إحراق العلم "الإسرائيلي" من نشاط كلية الإعلام ـ الجامعة اللبنانية تضامناً مع فلسطين المحتلة
إحراق العلم "الإسرائيلي" من نشاط كلية الإعلام ـ الجامعة اللبنانية تضامناً مع فلسطين المحتلة

“تطبيع” تربوي في حرم الجامعة اللبنانية؟

/ فاطمة جمعة /

شهد طلاب كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الخامس، حادثة غير مسبوقة وخطيرة الأبعاد، حيث تفاجأوا أثناء إجرائهم الامتحانات الفصلية، بسؤال حول حرية الرأي وحقوق الإنسان، من خلال طرح زيارة الإعلامية الكويتية فجر السعيد إلى لبنان ومنعها من دخول الأراضي اللبنانية، كمثال للمناقشة، وهو يدافع بصيغته ـ بطريقة غير مباشرة ـ عن السعيد ويبرز موقف الأستاذ المعد للامتحان في صف الداعم لها.

داعية صهيونية

في 7 حزيران الحالي، منع الأمن العام اللبنانية في مطار رفيق الحريري في بيروت، الإعلامية الكويتية فجر السعيد من الدخول إلى الأراضي اللبنانية، لوجود إشارة “إسرائيلية” على جواز سفرها، ما يخالف القانون اللبناني، وبذلك نفّذ الأمن العام القانون مثل مل يحصل في أيّ مطار في العالم، كما أن القانون الكويتي يجرّم زيارة كيان الاحتلال الإسرائيلي. وبرغم ذلك، تلقّت السعيد معاملة جيدة في مطار بيروت باعترافها.

فجر السعيد تزور تل أبيب باستمرار، وتتغنّى علناً بدعمها الاحتلال الإسرائيلي والتعامل معه، وهو سبب كافٍ لمنعها دخول لبنان. غير أن حملة إعلامية واسعة اجتاحت لبنان لاختراع “كذبة” أن الأمن العام منعها لآرائها وأفكارها. بمعزل عن كون التطبيع ليس رأياً ولا وجهة نظر، فإن بعض اللبنانيين صدقوا “الكذبة” وأنه تم “انتهاك حقوق السعيد، وقمع حرية الرأي والتعبير، بخاصة لأنها صحافية”، حتى وصل الأمر إلى الصروح العلمية التي من المفترض أن تخرّج النخب المثقفة والواعية بتمييز الحقوق والقوانين والمحرمات.

تطبيع تربوي

قررت الجامعة اللبنانية إدخال مقرر حقوق الإنسان في جميع الاختصاصات من دون إستثناء، أي أصبح طلاب الهندسة والعلوم والطب يدرسون الحقوق، لكن أي حقوق؟ ليس المهم تعريف الطلاب بماهية الحقوق وعددها بل بكيفية تطبيقها، الأمر الذي يلخّص “سقطة” الأستاذ بتطبيقها في الامتحان.

هل اختفت أمثلة شهداء الصحافة بتاريخ لبنان؟ لم يبقَ مثال نشرح من خلاله للطلاب أسمى الحقوق سوى فجر السعيد؟ وكأن لبنان يفتقر للأبطال والقادة والمؤثرين الذين اضُطهدوا وانتُهكت حقوقهم؟

كيف تمت عملية الربط؟ ما هذا التناقض في الدفاع عن “حرية” إعلامية مؤيدة لكيان ينتهك حقوق البشر يومياً ويسلب حريتهم، ويحتل أرضهم ويمارس أفظع أنواع الظلم والاستبداد بحقهم؟!

ما يطرحه السؤال الوارد في الامتحان ليس إلا تسويقاً سياسياً، ويندرج في إطار حملة ترويج غير مباشر للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، وإن لم يتقصّد الأستاذ ذلك، فإن الأمر يدل على ضعف وعيه السياسي وعدم اطلاعه على القانون اللبناني، أقله!

خدعة ومؤامرة

يشكّل السؤال المطروح في الامتحان خطراً على فكر الطلاب وتهديداً لجيل بأكمله، فمن الناحية النفسية يتأثر العديد من الطلاب بأساتذتهم ويتبنون أفكارهم، فقط لأنهم معجبون بشخصياتهم وبطريقة تعليمهم أو أي سبب آخر، أي من الممكن أن يسيء أي طالب تطبيق الحريات ويصدق كذبة ما جرى مع فجر السعيد.

المضحك في الأمر أن الأستاذ ترك هامشاً للطلاب للتعبير عن موقفهم من الحادثة في السؤال الثالث، على قاعدة “كسَر وجبَر”، بعد أن روّج وتبنّى وأقنع وفرض عليهم قياس الحقوق والحريات على المطبّعة فجر السعيد، ووجوب دعم ذلك وشرحه.

إنها خدعة الحريات والانفتاح التي اقنعتنا بها بعض جمعيات المجتمع المدني والدول الغربية، بالتزامن مع حملة إعلامية دقيقة، وعلى مواقع التواصل، حيث يكفي لـ”ذباب الكتروني” مأجور نشر تغريدات وشعارات مدافعة عن حق فجر السعيد، أن يجرّ خلفه جيشاً من اللبنانيين “المخدوعين”، للمشاركة على صفحاتهم.

أنقذوا الجامعة!

المستغرب في الحادثة أنها وقعت في حرم الجامعة اللبنانية، وليس في مؤسسة ذات منهج أميركي أو فرنسي، على غرار ما حصل في مدرسة “الليسيه” فردان حين استُخدمت “إسرائيل” بدل “فلسطين” في تدريس الخريطة. لطالما كانت “جامعة الوطن” الأولى في تدريس الروح الوطنية والقومية العربية. وما يزيد الاستهجان هو عدم إيلاء أي مسؤول أهمية التصريح أو التوضيح عن الحادثة. لم يصدر استنكار ولا تنديد من مدير الفرع الخامس أو رئيس الجامعة أو وزير التربية. ولهؤلاء نذكرهم أن الجامعة اللبنانية هي لبنان مصغر، فإن ضُرب هذا “الكيان”، فلنترحم على لبنان..!