“الحكي ما عليه جمرك” في المطار.. وفرنسا “أم العريف” بتفاصيل لبنان

وفي اليوم الثالث استكمل المبعوث الرئاسي الفرنسي لقاءاته واجتماعاته. لودريان رابط في قصر الصنوبر مستقبلا ومودعا، ولم يغادر المقر التاريخي الا للقاء جمعه بقائد الجيش عصرا، وهو لقاء له رمزيته ودلالاته، ويعبر عن تقدير فرنسا للجيش وللدور المميز الذي يلعبه قائده.

لودريان، الذي سيغادر غدا بيروت عائدا الى فرنسا، سيحمل معه سلسلة من الملاحظات المكتوبة التي دونها في لقاءاته كلها، حرصا على دقة التقرير الذي سيرفعه الى الرئيس ايمانويل ماكرون. ما تسرب عن لقاءات لودريان يؤكد ثلاثة امور.

الاول ان فرنسا تريد فتح صفحة جديدة مع اللبنانيين، وتحديدا مع المسيحيين الذين عارضوا بشدة مبادرتها السابقة.

الامر الثاني، تشديد لودريان على ان حراكه منسق اقليميا ودوليا، وخصوصا مع مجموعة الدول الخمس.

اما الامر الثالث والاخير فهو ان الزيارة الحالية بداية وليست نهاية، وانها ستستتبع بزيارة او زيارات قد تنتهي باطلاق مبادرة جديدة، لكن ليس باسم فرنسا لوحدها هذه المرة، بل باسم مجموعة الدول الخمس.

وفيما كان لودريان يرابط في قصر الصنوبر، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي, مؤكدا ان لبنان لا يمكن ان يكون لا مصدرا ولا ممرا لاي عمل يضر بلبنان وباشقائه العرب وبدول العالم.

موقف ميقاتي جاء بعدما تفقد مع عدد من الوزراء والمسؤولين عمل اجهزة الكشف على حقائب المغادرين، كذلك عمل اجهزة الكشف على البضائع المعدة للتصدير.

وفي حال صدق ميقاتي فان الامر يعزز العلاقات العربية للبنان، ويعطل لغما كاد يطيح مرارا بهذه العلاقات.

تربويا، الغاء الحكومة امتحانات البريفيه لهذه السنة لا يزال يتفاعل.

رئيس اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الاب يوسف نصر رفع الصوت عاليا، واصفا القرار بانه فيروس جديد يفتك بالتربية والتعليم ، وطالب الحكومة بالعودة عن خطأها الجسيم انطلاقا من مبدأ ان العودة عن الخطأ فضيلة. فهل تستجيب حكومة ميقاتي، ام ستصر على تدمير مستقبل اللبنانيين بعدما شهدت وشاركت في تدمير حاضرهم؟

كل يغني على ليلاه، ولن تكفي ليالي جان ايف لودريان القليلة في لبنان لجمع النوتات السياسية المتباعدة ضمن معزوفة واحدة…

اتم الموفد الرئاسي الفرنسي لقاءاته مع القوى المختلفة او يكاد، والكل عند موقفه، والكل خرج من لقائه مرتاحا كما ينقل او يقال، فيما اللبنانيون وحدهم غير مرتاحين لعدم وجود افق قريب لحل الأزمة الممتدة بفعل المكابرة والعناد ..

وبعد جوقة التصريحات والتغريدات يبقى السؤال : ماذا بعد ؟ والى اين ستسير الامور؟

حزب الله الذي توافق مع لودريان على ان الحوار هو اقصر الطرق للاتفاق، أكد للضيف الفرنسي تمسكه الثابت بدعم ترشيح سليمان فرنجية.. اما المتقاطعون على ترشيح جهاد ازعور فقد تقطعت مواقفهم وتباعدت آراؤهم وبدا جليا انفراط عقدهم داخل قصر الصنوبر ..

اما خارج الدوامة السياسية المعقدة، فعيد قادم واضاحيه موظفو الدولة الذين لن يتقاضى جلهم راتبه الشهري، فالازمة التي تم حلها تشريعيا خلال الجلسة النيابية، سيطيل امدها بعض الشيء تداعيات لوجستية، حيث لن تتمكن وزارة المالية من انهاء الجداول قبل ايام العيد، ما يشير الى رحلة معاناة اضافية لهؤلاء..

