انفجر الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة بشكل غير مسبوق منذ سنوات، بين حركة «فتح» وناشطين إسلاميين، عقب اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء محمد العرموشي «أبو أشرف»، مع عدد من مرافقيه، في كمين محكم نُصب له في موقف للسيارات في الشارع الفوقاني أثناء انتقاله إلى أحد مكاتبه العسكرية سيراً على الأقدام لمتابعة الوضع الأمني في المخيم، بحسب “نداء الوطن”.
واشارت الصحيفة الى ان إغتيال العرموشي (وهو في العقد السادس من العمر) يعدّ انتكاسة كبيرة لحركة «فتح»، إذ كان من صقورها ويشكّل رأس حربة قوية في مواجهة الناشطين الإسلاميين والمتشدّدين منهم، وقاد أكثر من معركة وهجوم عسكري ضدّهم وتعرّض لمحاولات اغتيال لكنّه نجا منها، وأبرزها أثناء مشاركته في تشييع يوسف جابر من عناصر»فتح» في حيّ حطين (22 آب 2015).
ويؤكّد مرجع فلسطيني كبير لـ»نداء الوطن» أنّ «لا رابط بين اشتباكات عين الحلوة وبين جملة من التطورات السياسية الفلسطينية، ولكنه يطرح سلسلة تساؤلات حول توقيتها:
– عشية اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي يعقد في مدينة «العلمين» المصرية برعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لبحث التطورات الفلسطينية، وسبل استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، في ظل تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، وغياب السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبّور عن الساحة للمشاركة فيه.
– بعد أقلّ من شهر (في بداية تموز)، على المبادرة التي أطلقتها «عصبة الأنصار الإسلامية» لإجراء مصالحات مجتمعية في عين الحلوة، وذلك بعد الأحداث الأمنية المتنقّلة والتي اتّخذت طابعاً فردياً أو عائلياً أو ثأرياً أو عشائرياً، بهدف حفظ الأمن والاستقرار في المخيّم والحفاظ على حقّ العودة، وتنفيس أجواء الاحتقان السائدة بين بعض أبناء الأحياء في المناطق وخاصة بين الصفصاف والبركسات.
– بعد التقارب الفتحاوي – الحمساوي، إذ عقد لقاء ثنائي بين الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في تركيا برعاية الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، بهدف ردم هوة الخلافات وإنهاء الانقسام والتوافق على استراتيجية جامعة للتصدّي للاعتداءات الإسرائيلية.
– في خضمّ الانشغال السياسي والأمني اللبناني قبل يومين على انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والخشية من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية مع التخوّف من انهيار العملة الوطنية مقابل سعر صرف الدولار الأميركي، والتحذير من تحرّكات احتجاجية غاضبة.
تفاصيل الإغتيال
وروت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن» أنّ العرموشي اغتيل في كمين محكم نُصب له، أثناء انتقاله إلى أحد مكاتبه العسكرية لاستكمال الاجتماعات لتطويق ذيول التوتر الأمني الذي شهده المخيم ليل السبت، حين استهدف عنصر من «فتح» أحد الناشطين الإسلاميين محمود «أبو قتادة» الذي أصيب عند مفرق سوق الخضار في المخيم، بينما قتل شاب كان برفقته ويدعى عبد فرهود، وأصيبت طفلتان بجروح.
وأكد نائب قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء منير المقدح لـ»نداء الوطن» مقتل العرموشي في كمين، وقال: «هناك كاميرات مراقبة تستطيع كشف الأشخاص الذين نصبوا الكمين ويجب تسليمهم إلى الجيش اللبناني فوراً»، بينما أوضح أمين سرّ «فتح» في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة أنّ العرموشي قتل مع أربعة من مرافقيه في موقف «أبو عالول» عند الشارع الفوقاني وهو يتابع الوضع الأمني في المخيم.
وقد نقل العرموشي ومرافقوه الأربعة: مهنّد قاسم، طارق خلف، موسى فندي وبلال عبيد إلى مستشفى الراعي في صيدا، وعقب ذلك اشتدّت الاشتباكات في المخيم بشكل غير مسبوق، حيث لم يتوقف إطلاق القذائف والرصاص على مدى ساعات كانت أصداؤها تسمع بقوة في مدينة صيدا وجوارها، قبل أن تجري اتصالات فلسطينية – فلسطينية، فلسطينية – لبنانية سياسية وأمنية صيداوية لتطويق ذيول ما جرى.
وسارعت «عصبة الأنصار الإسلاميَّة» إلى نفي مشاركتها في الاشتباكات، وقالت في بيان «نعمل منذ اللحظة الأولى على وقف إطلاق النار وتهدئة الوضع في المخيّم عبر اتصالات نقوم بها مع مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين. ونؤكِّد حرصنا على أمن واستقرار المخيم والجوار، وندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإفساح المجال للاتصالات والحوار لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه».