بعد وضع “الحدود في نصابها”.. لا نافية للحرب!

على طريقة لا إله فقط تناول بعض الاعلام وبعض السياسيين في لبنان مضمون القرار الصادر عن البرلمان الاوروبي حول لبنان فارتأوا فتح النار على القرار برمته من باب تأييده بقاء النازحين السوريين في لبنان وهو ما يرفضه عموم اللبنانيين صحيح لكن الصحيح أيضا أن القرار تضمن بنودا تحاكي طموحات غالبية الشعب المقهور في القضايا الداخلية فهو أوصى مثلا بتشكيل لجنة اممية لتقديم المساعدات الانسانية في لبنان، وتشكيل لجنة للدعم الاداري للبنان تساعد الادارة العامة في النهوض والاستمرار وكما أوصى بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة انفجار المرفأ، وتشجيع تقديم الدعاوى على المسؤولين السياسيين امام المحاكم الأجنبية والدولية.
وكذلك أوصى القرار بتوقيع عقوبات صارمة في نطاق الاتحاد الاوروبي على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون مسارات الديمقراطية والاصلاح والعدالة.
وفيما ظل ملف الغجر ضاغطا على الوضع الداخلي شدد الامين العام لحزب الله في كلمة بذكرى حرب تموز على أن ما من شيء اسمه ترسيم الحدود البرية لأن الحدود مرسمة بين لبنان وفلسطين وثمة نقاط تحتلها إسرائيل لم نحررها لأنها مسؤولية الدولة اللبنانية والغجر أرضٌ لبنانية.
رئاسيا\ تحركٌ اسرع مما كان متوقعا دون احداث اي اختراق فبعد اللقاء الذي جمع في الرياض المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء نزار العلولا\ بالموفد الرئاسي الشخصي الفرنسي للبنان جان إيف لودريان\يعود الاخير الى بيروت في زيارة ثانية في الاسبوع الذي يبدأ في الرابع والعشرين من الجاري\ بعد جولة انطلقت من الرياض مرورا بالدوحة للمشاركة في اللقاء الخماسي انتهاءا بطهران وفق ما تردد من معلومات.
على الصعيد المالي\ وفي خضم ازمة حاكمية مصرف لبنان\ شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال ترؤسه إجتماعا للقطاع الاغترابي في حركة أمل\على تمسك الحركة بوجوب ان تشمل اي خطة للتعافي الإقتصادي والمالي حفظ حقوق المودعين كل المودعين كاملة وتحديدا ودائع المغتربين اللبنانيين.

في السياسة المحلية لا تطورات بارزة ولا اختراقات حاسمة ولا من يحزنون.
في المقابل رفعٌ متواصل لمتاريس رفض الحوار وتحديدا قبيل عودة (جان ايف لودريان) إلى بيروت بعد جولة في الرياض والدوحة فهل يشكل هذا الرفض رسالة مباشرة للموفد الرئاسي الفرنسي؟!.
في مقابل تراجع المستجد السياسي تتركز الأنظار على الحدود الجنوبية انطلاقا من الاعتداءات والاستفزازات الاسرائيلية وآخرها احتلال الجزء الشمالي اللبناني من قرية الغجر.
أما ما يحكى عن ترسيم للحدود البرية فلا شيء واقعيا في هذا الشأن لأن الحدود مرسمة أصلا بين لبنان وفلسطين منذ عشرينيات القرن الماضي وما على العدو الا الانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة.
بالنسبة للحدود بين لبنان والبرلمان الأوروبي فقد رسمتها مواقف محلية واسعة رافضة القرار المتخذ في (ستراسبورغ) والداعي إلى بقاء النازحين السوريين في لبنان.
قرار البرلمان الأوروبي سيحط الاسبوع المقبل على طاولة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برئاسة النائب فادي علامة الذي رأى ان هذا القرار يتعرض بشكل فاضح للسيادة اللبنانية.
من جهة أخرى حضر الاغتراب اللبناني في اجتماع للقطاع الاغترابي في حركة أمل برئاسة الرئيس نبيه بري الذي أكد وجوب مقاربة ملف الاغتراب اللبناني كقيمة إنسانية وثقافية وليس كقيمة مالية واقتصادية فحسب.
وشدد الرئيس بري على تمسك حركة أمل بوجوب ان تشمل أي خطة للتعافي الاقتصادي والمالي حفظ حقوق المودعين كاملة وتحديدا ودائع المغتربين.