اما رحلة الموت الاغلى في العالم فكانت لمترفين ارادوا معاينة “التيتنك” فلحقوا بها، واستنفر العالم لايجادهم بعد ايام على انقطاع التواصل معهم، وهم اربعة من اثرياء العالم قرروا الذهاب برحلة كلفتها اكثر من مئتي الف دولار لكل فرد منهم في غواصة للاطلاع على بقايا سفينة التيتنك، فقضوا بانفجارها نتيجة خلل فني، وبات مصيرهم محط اهتمام العالم . فيما مراكب الموت التي تقتل المهاجرين عند سواحل الامل الاوروبية كل يوم تمر مرور الكرام على وسائل الاعلام وعلى تلك الدول واجهزتها..

اما الغائب عن الكثير من وسائل الاعلام والعديد من الدول الاسلامية، فهو قيام قطعان من المستوطنين الصهاينة بتدنيس المساجد في الضفة الغربية واحراق نسخ من القرآن الكريم، وهو ما اعتبره حزب الله اعلى درجات الارهاب والعنصرية، داعيا الدول والحكومات الاسلامية والعربية والمنظمات الدولية لوضع حد لهذه العدوانية..

لا تزال جولة جان ايف لودريان في يومها الثالث والاخير الشغل الشاغل للسياسيين والمحللين، على رغم خلوها من اي موقف حاسم من مصير الاستحقاق الرئاسي.

اما الناس، فشغلهم الشاغل في مكان آخر… بين الهموم المعيشية من جهة، والأمل في تمضية صيف خال من التوترات السياسية والامنية، وطبعا النقدية والمالية، من جهة اخرى، في ضوء الانهيار الاقتصادي المستمر بلا أي افق للحل، وعلى وقع العد التنازلي لأيام رياض سلامة على رأس حاكمية مصرف لبنان.

هل من نتيجة للقاءات لودريان؟ الجواب الشافي سيتأخر على هذا السؤال، ويرجح ان ينتظر اياما بعد انتهاء الزيارة، التي يبدو انها لن تكون الاخيرة، بل ستفتح الطريق امام زيارات اخرى، بهدف بلورة مبادرة جديدة، أول بوادرها نقاش حول حوار برعاية فرنسية، واستمزاج للآراء… حول اعتباره ممهدا للاستحقاق الرئاسي، ام نتيجة له.

في غضون ذلك، توقفت اوساط سياسية عند تفاصيل اللقاء الذي جمع موفد الرئيس الفرنسي مع رئيس التيار الوطني الحر امس، والذي دام ساعة وربع الساعة سمع خلالها رئيس التيار من لودريان انه في ضوء ازمة الرئاسة بواقعها المستجد، لا بد من البحث عن حلول جديدة وان مرحلة طويت ومرحلة جديدة بدأت، وأن فرنسا لا تملك حلولا معلبة ولا اجوبة مسبقة.

و تقاطعت وجهة نظر باسيل مع رأي لو دريان بأن الرئيس اللبناني المنتظر لا يمكن أن يكون إلا نتاج حوار لبناني-لبناني.

وشرح رئيس التيار وجهة نظره التي تقوم على ضرورة التحاور بين جميع المكونات للتوافق على اسم الرئيس وعلى الخطوط العريضة لبرنامج تنفذه الحكومة الجديدة، والذي على أساسه يتم طلب الدعم الخارجي. وشرح باسيل للموفد الفرنسي أن الرئيس الجديد لا يمكن أن ينجح ما لم يحظ بدعم داخلي واسع، إن لم يكن شاملا، بدليل ما جرى في عهد الرئيس ميشال عون نتيجة مواقف قوى فاعلة في الدولة عارضت وصوله من الاساس، وتوعدت بإفشاله.

الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لو دريان، سيعود إلى باريس، بعد ثلاثة ايام من لقاءاته الاستطلاعية في بيروت، ويعد تقريره ليرفعه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، وبعد الإطلاع والمناقشة، تصدر توجيهات جديدة من الأليزية إلى لودريان، وفي ضوئها يعود إلى بيروت, في زيارة ثانية لا يكون فيها مستمعا أو طارحا أسئلة محددة, بل ربما حاملا مقترحات أو فلنسمها نصائح، هذا يعني أن لا جلسة ثالثة عشرة لمجلس النواب قبل أن تتبلور مهمة الموفد الفرنسي وزيارته الثانية.

بهذا المعنى لا توقع لأي تطور قبل عيد الأضحى ، وهكذا يمر حزيران دون انتخاب رئيس، ويطوي الشغور الرئاسي شهره الثامن، مع انفتاح على الشهر التاسع لاستمرار الشغور، إلا إذا حصل تطور ما من خارج الحركة الفرنسية، وهذا مستبعد حتى الساعة.

في ملف حاكمية مصرف لبنان ، معلومات لل lbci أن البحث لا يزال مستمرا في الكواليس ، في كيفية مواصلة حاكم مصرف لبنان عمله بعد انتهاء ولايته في الحادي والثلاثين من تموز المقبل في حال استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية.

