| خاص “الجريدة” |
لا يُحسد الدكتور وسيم منصوري، على توليه منصب حاكم المصرف المركزي في لبنان. القضية هنا بالفعل عبء كبير أُلقي على أكتاف الحاكم الجديد الذي يرث واقعاً مالياً ونقدياً مأساوياً. بالتالي، من الظلم تحميل وسيم منصوري تبعات لحظة الارتطام المتوقعة، والتي كان يتم تأجيل حصولها ببعض المكابح المؤقتة، والتي استنفدت قدرتها على منع الاصطدام.
يأتي وسيم منصوري من داخل مصرف لبنان بعد ثلاث سنوات من تعيينه من حكومة الرئيس حسان دياب نائباً أول للحاكم (11 حزيران 2020)، ولذلك فإنه يفترض أن يكون قد أمسك ببعض خيوط الأزمة، على الرغم من أن الحاكم السابق رياض سلامة كان يحصر معظم الأسرار المالية بنفسه، ولا يعطي نوابه إلا النذر اليسير من المعطيات.
لكن عارفي وسيم منصوري، يراهنون على كفاءة الرجل وحنكته، وقدرته على التعامل مع الأزمة، خصوصاً بعد الحزم الذي ظهر في موقفه خلال التفاوض مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بشأن عدم صرف أي مبلغ إلا بقانون، ثم في المؤتمر الصحافي الذي بدا فيه أنه يمتلك رؤية واضحة، وأنه يعلم جيداً حجم الأزمة، وأنه لم يغرّه منصب الحاكم، على العكس فإنه بدا يتهيّب المهمة التي ألقيت على عاتقه.
هل يستطيع وسيم منصوري عبور المرحلة الانتقالية التي قد تمتد شهوراً، بنجاح؟ أو بأقل قدر ممكن من الخسائر، وهو الآتي من عالم القانون على عالم المال والأرقام؟
لا شك أن الرجل هو اليوم “انتحاري” في مصرف لبنان، في ظل أزمة عميقة جداً تعصف بالمصرف والمصارف وأموال الناس والليرة والسلطة السياسية ورئاسة الجمهورية.. وكل البلد! لكن منصوري أدرك أنه لا يمتلك هامشاً واسعاً من الخيارات، وهو محكوم بأن يتولّى تركة ثقيلة جداً، ولو لفترة مؤقتة، يحاول فيها تخفيف قوة السقوط وتداعياتها.
إلى حدّ ما، تشبه صورة وسيم منصوري حاكم المصرف المركزي الراحل إدمون نعيم الذي جاء أيضاً إلى مصرف لبنان من عالم القانون، في مرحلة تشبه اليوم على مستوى الانهيار المالي، وذلك من عام 1985 إلى عام 1991، وحافظ على ودائع الناس في المصارف برفضه الدائم إقراض الدولة بمختلف وزاراتها.
وكان منصوري قد سارع، قبل نهاية ولاية سلامة بأسابيع، لزيارة واشنطن والاجتماع بمسؤولين أميركيين للتعارف ومتابعة العلاقة القائمة بين “مصرف لبنان” و”الاحتياطي الفيدرالي الأميركي” (المصرف المركزي الأميركي).
وذكر دبلوماسي لـ”رويترز” في إفادة عن الزيارة أن الاجتماع “طمأن” المسؤولين الأميركيين، كما أكد مسؤول بالسفارة الأميركية في بيروت أن منصوري عقد “اجتماعات مثمرة مع نظرائه” في واشنطن.
ووفق المعلومات، بات منصوري على اطلاع بآلية التواصل المباشر مع “الاحتياطي الفدرالي” في أميركا والخطوط الحمر بالنسبة إلى العمليات المالية الخطيرة الواجب الإبلاغ عنها وإيقافها، لا سيما تلك المرتبطة بالمنظمات المصنفة إرهابية بالنسبة إلى الولايات المتحدة أو الأشخاص المدرجين على قوائم العقوبات.