لليوم الثاني على التوالي لا يزال البيان الصادر عن البرلمان الاوروبي هو الحدث، وذلك لسببين: الاول ايجابي والثاني سلبي. فمعظم بنود البيان، واضحةٌ وصريحة، وتسمي الامور بأسمائها في لبنان، بلا لف ولا دوران. يكفي ان البيان طالب بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في انفجار مرفأ بيروت، كما طالب بفرض عقوبات اساسية على من يعرقلون الانتخابات البلدية والرئاسية وبمحاسبة الفاسدين ونزع سلاح الاحزاب المسلحة.
وهو لم يتورع في هذا المجال عن تسمية الثنائي امل- حزب الله واعتباره مسؤولا عن ما يتعرض له لبنان. انها بنودٌ ذات اهمية خاصة، بل استثنائية، وتكاد تشكل خريطة طريق لاخراج لبنان من أزمته الكيانية، ومن الازمات الفرعية الناتجة منها.
لكن المشكلة تبقى في البند الخامس عشر الذي يتحدث عن قضية النازحين السوريين، وهو بندٌ ملتبسٌ يحمل مخاطر كبيرة بالنسبة الى مستقبل لبنان، ويهدد مصير اللبنانيين.
طبعا البيان لم يقل بصريح العبارة انه مع بقاء النازحين السوريين في لبنان..

ولكن البند الخامس عشر يؤكد ان الاتحاد الاوروبي مع عودة طوعية وكريمة وآمنة للنازحين وفقا للمعايير الدولية. فماذا لو كان النازحون السوريون لا يريدون العودة طوعا؟ هل على لبنان ، في هذه الحالة ، ان يتحمل ، رغما عنه ، الاعباء المترتبة على وجودهم على اراضيه ؟ ففي دراسة ميدانية اجريت في سوريا تبين ان حوالى 17 في المئة فقط من النازحين هم مهددون من النظام ، في حين ان حوالى 83 في المئة منهم يمكنهم العودة ساعة يشاؤون .
فلم على لبنان اذا تحمل تكلفة النازحين التي تتجاوز ال 4،5 مليار دولار سنويا؟ ان لبنان على شفير الانهيار ، ووضعه الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي والسياسي لم يعد يحتمل بقاء النازحين على اراضيه . لذا مطلوب من الجهات الدولية المهتمة بامر هؤلاء اما الضغط لاعادتهم الى بلدهم ، او نقلهم من لبنان وتوطينهم في بلدان اخرى . فالنظرة الانسانية لا يمكن ان تكون بعين واحدة . بالتالي فان على المنادين بحقوق الانسان ان يدركوا ايضا ان حقوق الانسان اللبناني ستنتهك اكثر فاكثر طالما ان اللبناني يدفع من لحمه الحي ثمن وجود النازحين السوريين وبقائهم في لبنان!…

لم يكن الثاني عشر من تموز ذكرى للاحتفال بالوعد الصادق فحسب، بل محطةٌ لصادق الوعد ليثبت جديد المعادلات التي ترسم للمحتل حدودا وللوطن عزا..

الغجر ستعود كما كل الارض المحتلة، هي العبارة التي احتلت اذهان وقلوب الصهاينة المرتعبين المتابعين بكل امعان وتدقيق لخطاب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.

وبالحديث عن الخيمة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ايقن الصهاينة خبراء امنيين ومحللين سياسيين ان لا خيمة تقي جنودهم ومستوطنيهم حر سوء الخيارات ان اقدمت عليها حكومتهم، وان المعادلة التي يفرضها حزب الله ستكون حقيقة يجب على الكيان العبري التعامل معها..

اما التعامل الداخلي مع الازمات فبات مملا بحسب الامين العام لحزب الله مع معرفة الجميع ان اول طريق الحوار وآخره وحدة الوطن التي ليس معها اي خيار .. اما اختيار البعض لاضاعة الوقت، فانه سيطيل الطريق دون القدرة على تحقيق اي من اوهامهم بالاستثمار ان في مشاريع الفدرلة او التقسيم، او استجداء الخارج باي معطى جديد..

وفي جديد الخارج المتربص بلبنان، ملف النازحين الذي عاد ليتصدر كل اهتمام مع الصلافة الاوروبية بالتعاطي مع القضية وإعلان برلمانهم عن رفض اعادة النازحين السوريين من لبنان الى اراضيهم، وهو ما يفترض من الجميع استنكار هذا التعسف الاوروبي والرد بتهيئة حقيقية للارضية السياسية للتقدم – بحثا عن حلول – نحو الحكومة السورية..