“الحكي ما عليه جمرك” في مطار بيروت.. وإن ذهبت الحكومة برئيسها ومصرفي وزاراتها لتدشين أربعة أجهزة سكانر ألمانية الصنع حيث رصدت كاميرات المراقبة في المطار حركة حكومية غير اعتيادية.. خضعت فيها التصاريح لآلة كشف الكذب.. وكادت الدمعة تفر من عين الرئيس نجيب ميقاتي وهو يستذكر الشهيد رفيق الحريري وما أنجزه في واجهة بيروت الجوية من إعادة تأهيل.

تلك الواجهة وحرم المطار الذي حمل اسم رفيق الحريري في تسعينيات القرن الماضي، كلف الخزينة مبالغ طائلة، لم تحتج إمارة دبي الى أكثر من نصفها لبناء مطار دولي يفوق مطارنا بأضعاف من حيث المساحة والنتيجة اليوم مرفق جوي يسير رحلاته “بطلوع الروح”.. ويغص بأعداد الوافدين والمغادرين، ويمثل الصورة المشرقة للبنان كما تمناه ميقاتي.

وفي حركة الملاحة السياسية.. أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري هبوطا اضطراريا أمام محطة الجديد وبعصف فكري قال للزميلة راوند بو ضرغم إن المبادرة الفرنسية لم تطو صفحتها وأن لودريان لم يتخط سليمان فرنجية ولم يذكر اسمه، لكنه أعطاه pass وإشارة لتمييزه عن غيره بدعوته إلى الغداء وعن إمكانية البحث عن خيار ثالث قال بري إن الحوار يحدد الأسماء.

وكشف أن لودريان يستطلع بدوره امكانية الحوار .

وأضاف بري: ليس صحيحا أن الأميركي يعرقل الرئاسة، بل نحن نشعر بأنه يفضل قائد الجيش. انتهى كلام بري.. ليبدأ زمن قصر الصنوبر على التقويم السيادي ومن حيث انتهى بالأمس، واصل اليوم جان إيف لودريان التنقيب عن الرئيس الضال في جولة “السين سؤال-جيم جواب”،

وبحسب المعلومات فإن لودريان وبلغة الإشارة بث الطمأنينة في نفس من ظن أن فرنسا تخلت عن ابنائها المسيحيين وبالعين المجردة ثبت أن مبادرة بلاده لاتزال حية ترزق وبالإيحاء، جرى التماس اسم سليمان فرنجية كمرشح مقيم.. مع تقص لفرص زياد بارود، وقراءة جادة لنتائج جلسة الرابع عشر من حزيران، ودخول جهاد أزعور كحاصد للأرقام في المعادلة.. والخروج من هذه المتاهة بخريطة طريق جديدة على قاعدة مقولة الرئيس الراحل صائب سلام “لا غالب ولا مغلوب”..

والاسترشاد بروحية الفاتيكان، حيث لا كسر للشيعي، ولا غلبة للمسيحي، ولا إقصاء للمستقل وعلى هذه الخلاصات المستقاة من أجواء اللقاءات، أنهى لودريان جولته الاستطلاعية بعد نهار كانت أطول ساعاته مع نواب تغييريين.. قدموا الى الموفد الفرنسي رؤية 17 تشرين ومن ضمن المواكب نحو قصر الصنوبر، شوهد وليد جنبلاط يقود السيارة بنجله تيمور، ليغرد بعد جلسة الاستماع أن اللقاء كان وديا وصريحا وقبل استمزاج آراء الوفاق الوطني ومستقلين..

خطف لودريان “رجله” نحو اليرزة للاستحصال على أمر اليوم من قائد الجيش جوزيف عون قبل أن يحزم رزمة أجوبته إلى الإليزيه، حيث ستجري عملية تصحيح أوراق الامتحانات ووضع العلامات لكن هل سينجح لودريان حيث فشل ماكرون؟

وهل ستؤتي الجولة الاستقصائية حلولا؟

والاستقصاء على من وعلى ماذا؟

ففرنسا هي “أم العريف” في أدق التفاصيل اللبنانية وفي محاور الخلافات..

ولها بصمتها في ذلك والحل كما هو داخلي ولو بكذبة التوافق، هو خارجي باتفاقات ثنائية ولجان خماسية وما حراك لودريان سوى جولة في الوقت الضائع، وقراءة للطالع الرئاسي في الكف السياسي…

وأما رؤساء الدويلات اللبنانية الموزعون على طوائفها ومناصبها، فقد وجب عليهم الخضوع لدورة محو الأمية من أجل قراءة المتغيرات الإقليمية الإيجابية لبناء المقتضى وملء الشغور الرئاسي.