| زينة أرزوني |
تحذيرات السفارات أبعد من لبنان.. فلا داعي للهلع أمنياً!
الواضح أن هجمة البيانات التحذيرية، والاستياء الكويتي من تعبير “شخطة قلم”، التي قالها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال امين سلام في معرض دعوته الكويت لإعادة إعمار أهراءات القمح، يُمهد لرفع الغطاء العربي عن لبنان والقول إنهم لن يقدموا مساعدات ودعم للبنان في حال عدم انتخاب رئيس، إضافة إلى ضرب السياحة التي باتت آخر منفذ للبنانيين لتأمين الأموال، ودوران عجلته الاقتصادية المتوقفة منذ الأزمة. وثمة من يقول إن السعودية، وخلال الاجتماع الخماسي في الدوحة، كانت دعت الى إصدار قرارات بمنع السفر الى لبنان.
من هنا يمكن وضع “هجمة التحذيرات الدبلوماسية ” في خانة الضغط على لبنان لتحريك الملف الرئاسي قبل أيلول، الموعد الذي ضربه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان للعودة الى لبنان وإجراء حوار بين السياسيين، واختيار رئيس بالمواصفات التي حددتها دول اللجنة الخماسية.
تحذير السفارة السعودية لمواطنيها، قبيل منتصف الليل، بضرورة مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، وتجنب المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، من دون أن تذكر تلك المناطق، أثار الرعب في نفوس اللبنانيين، خصوصاً أن التحذير جاء على جنح الظلام وبعد مرور أسبوع على الاشتباكات في مخيم عين الحلوة.
أما كلمة مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، أوحت للبنانيين أنهم سيستفيقون على تفجير أمني ضخم، أو أن مسلسل الاغتيالات سيعود إلى لبنان. وعلى الرغم من السعودية عادت وأكدت ان البيان دوري وروتيني، إلا ان هذا التبرير لم يقنع اللبنانيين.
التقاطع بين تحذيرات السفارات، بدءاً من السعودية فالكويت والبحرين وقطر والمانيا، يشي بأن اتفاقاً مسبقاً جرى بين البعثات الدبلوماسية لإصدارها في التوقيت نفسه ليكون صداها أقوى وأشد على الموسم السياحي، فمن المعروف أن أعداد السياح العرب، وتحديداً السعودية، تراجعت منذ سنوات بعد قرار منع رعاياها من السفر إلى بيروت، ولبنان يعتمد حالياً في سياحته على المغتربين من أبنائه بالدرجة الأولى، وعلى الأشقاء العراقيين والمصريين بالدرجة الثانية.
لماذا هذا التهويل على اللبنانيين؟
من يوسع دائرة المنظار، يرى أن التحذيرات السعودية لا يمكن فصلها عن التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة، ويتضح له أنها جاءت تزامناً مع التصعيد الأميركي تجاه لبنان، عبر لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، والتي طالبت في رسالتها الرئيس الأميركي جو بايدن باستخدام الإدارة الأميركية كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة لتقديم مصالح واشنطن وإلا سيسقط لبنان في قبضة إيران. ولم تكتفِ اللجنة بذلك، بل دعت إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورحبت الرسالة بالأصوات الصادرة من أوروبا والتي تدعو أيضاً إلى فرض عقوبات على مُعرقلي انتخاب الرئيس.
التقاطع بين الموقفين السعودي والاميركي يأتي بعد عودة العلاقات بين البلدين إلى مجاريها، وحصول السعودية على عرض ببناء مشروع نووي سلمي، والذهاب إلى اتفاقية دفاعية أمنية وعسكرية مدتها 45 سنة، مقابل تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
وقد جاءت ترجمة عودة العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، بتأجيل الرياض فتح سفارتها في طهران إلى موعد “تجده مناسباً”، كما أن أجواء التفاهمات التي سادت المنطقة مؤخراً، تبددت، والحماسة العربية لعودة العلاقات مع دمشق تراجعت.
وانطلاقاً من هذا، يبدو أن الضغوط الاميركية والسعودية والعربية ستزداد على لبنان هذا الشهر، للوصول إلى شهر أيلول، والجلوس إلى طاولة حوار يحددها لودريان، والخروج برئيس للجمهورية وفق مواصفات اللجنة الخماسية.