/ غاصب المختار /
بغض النظر عمّا آلت إليه نتائج زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، من اختلافات في وجهات النظر بين القوى السياسية، وبالتالي بين الكتل النيابية، حول مقاربة الاستحقاق الرئاسي، فإن الحديث بدأ في المجالس السياسية عن أن ما قبل زيارته سيكون مختلفاً عمّا بعدها، لجهة تغيير المقاربات الفرنسية بعد الاعتراضات الداخلية على دور فرنسا السابق، وعدم نضوج الحراك الذي تقوم به الدول المعنية بالوضع اللبناني، وبخاصة دول مجموعة الخمسة، السعودية ومصر وقطر وفرنسا وأميركا، التي يُفترض أن يجتمع ممثلون عنها في الدوحة خلال هذا الشهر، وربما على مستوى وزراء الخارجية.
وفي تقدير نائب بارز من المستقلين متابع عن قرب لاتصالات الاستحقاق الرئاسي، أن فرنسا لم يعد لديها ما تقدمه منفردة للبنان، وأن أي مقاربة جديدة سيتم تسويقها، ستراعي مواقف الدول الأربع الاخرى، مضافاً إليها مواقف سوريا وإيران المعنيتان الأساسيتان أيضاً بالوضع اللبناني، مع أن الدولتين تؤكدان صبح مساء أنهما لا تتدخلان بتفاصيل الوضع الداخل اللبناني وتدعوان إلى “مراجعة الحلفاء في لبنان في ما خصّ انتخاب رئيس الجمهورية”.
لذلك يرى النائب المذكور، الذي فضّل عدم ذكر اسمه “منعاً لإحراج المرشحين”، أن أي حل سيكون بالتوافق مع الدول الخمس ومع إيران وسوريا، ويذهب إلى القول: إن الحل لن يكون إلّا عربياً – عربياً، بمباركة خارجية، عبر إحياء معادلة س ـ س، وربما مضافاً إليها إيران عبر تكليف “حزب الله” متابعة ما يتم اقتراحه من حلول لأزمة الشغور الرئاسي.
وفي رأي النائب المذكور أنه إذا لم تحصل مشكلات أو معوقات خارجية طارئة، فإن انتخاب الرئيس قد يتم في شهر آب المقبل، موضحاً أن رئيس الجمهورية المقبل “سيكون من خارج الأسماء المطروحة التي يتم التداول بها يومياً، وشخصية قد تكون غير متوقعة”، بما يعني رئيس من خارج الاصطفاف السياسي الحاد الحالي، وسيكون شخصية مقبولة من الجميع تقريباً، ويحمل مواصفات يُجمع عليها الجميع. ويؤكد وجود عدد من الأسماء غير المتداولة التي يُمكن أن تُشكّل تقاطعاً بين معظم القوى السياسية، لكنه يتحفظ عن ذكرها.
لكن حتى اليوم، تشير التقديرات إلى صعوبة في التفاهم الداخلي، وإلى تأخير في التفاهم الخارجي، نظراً لانشغال الدول المعنية، بقضايا اقليمية ودولية أكبر من أزمة لبنان وخلافاته السخيفة غير المبررة. فلا ملف اليمن انتهى بين السعودية وإيران، ولا ملف سوريا انتهى عند الأميركي، بخاصة بعد طرح لبنان خريطة طريق جديدة لإعادة النازحين باعتراض واضح أميركي وأوروبي ومن منظمة الأمم المتحدة، عدا الانشغال العربي بأزمة السودان الخطيرة، واستمرار الانشغال الدولي بالحرب في أوكرانيا وغيرها من قضايا اقليمية ودولية.
ومع ذلك، ما زال التفاؤل موجوداً بإنهاء أزمة الشغور الرئاسي خلال هذا الصيف، لإقفال ملف شَغَلَ العالم قرابة تسعة أشهر بلا طائل، وللتفرغ للملفات الأخرى الأكثر أهمية، طالما أن موضوع لبنان “مقدور عليه” إذا توافقت الدول المؤثرة بالوضع اللبناني.