السبت, ديسمبر 13, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderملف لبنان: ما بين لودريان .. وعبد اللهيان!

ملف لبنان: ما بين لودريان .. وعبد اللهيان!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

/ جورج علم /

الخطوط الجوّية الدبلوماسيّة ناشطة، آلاف الأميال. عشرات الملفات، ومحادثات على أرفع المستويات، ويبقى الخليج الجاذب المستقطب، ومنه تخرج بعض سياسات العالم.

شارك وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان في غداء العمل بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، وتوجّه بطائرته إلى طهران. إنها زيارته الأولى منذ 10 سنوات. والأولى بعد قطيعة دامت 7 سنوات (قطعت العلاقات الدبلوماسيّة في الـ 2016 ) والأولى بعد الإتفاق السعودي ـ الإيراني برعاية الصين.

حدّد الأمير أهدافاً ثلاثة للزيارة: تفعيل القنوات الدبلوماسيّة لمعالجة الملفات. إعادة فتح السفارة السعوديّة في طهران. وتسليم الرئيس إبراهيم رئيسي كتاب الدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز لزيارة الرياض.

ودّع وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ضيفه، واستقل طائرته في جولة خليجيّة شملت قطر وسلطنة عمان والكويت ودولة الإمارات.

قابل في الدوحة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، وبحث مع نظيره القطري، رئيس الوزراء، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، موضوع الطاقة في ظلّ الحرب الأوكرانيّة، قبل أن يلتقي الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. كما تناول البحث مستجدات الإتفاق النووي، وإمكانيّة تأسيس “منتدى الحوار للتعاون الإقليمي”.

في مسقط، كانت المحادثات غنيّة، مهّدت لها طهران ببيان صادر عن وزارة الخارجيّة يؤكد أنها “تجري محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة بواسطة عُمانيّة، لاسيما بشأن البرنامج النووي، والعقوبات الأميركيّة، وملف الأميركيّين المحتجزين لديها”. كما أجرى عبد اللهيان إتصالات في مسقط مع المفاوضين اليمنييّن “للمساعدة في تسريع مفاوضات السلام اليمنيّة ـ اليمنيّة”، وذلك إستكمالا للمحادثات التي كان قد أجراها مع نظيره السعودي.

في الكويت، إلتقى نظيره الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، وشدّدا على “توسيع العلاقات بدول الجوار، بما في ذلك الخليج”. وأكد عبد اللهيان بأن سياسة الإنفتاح هذه “تأتي ضمن أولويات السياسة الخارجيّة الإيرانيّة، في ضوء التفاهم السعودي ـ الإيراني”.

وتميّزت زيارته لأبوظبي بنكهة خاصة. تمّت بعد إعادة العلاقات الدبلوماسيّة ما بين قطر ودولة الإمارات. تمّت بعد مرور أسبوع على لقاء إستضافته أبو ظبي، وجمع نائب وزير الخارجيّة الإيراني للشؤون السياسيّة علي باقري، المكلّف بالمفاوضات النوويّة، مع دبلوماسييّن أوروبييّن و”تناولت المحادثات ملفات استراتيجيّة، بينها البرنامج النووي الإيراني”. وتمّت بعد إعلان طهران عن أن باقري التقى في أبو ظبي منسّق الإتحاد الأوروبي للمحادثات بشأن الملف النووي أنريكي مورا “وناقشا مجموعة من القضايا، بما في ذلك المفاوضات بشأن رفع العقوبات”.

وفي أبو ظبي وقّع عبد اللهيان إتفاقيّة طيران مدني لتعزيز الرحلات الجويّة بين العاصمة الإماراتيّة، والعديد من المدن الإيرانيّة. وكانت حركة الطيران مقتصرة على دبيّ، والشارقة. كما نقل دعوة خطيّة رسميّة من الرئيس إبراهيم رئيسي إلى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان، لزيارة طهران.

ويتزامن هذا الإنفتاح الإيراني على الخليج بعد المصالحة مع السعوديّة برعاية صينيّة، وبعد إستئناف العلاقات الدبلوماسيّة بين البلدين، وزيارة عبد اللهيان الريّاض، وزيارة الأمير فيصل بن فرحان طهران. كما تأتي تنفيذاً لإستراتيجيّة تهدف من خلالها طهران إلى تحسين علاقاتها الخارجيّة وفق تقييمها للنظام العالمي الحالي الذي يعاد تشكيله، وهي تسعى لأن تصبح إحدى ركائز هذا النظام العالمي الجديد. وتأتي بعد إنخراطها بمنظمات، لا تشارك فيها الولايات المتحدة، من بينها منظمة شنغهاي للتعاون الدولي، ومنظمة “بريكس”.

لم تحطّ طائرة عبد اللهيان في مطار رفيق الحريري هذه المرّة، سبقتها طائرة الموفد الرئاسي الفرنسي، وزير الخارجيّة السابق جان إيف لودريان.

فرنسا صاحبة مصالح حيويّة في لبنان، تسعى إلى حمايتها، ومضاعفتها، بالتنسيق والتعاون مع المكّون الأقوى على الساحة، مستندة إلى علاقتها الجيدة مع إيران، والممتازة مع السعوديّة. أما مع دمشق فمتوترة، لكن مع عودة سوريا الى حضن الجامعة العربيّة، وعودة العلاقات الدبلوماسيّة السعوديّة ـ السوريّة، يحاول الرئيس ماكرون أن يغتنم الفرص المؤاتية، كونه لا يستطيع أن يؤمن الضمانات الكافية لأي دور يريد أن يضطلع به في بيروت، في ظل علاقة متوترة مع دمشق، كما لا يستطيع أن يتنكّر للإحاطة التي قدمها له فريقه الإستشاري الخاص بلبنان، وفحواها أنه من غير المنطقي أن يهاجم النظام السوري، ويدعم صديقه في لبنان، سليمان فرنجية لرئاسة الجمهوريّة!

لكن ما يبنى عليه، أن الدور الذي يضطلع به لودريان، يأتي على وقع الإنفتاح ما بين باريس وطهران، وطهران وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي. هناك مصالحات تتم، وعلاقات تبنى على أسس المصالح المشتركة، وقراءة متأنية للملفات الخلافيّة، ومقاربتها بلغة التفاهم كبديل عن لغة الإستفزاز والتحدّي. طبعاً لم يصل الملف اللبناني إلى الأولويات التي تحظى بزخم الإهتمام، والحسم، ولكن طائرتي كلّ من لودريان وعبد اللهيان قد تحطّان في أكثر من دولة بمطار واحد. دفع تلاقي المصالح بطهران إلى إطلاق سراح محتجزين فرنسيّين وأوروبيّين لديها. وتلاقي المصالح قد يوفّر الدعم للمبادرة الفرنسيّة بإنتخاب رئيس لا يطعن المقاومة بالظهر، ويريح إيران، وسوريا، ولا يستفزّ الخليج، مع فريق عمل وزاري قادر على تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الأميركي، والأوروبي، والسعودي، وسائر دول مجلس التعاون.

إن الخطوط الجوّية الدبلوماسيّة الناشطة ما بين فرنسا ودول الخليج وإيران، أمامها مطارات مفتوحة، إلاّ في مناطق التقاطع التي تكثر فيها إشارات المرور ما بين الأخضر والأصفر والأحمر، لمنع التصادم، ويبقى معرفة متى الضوء الأخضر، ومتى يوفّره لودريان، بالتعاون مع اللهيان، لتصبح الطريق سالكة وآمنة نحو القصر الجمهوري في بعبدا؟!

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img