وعلى الحكومة اللبنانية رد مجلس شورى الدولة، معلنا قبول الطعن المقدم امامه في نيسان الماضي ضد قرار مجلس الوزراء الذي طلب فيه من مصرف لبنان اتخاذ الاجراءات لالزام المصارف بسقف السحوبات او ما يسمى – الكابيتال كونترول، فاعلن شورى الدولة وقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء ..

لنتذكر معا شريط الأحداث بين زيارتي جان ايف لودريان السابقة والمرتقبة.
بداية، اثيرت فضيحة اخفاء التقرير الأولي للتدقيق الجنائي، الذي سمته وزارة المال مسودة، ولم تجد داعيا لإطلاع الرأي العام عليه.
بعدها، قامت الدنيا ولم تقعد، بفعل المزايدات على خلفية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي قضى بإنشاء هيئة سميت بالمستقلة، للمساعدة في كشف مصير المخطوفين في الحرب السورية التي اندلعت عام 2011.
الحدث التالي، كان مأساة القرنة السوداء، وسقوط ضحيتين بفعل النزاع القديم حول المشاعات بين بشري وبقاعصفرين.
في غضون ذلك، اثيرت ضجة حول محاولة التسويق لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان او التمديد لرياض سلامة، انطلاقا من بيان نوابه، ومرورا بجس النبض حول تعيينات المجلس العسكري.
بعد ذلك، انشغل الرأي العام، بالتصرف الوحشي في إحدى الحضانات.
وفي الموازاة، افتعل البعض قضية حريات عامة ردا على قرار قضائي واضح في شأن تحريض ممنهج ضد مجموعة سياسية كاملة.
ومنذ يومين يدور الحديث حول عودة الحرارة الى الخطوط بين التيار الوطني الحر وحزب الله.
اما اليوم، فمحور النقاش، قرار البرلمان الاوروبي حول النزوح السوري والفساد.
وفي انتظار عودة موفد الرئيس الفرنسي، من يدري كم من ملف سيطفو على السطح، ليستقطب الاضواء مدة معينة، ثم يفسح في المجال امام ملف آخر، من دون ان تحسم نتائج او تداعيات الذي سبق.
انها حكاية لبنان في عهد الفراغ. الفراغ الشامل والكامل، الا للفنادق والمقاهي والمقاعد في الحفلات، في اشارة شبه وحيدة الى ارادة الحياة.

قرار البرلمان الأوروبي في شأن النازحين السوريين في لبنان اتخذ في ظل غياب، وربما غيبوبة الديبلوماسية اللبنانية ، حتى بعد اتخاذ القرار، لم تتجاوز ردات الفعل الإستنكارات وغالبا عبر التغريدات.
لبنان في وضع المستضعف، ومن دون قرار كبير، ستبقى أوروبا وغير أوروبا، في موقع اتخاذ القرار عن لبنان، وسيبقى لبنان في موقع التغريد.

القرار الأوروبي غير ملزم للبنان، ولكن كيف ستتصرف السلطة اللبنانية حياله؟ هل ترضخ ؟

لا جواب قبل أن تفك السلطة اللبنانية والديبلوماسية اللبنانية ، عقدة لسانها لأن الصمت في هذه الحال ليس ” ابلغ الكلام ” بل قد يكون ” الصمت علامة الرضا”.

لكن عقدة اللسان فكت هذا المساء ، ولو جزئيا ، إذ أعلنت الخارجية اللبنانية ان مهام اللجنة اللبنانية لا زالت مدار بحث والرئيس نجيب ميقاتي سيأخذ قرارا بشأن مهامها الاسبوع المقبل وان اللجنة العربية ستناقش ملف النازحين في اجتماع لها في السادس عشر من آب المقبل.

