انتشار بعوض “النمر” في كرواتيا

أُطلق سرب من ذكور البعوض العقيمة في العاصمة الكرواتية زغرب، في خطوة ترمي إلى مكافحة الانتشار الناجم عن التغير المناخي لهذه الحشرات الناقلة للأمراض المدارية الخطرة.

وتشكل عملية إطلاق البعوض جزءاً من مشروع تجريبي للقضاء على بعوض النمر، وهو من الأنواع الغازية وينقل الأمراض المعدية مثل حمى الضنك وحمى غرب النيل وزيكا وتشينكونغونيا.

ويستند هذا المشروع إلى تقنية تتمثل في استخدام ذكور البعوض المعقم التي بمجرد إطلاقها في الطبيعة تتزاوج مع الإناث لكن دون إنتاج نسل.

وانطلقت هذه التجربة في حزيران، مع إطلاق مئة ألف بعوضة في منطقة عالية الخطورة وتستفيد فيها الحشرات من غطاء نباتي كثيف لكي تتجمّع فيه.

وتقول عالِمة الحشرات في معهد زابريغ لتعليم الصحة العامة أنّا كلوبوكار “إذا أطلقنا عدداً كافياً من الذكور العقيمة لفترة معينة من الوقت في منطقة ما، فإن أعدادها في هذه المنطقة ستنخفض”.

ويقول كرونو لوكوتار، وهو من سكان زغرب، لوكالة فرانس برس “من السابق لأوانه تأكيد ما إذا كانت التجربة ستنجح، لكنني سعيد بأننا لم نكتف برش” مبيدات حشرية.

ويعتمد المشروع تقنية الحشرات العقيمة، وهي طريقة للمكافحة البيولوجية مُعتمَدَة منذ عقود لمكافحة انتشار الحشرات الضارة بالصحة والبيئة. إلا أنّ هذه التقنية لا تزال في مرحلتها التجريبية لاختبار فاعليتها ضد البعوض في المُدن.

وبدأت كرواتيا باعتماد هذه التقنية عام 2022 في شبه جزيرة استريا (شمال).

ويشير عالم الحشرات نديليكو لانديكا من المعهد الإقليمي للصحة العامة إلى أنّ ما مجموعه 1,2 مليون حشرة معقمة ستُطلَق عام 2023 في كرواتيا على مدى ثلاثة أشهر.

وقد تكاثر بعوض النمر في كرواتيا خلال السنوات الأخيرة، في ظاهرة يعود أحد أسبابها إلى التغير المناخي، إذ يوفر الطقس الأكثر دفئاً ظروفاً مواتية لهذا النوع من الحشرات.

وهذه الذكور التي يتم تعقيمها من خلال تعريضها لأشعة غاما تُنقَل من مختبر إيطالي إلى كرواتيا في صناديق خاصة. وعند تسلّمها، تُخرجها كلوبوكار مع معاونيها بدقة من الصناديق البلاستيكية ثم يضعونها في أوعية قبل أن يطلقوها في الحدائق.

ورُصد وجود بعوضة النمر التي يعود أصلها إلى آسيا، للمرة الاولى في كرواتيا عام 2004 بينما كانت وصلت إلى أوروبا في أواخر سبعينات القرن الفائت. واعتبر الخبراء أنها وصلت إلى أوروبا من خلال انتقالها في إطارات مستعملة وصلت إلى ألبانيا متأتية من الصين.

وانتشرت مستعمرات بعوض النمر في أكثر من اثنتي عشرة دولة أوروبية، وكانت مناطق البحر الأبيض المتوسط الأكثر تضرراً، بحسب معطيات رسمية.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، تهاجر بعوضة النمر شمالاً إلى بلدان بينها ما كان يُعتبر مناخها حتى اليوم بارداً جداً لهذا النوع من الحشرات، كسويسرا وألمانيا.

ويقول عالم الحشرات اليوناني أنطونيوس ميكايلاكس “نخشى من عدم قدرة الفيروسات على التكيّف بسهولة مستقبلاً مع بيئات جديدة”.

وأدى ميكايلاكيس، وهو باحث في معهد بيناكي لأمراض النبات في أثينا، دوراً أساسياً في مشاركة عمله التجريبي في اليونان مع زملائه الكروات.

ويقول إنّ المشروع نجح عام 2019 في اليونان مع انخفاض أعداد بعوض النمر بنسبة 90%.

وفي تجربة أجريت عام 2022 في استريا، تبيّن أنّ ما يصل إلى 14% من بيض البعوض عقيم، في نسبة ارتفعت إلى نحو 60% هذا العام، بحسب لانديكا.