إمتعاضٌ عربي من تشرذم النواب السنّة

/ غادة حلاوي /

الوضع السني ليس على ما يرام رغم مضي ما يزيد عن عام على إجراء الانتخابات النيابية، إلا أنّ النواب السنة لم ينجحوا في تشكيل تكتل نيابي وازن يسدّ الفراغ السياسي السني. منذ اجراء الإنتخابات النيابية، تراجع حضور الرئيس فؤاد السنيورة بينما بقي الرئيس تمام سلام على صمته، وإن كانت أسهمه لرئاسة الحكومة لم تزل قائمة، بينما تراجعت أسهم السفير السابق نواف سلام الذي طرحت اسمه فرنسا، ولم تتبنّه أي دولة عربية. أما الرئيس سعد الحريري فهو حاضر رغم الغياب، وإن من خلال أخبار غير دقيقة أو تكهنات بوجود نواب يمثلونه وسيلتزمون كلمة سره في انتخابات رئاسة الجمهورية.

وتؤكد مصادر مقربة أنّ ما تم تداوله في ما يتعلق بزيارة السفير السعودي في الإمارات للحريري، وحديثه عن انتقاله إلى باريس ليست دقيقة ولا هي صحيحة، وسببها “بعض من كانت مصلحته تقضي بإيصال سليمان فرنجية إلى بعبدا”، والهدف الأساسي التشويش على علاقة الحريري بالسعودية، والتي “لا تحتاج الى وسطاء لتمتينها”. مؤشرات عدة يمكن التماسها في هذا الصدد، أولها اطلالة الحريري الأخيرة خلال حفل تخريج تلامذة مدارس “المجد”، وقد ختم كلمته بتوجيه الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد السعودي. وحديثاً لوحظ حذف تغريدة لمواطن سعودي ضد الحريري بعد تدخل مسؤولين كبار في المملكة.

وتجزم المصادر المقربة أنّ الحريري لم يعطِ أي إشارة أو رأي سياسي يتعلق بالرئاسة في لبنان، ولم يحصل أي تواصل بينه وبين أي من النواب السنة قبيل جلسة الإنتخاب أو بعدها، وهو غير ممثل في مجلس النواب، لا بنائب ولا بكتلة نيابية. وهذا ما جزم بشأنه خلال الأيام الماضية الأمين العام لـ”المستقبل” أحمد الحريري الذي رفض الإدلاء بأي موقف سياسي متعلق بالإنتخابات الرئاسية.

في المقابل يمكن رصد امتعاض عربي من الموقف السني عموماً، والنواب السنة خصوصاً، ناجم عن حال التشرذم والخلافات التي تباعد في ما بينهم. فإذا كان لكل فريق أو تكتل من يعبّر عن موقفه ويعكسه، فوحدهم السنة يعانون حالة ارتباك جراء تشرذم النواب السنة وغياب وحدة قرارهم.

واذا كان ثمانية نواب من السنة ينضوون تحت لواء الثنائي ويتحالفون معه، فهناك حوالى 18 نائباً يتوزعون بين مستقلين ونواب “ثورة”، ومن انضم إلى تكتل الاعتدال النيابي (أربعة نواب سنة) أو “التوافق الوطني” الذي يزيد عليه بنائب واحد عددياً، ما يجعل غياب الحريري واضحاً على الساحة السنية، لأنّ أي من الموجودين لم يستطع سدّ الفراغ. وهو ما كان موضع تساؤل عن امكان عودة الحريري في ظل تنامي الحديث عن تسوية قريبة، وإن لم تتضح المؤشرات عن موعدها أو مكان حصولها أو المشاركين فيها.

إزاء هذا الفراغ ترفض المملكة تأدية دور الوصي على النواب السنة أو غيرهم، وهي بادرت عبر سفيرها إلى استقبالهم وباركت لقاء جمعهم في دار الفتوى ليتفرق شمل النواب بعدها، فبات كل منهم يغرد تحت سقف مصالحه الشخصية والتجارية أحياناً ما يتسبب بتغيبهم عن موقع القرار السياسي. والكتل النيابية وإن كانت تتفق على قضايا حياتية ومعيشية، لكنها تتفرق في الخيارات السياسية وتختلف على اسم المرشح الرئاسي، كما ساد الاختلاف بينهم على تسمية مرشح ينوب عنهم في اللقاء مع الموفد الرئاسي الفرنسي ما دفع بالنائب أحمد الخير إلى اصدار موقف توضيحي عقب الإجتماع به.

لم يلتقط النواب السنة إشارة المملكة حيال الرئيس الجديد للجمهورية ما يدفع المصادر المطلعة إلى التأكيد مجدداً أنّ السعودية قالت كلمتها في الإستحقاق الرئاسي ولم يعد مجدياً انتظار كلمة سر منها واذا كان الجميع يعتبر أنّ انتخاب فرنجية دونه “فيتو” سعودي، فقد رفع سفيرها وليد البخاري هذا “الفيتو” لكنه حدّد مواصفات الرئيس المقبل الذي على اللبنانيين اختياره، خاصة أنّ البخاري لم يخص بنشعي بزيارة ضمن جولته الأخيرة على المسؤولين، وإن استقبله في دارته في اليرزة. وتتوقف المصادر عند أكثر من جهة سياسية تبذل المزيد من الجهد لفتح نافذة مع المملكة، لكن محاولاتها باءت بالفشل.