عن قطاع البريد.. تمت الصفقة بنجاح!

/ خلود شحادة /

مبروك.. تمت الصفقة بنجاح!
بهذه العبارة يمكن اختصار “مسرحية” المزايدة التي جرت لتلزيم قطاع البريد في لبنان، والذي تم تلزيمه إلى صديق الرئيس نجيب ميقاتي رودولف سعادة، الذي وضع يده عبر شركاته، بمساعدة ميقاتي، على كثير من القطاعات الحيوية في البلد، حتى أصبح فعلاً “متعهّد الجمهورية” الجديد الذي بدا وكأنه الوحيد في العالم الذي يستطيع إدارة الشحن والتفريغ والحاويات في المرفأ، والوحيد في العالم الذي يستطيع إدارة قطاع البريد والعمليات المرتبطة به في لبنان، وربما غداً سيكون أيضاً الوحيد الذي يستطيع إدارة المعاينة الميكانيكية وربما الاتصالات الأرضية وقطاع الخلوي…!
تمت المزايدة بدفتر شروط يخالف المعايير، تم تفصيله وصياغته بما يتناسب مع تحالف شركتي “Merit invest” و”Colis Privé” اللتين يمتلكهما شخص واحد، أي أن رودولف سعادة “تحالف مع نفسه” للدخول في المزايدة، علماً أن شركاته لم تعمل يوماً في قطاع البريد، وهو ما يخالف دفتر الشروط!
لكن يبدو أن القرار متخذ مسبقاً، وأن تعطيل المحاولتين السابقتين لتلزيمه قطاع البريد بسبب المخالفات الكبيرة وعدم ضمان حقوق الدولة، لم تنجحا في ثني “أهل السلطة” عن قرارها الغريب بالإصرار على تلزيم رودولف سعادة تحديداً قطاع البريد، وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة، وفي ظل صمت من مختلف القوى السياسية التي إما أنها متورطة في صفقة التلزيم وتنتظر “حصتها”، أو أنه مطلوب منها هذا الأمر مراعاة لمصالح فرنسا التي تنفتح على لبنان للفوز بتلزيمات كبرى كالمرفأ والمطار والكهرباء والهاتف، بعد أن فازت بامتياز الاستثمار في حقول الغاز اللبنانية وبإدارة الحاويات وبالبريد.
فهل لهذه المزايدة المتعلقة بالبريد، خلفيات شخصية لعدد من المسؤولين اللبنانيين؟ أم سياسية تتعلق بمسايرة فرنسا؟
لكن، هناك اعتقاد آخر مفاده أن تلزيم شركة رودولف سعادة هو بمثابة عودة “ليبان بوست” من الشباك بعد أن خرجت من الباب، وبالتالي فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي كان شريكاً في “ليبان بوست”، والذي منح روردولف سعادة محطة الحاويات في المرفأ سابقاً، هو شريك سعادة، وبالتالي فهو أخرج “ليبان بوست” بسبب ما كشفه ديوان المحاسبة عن فضيحة التعويضات التي دفعتها للدولة، ودخل من خلال رودولف سعادة مجدداً.
خرق واضح لقانون الشراء العام، وتقديم لمصلحة رودولف سعادة، على مصلحة الدولة اللبنانية التي اكتفت بنسبة 10% فقط من “الأرباح” وليس مجمل العائدات، وكأن الشركة ستصرّح بشفافية عن أرباحها، بل ربما قدمت ما يفيد بخسارتها، وبالتالي تكون قد حصلت على كل العائدات والأرباح من دون أن تستفيد الدولة، كما فعلت “ليبان بوست”!
وللإطلاع على الخروقات القانونية في ملف التلزيم، يمكن قراءة المقال الذي كان قد نشره موقع “الجريدة” قبل موعد المزايدة، وتطرق فيه إلى حتمية حصول شركتي “Merit invest” و”Colis Privé” على التلزيم.