيش العبري، الا ان كشفها للمجتمع الصهيوني زاد من خيبته واهتزاز ثقته، وهو العارف والمتلمس تآكل قوة الردع لدى كيانه.

وبالتوازي مع مشاهد مناورة هذا السلاح المضاد للدروع، كان الكلام الصريح لرئيس شعبة الاستخبارات الصهيونية سابقا – عاموس يدلين – معتبرا أن التهديد العسكري الاساسي اليوم هو حزب الله، الذي عزز قوته بشكل كبير جدا،وزادها عن الالفين وستة بعناصر قوة ثلاثة: هي الصواريخ الدقيقة والدفاع الجوي وقوة الرضوان التي ستحتل مستوطنات في الجليل.

وان كان واقعهم جللا مما يعرفون من قدرات فكيف بالمستور عن هؤلاء، وان كان ثار الله منظومة موجودة في الميدان منذ العام الفين وخمسة عشر كما اظهرت مشاهد الاعلام الحربي للمقاومة، فكيف بما هو موجود عام الفين وثلاثة وعشرين. وكلما تحسس الصهاينة خطرا وجوديا، اوجدت المقاومة ما يزيد ارباكهم، وحددت بوصلتها وصواريخها وكل سلاحها وشبابها واهتمامها نحو هذا العدو الوحيد الذي تعد كل العدة لمواجهته، ولن يمنعها شيء عن ذلك.

وكذلك كان الحال منذ الطلقة الاولى الى كل محطات الجهاد، ومنها ايام انتصار تموز الذي نعيش ذكراه في هذه الايام، وستتوجه اطلالة الاثنين لسماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله… أما ما جرى في اربعاء الكحالة فان القوى الامنية والجهات القضائية مدعوة لمحاسبة ومعاقبة المفتنين وفق ما دعا إليه نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال للمنار إن ما حصل كان محاولة لاحداث فتنة على مستوى البلد.