رأى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، أنه “خلال الأيام العشرة الأخيرة سمعنا الكثير من التحليلات عبر شاشاتنا المحلية وكأن هذا التقرير (أي تقرير صندوق النقد الدولي) غير شيئا، في حين أن كل شيء لا يزال كما هو ولم يتغير ما عدا ما حذرنا منه سابقًا، من الضرر الذي يصيب البلد وتسارع عملية سقوطه”.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده سلام في مكتبه بالوزارة، تحدث فيه عن موضوعي تقرير صندوق النقد الدولي والرقابة على الأسعار خلال موسم الصيف.
وأضاف: “التقرير كان تقنيًا بشكل محض ولم يلحظ التداعيات السياسية التي تشكل أساس مشكلتنا. آمل الا يزيد التقرير السلبية على لبنان رغم أنه لا يتضمن أي أمر ايجابي، الا أنه يهز الكيانين الاقتصادي والمالي والنقدي ومعهما كل السلطة السياسية في لبنان، ومن بينها نحن كحكومة معنية بإنجاز الاصلاحات. كما أنه يدق ناقوس الخطر بأن الوقت داهم وهو أكبر عدو للبلد من خلال الانهيار الحاصل”.
وتابع: “كلما تأخرنا بالاصلاحات وبإنجاز القوانين الموجودة في مجلس النواب، والتي من غير المسموح ألا تقر، بغض النظر اذا كانت الحكومة أرسلته مكتملا أم لا، أو قابلا للمزيد من التشريع، كلما زاد الانهيار وتدهور الوضع الاقتصادي”.
وقال: “هناك قوانين، من بينها الكابيتول كونترول وإعادة هيكلة المصارف، والتي هي محور أساسي لدى صندوق النقد، من غير المسموح أن تبقى سنتين في أدراج مجلس النواب، لأن المجلس هو المطبخ التشريعي. والصندوق يحذر من زيادة الانهيار بفعل التأخير في إقرار هذه القوانين”.
وأردف سلام: “الجو العام الاقليمي الاقرب الى لبنان اصبح ايجابيا والسعودية اتفقت مع ايران وسوريا عادت الى جامعة الدول العربية. اين لبنان من كل تلك الايجابيات؟ لقد أبلغنا صندوق النقد الى أين سيصل بنا الموضوع التقني والتأخير بالارقام بعد عدة سنوات، والارقام التي ذكرها مخيفة وصحيحة، بغض النظر عن واقعيتها لانها تتغير بحسب الاوضاع ونمو القطاعات، وقد تبلغ تلك الارقام نصف ما ذكره التقرير او اقل”.
وتابع: “أن التضخيم الاعلامي والتحليلات الكثيرة عكست صورة سلبية مجددًا من المؤسسات الدولية. نحن كنا دائما إلى جانب البنك الدولي وصندوق النقد، لكن لا يمكنهم كل عدة أشهر أن يصدروا تقريرا عن لبنان بالرغم من أن جهودا تبذل بغض النظر عن التأخير، وبدلا من إعادة الثقة الى هذا البلد، يتم وضعه في هذه الوضعية الصعبة بناء على التقارير”.
وأكد سلام أنه “اذا حصلت تغييرات سياسية في البلد واتخذت قرارات بالحلول، فكل تلك الارقام ستتغير بشكل فوري. هناك ملامة كبيرة وتأخير كبير، لكن مقاربة صندوق النقد للموضوع اللبناني وضعت السيناريو الاسوأ. لا يجب اظهار الصورة بهذه السوداوية ومقاربة صندوق النقد وضع السيناريو الاسوأ، وهو يحذرنا من مغبة عدم اجراء الاصلاحات المطلوبة واقرار القوانين في مجلس النواب”.
وأضاف: “هناك خوف من نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان وتأثيرها على الدولار، الا أنه بفعل الاصلاحات والموسم السياحي يمكننا تفادي ذلك. وكل ما ذكره تقرير صندوق النقد سيتغير بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. اما اذا اردنا تدمير البلد فالسيناريو موجود وهذه هي الارقام المخيفة التي سنصل اليها”.
وتابع: “هناك اقتصاد القطاع الخاص المتضرر اليوم ويسمى اقتصاد الظل parrallele économie الذي يجب أن نركز عليه، بتعديل بسيط في هذا الموضوع ومكافحة التهريب والمعابر غير الشرعية والأمور التي تدخل الى البلد ومن ثم تخرج من دون جمرك، هذه تشكل 30 الى 40 بالمئة من الأرقام التي أعطاها صندوق النقد الدولي”.
