ما هي خلفيات “التعميم 161”.. ومن أين جاء مصرف لبنان بالدولارات؟

/ محمد حمية /

تتوالى التعاميم المصرفية “غُب الطلب” التي يصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، محدثة تقلبات بأسواق الصرف تُضاف إلى الإرباك والفوضى الذي يعيشه “الدولار” في السوق السوداء، وأسواق المحروقات والسلع الاستهلاكية.

لكن التعميم الأخير 161 خطف الأضواء لما خلفه من نتائج سريعة، لجهة تهاوي سعر صرف الدولار من 33 ألف ليرة الى ما دون الـ27 ألفاً خلال يوم واحد! ما ترك تساؤلات عدة حيّرت الخبراء الماليين والمصرفيين، الذين انشغلوا بتحليل الأسباب التي تقف خلف صدور هذا التعميم وتداعياته ومدى استمراريته.. فيما خيّمت حالة من الإرباك والقلق على المواطنين الذين يشكلون الحلقة الأضعف في “سوق المضاربات” المالية والسياسية.

الحاكم سلامة​ أكد أمس لوكالة “رويترز” أن “التعميم 161، يهدف الى تقليص حجم الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية المتداولة، وعملية تقليص الأوراق النقدية بالليرة، ستكون بين ​البنك المركزي​ والبنوك التجارية”، كاشفاً أنّ “مصرف لبنان مستمرّ بتنفيذ هذا القرار”.

لكن هل يصّمُد هذا التعميم و”مفاعيله الإيجابية”، لجهة لجم سعر الصرف أمام “جنون” الدولار ومساره العام التصاعدي؟

من أين جاء سلامة بالدولارات؟

خبراء اقتصاديون ومصرفيون يشككون بقدرة مصرف لبنان على الاستمرار بهذا التعميم وضخ المزيد من الدولارات، من دون أن يؤثر سلباً على احتياطاته النقدية. ويشيرون لموقع “الجريدة” إلى أنه “عندما يتوقف المصرف عن ضخ الدولار، سيعود سعر الدولار للارتفاع مجدداً الى ما فوق الثلاثين ألفاً وأكثر”، ويحذّر الخبراء من أن الدولارات التي ضُخت في السوق، لن يستفيد منها الا المصارف والمضاربون والصرافون والتجار، متسائلين: “من أين جاء سلامة بهذه الكميات من الدولارات، وهو الذي كان يتذرع بأنه لم تعد لديه أموال للاستمرار بسياسة الدعم للمواد الغذائية والمحروقات، وحتى للأدوية والمواد الطبية وأدوية الأمراض المستعصية؟! وكيف ستُنفق المصارف هذه الدولارات؟ وهل يستفيد منها المودعون، أم ستدخل في عمليات المضاربة في الأسواق السوداء؟

بعاصيري: حلّ مؤقت.. وغير كافٍ

نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري، يوضح لموقع “الجريدة”، أن “مصرف لبنان يتوخى بتعميمه امتصاص السيولة بالليرة اللبنانية، لقاء ضخ الدولار في سوق القطع عن طريق “منصة صيرفة”، وبالتالي يتمكن مصرف لبنان من التحكم بسوق القطع على حساب الصيارفة أو السوق السوداء”.

لكن، هل لهذا الاجراء صفة الاستمرارية؟ يجيب بعاصيري: “هذا يتطلب توفر الدولار لمصرف لبنان بشكل مستمر”. ويضيف: “في الحدّ الأدنى يمثل هذا الاجراء حلًا مؤقتًا بانتظار الحل الجذري، السياسي والاقتصادي”. ويبدي بعاصيري اعتقاده بأن “مصرف لبنان يعمل جاهدًا على التخفيف من الازمة، ولكن هذا غير كاف، وخصوصاً في ظل الشك في القدرة على استدامة هذا الاجراء في غياب الحلول الجذرية للأزمة التي نمر بها”.

غبريل: يجب أن تقترن الخطوة بإصلاحات وقرارات 

في سياق ذلك، يشير كبير المستشارين في بنك بيبلوس، الخبير المصرفي نسيب غبريل، الى أن “أسباب ارتفاع الدولار يعود الى غياب الاجراءات الاصلاحية، واستمرار الشلل السياسي والمؤسساتي، وعدم انعقاد الحكومة، وشح السيولة بالدولار، والتصعيد في الخطاب السياسي، ما يعطي مجالاً للمضاربين والصرافين غير الشرعيين للتحكم بسعر الصرف في السوق الموازي”.

ويوضح غبريل  لـ”الجريدة” أن “إجراءات مصرف لبنان، لا سيما التعميم الأخير، تهدف الى لجم تدهور سعر الصرف في السوق الموازي، ولكنها مؤقتة، وموضعية، ولا يدّعي مصرف لبنان ان هذا هو الحل، بل لكسب الوقت لحين انتهاء وضع خطة التعافي، وازالة العقبات امام انعقاد مجلس الوزراء”.

ويرى غبريل أن “هذه الإجراءات يجب أن تقترن بإصلاحات، وقرارات من السلطة التنفيذية، على الاقل الإفراج عن مجلس الوزراء ليستطيع مناقشة وإقرار خطة التعافي الاقتصادي، وطرح رؤية اقتصادية، وبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.