أصبح موضوع تشكيل وفد رسمي يذهب الى دمشق حاملاً ملف النازحين مهمة صعبة. وسيحلّ هذا الموضوع اليوم ضيفاً على طاولة جلسة مجلس الوزراء التي من المقرر أن تنصرف الى مناقشة مشروع موازنة عام 2023 الذي مضى منه 7 أشهر، تمهيداً لإقراره. ووفقاً لما صرّح به وزير المهجرين عصام شرف الدين لـ”نداء الوطن”، فإنّ الجلسة ستناقش بنداً واحداً هو الموازنة، لكنه سيطلب من خارج جدول الأعمال تكليف رئيس جديد للوفد الرسمي الذي سيتوجه الى سوريا نظراً لتنحي وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب. وقال: «صار ضرورياً ان يكون هناك رئيس جديد يمنح صلاحيات للتواصل مع الجانب السوري، للتفاهم على ورقة عمل وإنجاز الخطة ووضع بروتوكول تعاون بين دولتين».
ولم يعد خافياً أنّ تنحّي بو حبيب عن رئاسة الوفد الى دمشق أتى بعد تنحّي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه عن هذه المهمة. وأتت رغبة ميقاتي هذه، كما ذكر سابقاً على هامش أعمال القمة العربية الأخيرة في المملكة العربية السعودية، ولقائه هناك الرئيس السوري بشار الأسد. وفي ذلك الوقت، تردّد أن ميقاتي، وفي ظل عودة الأسد الى الجامعة العربية، لم يعد يجد حرجاً في الذهاب بنفسه الى عرين النظام السوري، لكن سرعان ما تبيّن، وفق حسابات ميقاتي اللاحقة، أنّ لهذه الزيارة كلفة باهظة بسبب العقوبات الاميركية المستمرة على هذا النظام. فآثر التنحي بهدوء، دافعاً الى أن يكون وزير الخارجية بديلاً منه، وبحكم منصبه المهم. لكن حسابات «حقل» ميقاتي لم تطابق «بيدر» بو حبيب. وهكذا صارت المعضلة هي من سيحمل كرة نار النازحين السوريين في لبنان الى الأسد ليقول له: «لو تتكرّم فتعيد مليوني نازح من مواطنيك الى وطنهم، أي البلد الذي تحكمه فخامتك».
وعلى مقياس «روما من فوق…»، اختار الرئيس ميقاتي مؤتمر العاصمة الايطالية «لمناقشة الهجرة عبر المتوسط» ليقول ما يجب قوله للأسد، ولو عن بعد. ففي كلمته أمام المؤتمر قال: «بما أن الصراع في سوريا انتهى، نحتاج إلى وضع خطة للعودة الآمنة والمضمونة لجميع اللاجئين إلى وطنهم. ويجب على المنظمات الدولية والجهات المانحة، عوضاً عن تمويل إقامتهم في لبنان، إعادة توجيه هذه الأموال لدفعها بشروط للأفراد والأسر التي تقرر العودة إلى وطنها». ولفت الى أنّ لبنان البلد الصغير نسبياً والبالغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، يتحمل الآن مسؤولية استيعاب حوالى مليوني لاجئ سوري».
وعلى هامش مؤتمر روما، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من مئة ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا في الأشهر الستة الأولى من 2023 عن طريق البحر من سواحل شمال أفريقيا وتركيا ولبنان. وكان عددهم يزيد قليلاً عن 189 ألفاً لمجمل 2022.