شاحنة الكحالة.. صدفة أم “إصرار وترصّد”؟

| خلود شحادة |

لم يعد الأمر خافياً على أحد، بل أصبح واضحاً وضوح الشمس محاولات جرّ الشارع إلى فتنة مقصودة.

نفس طويل يتنشّقه “عرابو الفتنة” اللبنانية، من شويا إلى خلدة مروراً بالطيونة الدموية، وليس انتهاءً بما جرى بالكحّالة، والمحاولات ستبقى مستمرّة حتى تحقيق الهدف المنشود.

وفي اتجاه آخر، تذهب التحليلات إلى القول أن المنشود ليس حرباً أهلية، تعيدنا بالذاكرة إلى متاريس رملية وروائح البارود، وبدلات زيتية وغيرها، بل إنّها حرب باردة لديها هدفان:

ـ توتير الشارع اللبناني، حتى يبقى يتأرجح على المهوار، ليكون “السلم الأهلي” ورقة رابحة لفرض الخيارات الاقليمية على الداخل اللبناني، وملف رئاسة الجمهورية واحد من أولوياتها.

ـ زعزعة البيئة الشعبية الحاضنة للمقاومة، و”تقليب” الشارع المسيحي ضدها، خاصة بعد الخلافات التي طفت على السطح بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، ثم محاولات إصلاح العلاقة بينهما وترميم “تفاهم مار مخايل”.
البعض يربط ما جرى في الكحالة، بحادثة اغتيال المسؤول القواتي السابق في بلدة عين إبل الجنوبية، أنها “رد” مباشر وفوري على “المتهمين” باغتيال الياس الحصروني.

رغم تضارب الروايات التي أدلى بها سكان المنطقة، ومسؤولو “القوات” اللبنانية و”الكتائب”، بمحاولة لتمييع ما جرى لصالحهم، واتهام عناصر “حزب الله” أنهم هم من أطلقوا النار، في الوقت الذي كان الشبان الذين اقتربوا من الشاحنة يرمونهم بالورود! إلا أن المقاطع المصورة التي انتشرت، من قبل “سكان المنطقة” عينهم، أظهرت كيف جرى تبادل إطلاق النار، وليس هجوماً مسلحاً من قبل عناصر “حزب الله”، وهذا ما نتج عنه سقوط ضحية لكل طرف.
ما الغريب أن تمر شاحنة لـ”حزب الله” محملة بالأسلحة، المرخّصة ببيان وزاري وقّع عليه وزراء من كل الأطراف اللبنانية؟

طريق دولية، توصل البقاع بالجنوب، الذي يعتبر معقل دور المقاومة لوقوعه شمال فلسطين المحتلة، وعلى تماس مع العدو الصهيوني الذي يكفل الدستور اللبناني محاربته، لِمَ حالة الصدمة والذهول من أمر يعتبر بديهياً جداً؟

الملفت في الأمر، أنّ رُواد هذه الطريق، يعلمون جيداً أن عدد الشاحنات التي تمر هناك يكاد يوازي عدد السيارات، وحادثة انقلاب شاحنة ليست الأولى، وهذا أمر مرجّح، ولكن لِمَ حصل كل هذا الهرج والمرج بعد وقوعها؟
هل كان “الطرف الآخر” على علم بمرور هذه الشاحنة في هذا الوقت بالذات؟ وهل كل ما جرى محضّر له عن سبق إصرار وترصّد، وكانت الأسلحة في المنطقة “ملقّمة” لجرّ الشارع نحو حرب مسلحة؟ أم أن ما جرى كان محض صدفة، ويتلخّص بأنهم استشعروا أنها تابعة للحزب، وجرى ما جرى؟
حتماً لا تحقيقات ستُظهر واقع ما جرى، وستُضاف هذه الحادثة إلى صفحات كتاب التاريخ اللبناني الحافل بـ”الأكشن” على طرقاته.