| حازم يتيم |
لو عدنا خمس سنوات الى الوراء، وطرحنا سؤالاً على متابعي الكرة في العالم عنوانه “من هو إيميليانو مارتينيز”؟ لكانت اغلب الاجوبة مختصرة بسطر او سطرين كحد أقصى.
الآن ونحن في صيف عام 2023، لو كررنا السؤال نفسه فإن الاجوبة ستختلف بكل تأكيد بين من سيقول عنه افضل حارس في العالم، وبين من يقول انه صانع مجد الارجنتين نحو مونديالها الثالث في قطر 2022.
نتحدث ليس عن مجرد انسان، بل عن حارس صنع نفسه بنفسه.. من العدم ومن الهامش الى القمة. استغرق الامر خمس سنوات لينال مارتينيز مكافأته الكبيرة، ليس فقط بالفوز بمونديال قطر بل ربما بدخول التاريخ، في لقطة ستبقى خالدة في تاريخ المونديالات. ونعني بها صدة إيميليانو لكرة كولو مواني في الثواني الاخيرة للمباراة النهائية لمونديال قطر، وهي الصدة التي كانت كفيلة لاحقاً بالسماح للارجنتين بالتتويج بالذهب، عبر ركلات الترجيح التي تألق إيميليانو فيها طوال البطولة.
بالعودة الى العام 2018 وما قبلها كان مارتينيز يكافح كي يكون اساسياً مع الارسنال، في ظل وجود الحارس الالماني بيرند لينو آنذاك. وحدها الصدفة فتحت باب المجد للارجنتيني عندما اصيب لينو، فاستغل الحارس المكافح الوضع جيدا ليتألق ويلفت انظار القيمين على نادي استون فيلا، الذين سرعان ما فتحوا خطوط التواصل، مع الحارس لضمه وهو ما حصل لاحقاً لتكون اولى خطوات الوصول الى المجد.
بدأت مسيرة مارتينيز الدولية قبل سنوات. عام 2019 وصل مع منتخبه لنصف نهائي كوبا أميركا. آنذاك لم يكن الرجل معروفاً على المستوى الدولي، بعدها بدأت مسيرة من التألق مع فريقه الانكليزي ومع منتخبه.
بعد عامين حقق مجده الاول عبر الفوز بكوبا اميركا من قلب الماراكانا، واتبعها بالفوز بالفيناليسما او ما سميت بـ كأس القارات.
لم يبق لمارتينيز سوى كأس العالم. وبعد بداية سيئة وخسارة مفاجئة امام السعودية بدأ جبروت ميسي بالعمل، وبدأت لمسات الحارس تعطي مفعولها. تصدرت الارجنتين مجموعتها وهزمت استراليا لاحقاً بعد تألق مارتينيز، في صد اصعب الكرات في الوقت الضائع، امام هولندا احتاج ميسي ورفاقه الى الحارس في ركلات الترجيح، كعادته تألق وابدع وصد ركلتين، في النصف نهائي وقف مارتينيز متفرجاً امام ابداع ميسي، وكأنه كان يترك كل قوته الى النهائي.
امام فرنسا كانت الحكاية وكل الرواية. كان موعد انتقال الحارس من مجرد مكافح الى بطل قومي. صدّ كرة البطولة في الدقيقة 123 والتي لو دخلت لكانت قد قضت على آخر احلام ميسي بالفوز بالمونديال.
الصدة التي دخلت تاريخ المونديالات لصعوبتها، اتبعها الحارس الارجنتيني بتألق إضافي عبر ركلات الترجيح قبل ان يسجل مونتيل ركلة الفوز بالتاج العالمي.
هي قصة حارس بدأت من الهامش، بل من العدم من مكافح على مقاعد الاحتياط الى بطل قومي في الارجنتين، وما بينهما صناعة اسم كبير في مركز حراسة المرمى. هو إيميليانو مارتينيز أفضل حارس ارجنتيني منذ زمن واحد ابطال مونديال 2022.
هو الجندي المعلوم في منتخبه. قصة إيميليانو يجب ان تُدرّس الى الاجيال القادمة تحت عنوان “عدم اليأس”.
هي قصة حارس انتقل من الكفاح، ليصنع بطولته بنفسه.