وقال: “إننا في وزارة الاقتصاد معنيون بالموضوع مباشرة، فقد تلقينا المئات من الشكاوى على غلاء الأسعار وتحديدًا في المطاعم، وتذاكر السفر، وأمور كثيرة تتعلق بالموسم الصيفي. نعلم أن لدى وزارة الاقتصاد دورًا رقابيا، والشريك أيضا بالرقابة في هذا القطاع هو وزارة السياحة والشرطة السياحية، وهناك بعض الجهات الأخرى التي تتدخل معنا من وزارة الصحة وغيرها، انما كوزارة اقتصاد نقول أن لدينا موسمًا صيفيًا واعدًا ومغتربين مشتاقين لبلدهم، وأجانب كثر سمعوا أن السياحة في لبنان لها طابع تنافسي مع تركيا ومصر ودول أخرى، بعد انخفاض الأسعار نتيجة انخافض سعر الدولار وغيره، ونحن بدورنا علينا أن نحول الاجواء من سلبية الى ايجابية”.
وأضاف: “اليوم اكد عدد من النقباء في موضوع السياحة والسفر والفنادق وغيرها، ان نسبة الحجوزات الى لبنان بلغت ثمانين او مائة بالمئة، وهذا امر يدعو الى التفاؤل. والأهم من ذلك المطلوب ان نستقبل المغترب العائد الى بلده ونجعله يستمتع بالزيارة لكي يحس انه عائد الى وطنه بأمان وثقة لا أن يرى اسعارا باهظة في المطاعم او اماكن السهر او البحر او غيره، لا سيما واننا نتلقى الكثير من الشكاوى والانتقادات حول غلاء الاسعار التي باتت الاعلى بين دول العالم”.
وتابع: “أنا أعد انه بدءا من الاسبوع المقبل، سيكون هناك جولات رقابية احتراما لموسم الصيف وحماية للمستهلك اللبناني المقيم اولا، لانه هو المتضرر الاكبر من رفع الاسعار إذ راتبه لا يكفيه ولا امكانية لديه لتوفير الدولار، وثانيا لحماية المغترب”.
وقال: “أطالب المؤسسات التجارية بالمحافظة على سمعتها تجاه المغترب والمواطن المقيم، اذ لا يجوز ان يوضع في خانة الاستغلال، لا سيما واننا نسعى للوصول الى صورة لبنان السياحي الذي يتمتع بالتنافسية مع اسواق اخرى. ولا نريد للمغترب او السائح ان يزور لبنان مرة واحدة ثم يعود خائبا”.
واعتبر أن: “مهمتنا كقطاع سياحي أو كاقتصاد لبناني، أن نكون في موقع المنافسة لتشجيع السائح وتحفيزه على تكرار زيارة لبنان. ولا بد لنا كذلك من الاشارة الى أن التكلفة أصبحت مرتفعة، ومع ذلك علينا الاستفادة من الموسم السياحي الواعد لكي تتزايد أعداد الوافدين الى لبنان. ونحن بدورنا سنقوم بالمراقبة بالتنسيق مع وزارة السياحة كل بحسب مهامه وصلاحياته، لنضمن أسعارا مقبولة وكي نشجع كل وافد الينا على أن يعيد الكرة ويخبر عن تجربته الجميلة في ربوع لبنان”.
وتابع: “اود الاشارة الى موضوع ارتفاع أسعار تذاكر السفر لا سيما عبر خطوط الميدل ايست، فالطالب اللبناني الذي يريد زيارة أهله من فرنسا او أميركا بات عليه ان يدفع ألفا او ألفا ومئتي دولار للرحلة بينما تنخفض الأسعار في بلدان مجاورة الى النصف أو حتى اقل. طبعا نحن مع الربح ومع أن تبقى الميدل ايست متألقة ترفع رأس لبنان وأرزته، لكن على الاقل يجب أن يكون هناك رزم سياحية للطلاب ولبعض الاشخاص أو علينا اعتماد اسعار مقبولة ضمن نطاق السفر”.
وأردف: “علينا تخفيض اسعار تذاكر السفر والفنادق والمطاعم الى حد معقول للوصول الى موسم سياحي واعد، فلطالما شكل القطاع السياحي ركيزة اساسية في الاقتصاد اللبناني وعلينا المحافظة عليه، في ظل تقديم دول محيطة لخدمات سياحية بأسعار اقل. يجب تخفيز أهلنا في الخارج على العودة الى ربوع الوطن بشكل دائم”.
وأضاف: “حرصا على نجاح الموسم السياحي الصيفي المقبل، سنفعل الدور الرقابي حماية للمغترب وللسائح اللبناني، ونتمنى الاستجابة من المؤسسات التجارية حفاظا على سمعة البلد”.