بالانتقال إلى ملف الجنوب، الهدوء عاد مسيطرا، واللافت موقف الخارجية الاميركية التي اعرب متحدث باسمها للـLBCI عن القلق إزاء أي انتهاكات للخط الأزرق وتأثيرها على الاستقرار والأمن في كل من إسرائيل ولبنان، ودعا الأطراف إلى الامتناع عن الأعمال الاستفزازية التي تقوض الأمن والسلامة كما دعا لبنان إلى العمل من خلال اليونيفيل لحل أي انتهاكات من هذا القبيل.
ماليا ، وفي ملف مصرف لبنان والحاكمية، وقبل اسبوعين من انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، يطلق نائب الحاكم الأول وسيم منصوري الإثنين المقبل، مشاورات مع القوى السياسية في الحكومة والبرلمان لعرض خارطة طريق للخروج من الأزمة المالية والنقدية طالبا منهم الموافقة عليها من أجل انتقال إيجابي من مرحلة إلى أخرى.ولا يستبعد أيضا أن يتواصل منصوري مع البطريرك الراعي.
البداية من آخر تطورات الوضع في الجنوب.

جمر الحدود لم ينقلب رمادا ولا نارا.. واستقرت الجبهة على رصاصتين بشكل خيمتين في الارض اللبنانية جنوبا وبخلاف تهديداتها وإيفاد بن غفيرها الى المنطقة الحدودية.. فإن اسرائيل ابتلعت تصريحاتها وفوضت امرها للوسطاء فيما جاء كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالامس على صورة الـ”لا النافية للحرب”، ووضع الحدود في نصابها: فالغجر الشمالية لنا, والخيمتان في ارض لبنانية.. والخوف الذي يطال سكان المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة وعند الحدود سببه الإعلام الاسرائيلي، وهو يضخم الامور بطريقته وبخلاف هدوء الجنوب، فإن النيران الصاروخية وصلت من الاتحاد الاوروبي الذي ناب عن لبنان مجلسا وحكومة وشعبا.
وصوت على قرار ابقاء النازحين السوريين تحت رعايتنا واتهم سياسيين ومواطنين لبنانيين بالعنصرية تجاه اللاجئين ولبنان تلقى خرق السيادة هذا على سبيل الاستنكار..
وأبرز المعترضين هما وزيرا المهجرين والشؤون عصام شرف الدين وهيكتور حجار لكن الدولة على المستوى الرسمي لم تحرك دعوة عاجلة الى برلمانها او حكومتها، ولم تراسل الجهات الاوروبية للاحتجاج ولو لصقا وفي موازاة التراخي عن الرد.. فإن الدولة لم تفعل مشروع الزيارات رفيعة المستوى الى سوريا لوضع آلية عودة النازحين.. بحيث قيدت هذه الزيارة ضد مجهول واستمر تأجيلها ورفض رفع مستوى تمثيلها والاستعاضة عنها بالاعلانات المبوبة عن قرب حصولها وغياب التنسيق مع الجانب السوري بشكل جاد وفعال سيؤدي في كل مرة الى اتخاذ القرار عن لبنان.
بالأمس أوروبيا، وغدا في كل المحافل والقرار عن لبنان ينضج رئاسيا في الاجتماع الخماسي يوم الاثنين في الدوحة، من دون بالغ التوقعات.. إذ إن الخطر يكمن في اخفاق هذه الدول الخمس المهتمة بلبنان لأن بقية الدول مشغولة عنا بحروب ونزاعات دولية وعربية وإذا ما وقع الفشل، فعندها لن نطال بلح الشام ولا عنب اليمن.. وسنكون قد سجلنا الفراغ في الملكية الفكرية اللبنانية وعكسنا الاخفاق على الخماسية الدولية ومع التلويح من بعيد بخيار ثالث في هذا الاجتماع وباقتراب ظلال قائد الجيش العماد جوزيف عون من الدوحة الى بعبدا.. فإن حالة من الهلع سجلها ريختر ميرنا الشالوحي أدت الى “ساعة صفا” مع حزب الله…

وتقول معلومات الجديد إن اكثر من اجتماع رصد بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع مسؤول وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا بمداولات رئاسية حصرا وستؤسس هذه المداولات لنقاش مفتوح على الاسماء الرئاسية، من دون استبعاد مهمة الوقوف عند المكاسب التي سيحققها باسيل ليضمن جناحا خاصا في بعبدا.. وهو الجناح الذي قضى فيه سنوات بصفة حاكم ومحقٌ كان الرئيس ميشال عون عندما قال في آخر لقاءاته الصحافية، أنه ليس من المنظومة.. لأن جبران باسيل كان سيد القصر ورئيسه الفعلي.. لكنه منح عون منصب الرئيس الفخري الذي انتهى بتوزيع الاوسمة.