| علاء حسن |
لم يتفاجأ المراقبون من اندلاع الإشتباكات داخل مخيم عين الحلوة في صيدا، بقدر مفاجأتهم من زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، التابع للسلطة في رام الله، ماجد فرج، الأسبوع الماضي، يرافقه القيادي في قوات الأمن الفلسطينية اللواء نضال أبو دخان، رغم أنه لم يتوقع أحد سرعة الانفجار في المخيم الأبرز، ومدى سعة انتشار الرقعة الجغرافية للاشتباكات، ولا حجم الاسلحة المستخدمة فيها.
وفي هذا السياق، يشير المراقبون إلى أن فرج الذي لم يترك الرئيس محمود عباس في زياراته الخارجية مطلقاً، كسر القاعدة هذه المرة وجاء إلى لبنان الأسبوع الماضي، في الوقت الذي كان فيه أبو مازن في تركيا، والتي التقى فيها وفداً من حركة “حماس” فيها بالإضافة إلى الزيارة الرسمية.
وعليه، كان من الواضح أن زيارة فرج تحمل في جعبتها ملفات، غير تلك المعلنة التي عمل عليها مع الجهات المختلفة، وأبرز هذه الملفات هي توحيد “فتح” في المخيمات، وإعادة السلطة الفعلية لها، بالتنسيق مع جهات لبنانية وخارجية. والأهم من ذلك، الضغط على حركات المقاومة الفلسطينية من أجل تخفيف العمل العسكري في الضفة الغربية، الأمر الذي يفسر الكثير من الاتصالات واللقاءات التي تجري في الأيام الأخيرة في المنطقة، والتي كان آخرها زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل موريلا إلى حدود قطاع غزة وشمال سيناء، والتي انتهت صباح الاثنين 31 تموز.
إلى ذلك، وبصرف النظر عن التفاصيل الميدانية لما يجري في مخيم عين الحلوة، فإنه يبدو أن للأمر مجموعة أهداف تسعى السلطة لتحقيقها من خلال الفتنة التي أثيرت، أولها بسط سيطرتها من جديد على المخيم، وبالتالي، إذا تحقق، تتدحرج الكرة إلى باقي المخيمات، على الرغم من أن تحقيق هذا الهدف مستبعد من الناحية العسكرية، نتيجةً لضعف “فتح” في السنوات الأخيرة، وصعود الإسلاميين، في الوقت ذاته، خصوصاً من شارك في الحرب السورية واكتسب مهارات قتالية، بالإضافة إلى وجود حركات المقاومة مثل “حماس” و”الجهاد”، الأمر الذي يجعل سيطرة “فتح” على المخيم أمراً غاية في الصعوبة. ولكن يبدو أنه لما كان الأمر له أهداف موازية، فإن العقل المدبر لما حصل يرى أنه لا ضير في عدم تحقق واحد من الأهداف.
الهدف الثاني هو خلط الأوراق للاستفادة منها في اجتماع الأمناء العامين، وما سينتج عنه من قرارات وتوصيات تؤسس للمرحلة المقبلة بالنسبة للقضية الفلسطينية، الأمر الذي وجده المراقبون لعباً بالنار قد ينتج عنه نتائج عكسية ربما.
الهدف الثالث والأهم، هو المعرفة المسبقة لقيادة السلطة أن مجرد التفاوض والتمنّي على قيادات المقاومة لثنيها عن التصعيد في الضفة، لن يؤتي بنتائج ترضي الجانبين الأميركي والإسرائيلي. ولذا، يبدو أن ما يجري في مخيم عين الحلوة رسالة إلى فصائل المقاومة مفادها أن اللعب بورقة الضفة سينتج عنه لعب في بقع جغرافية أخرى وأولها لبنان، وبالتالي لن تهدأ الأمور في المخيم، ولن يوقف أحد تدحرج الكرة إلى باقي المخيمات، ما لم تعمل فصائل المقاومة على خفض مستوى التصعيد القائم في الضفة الغربية.
وتشير معلومات في هذا السياق، أن هناك ضوءاً أخضر أميركياً لهذه الفتنة القائمة ويشكل غطاءً لها، ما يعني أن الجيش اللبناني لن يقوم بحسم المعركة لوقف إطلاق النار في المخيم، وهذا الأمر جوبه برفض فصائل المقاومة ومعها “حزب الله” في لبنان لغاية الآن.