/ باسمة عطوي /
لا يتوانى القضاة والبرلمانيون الاوروبيون عن ابداء اعتقادهم بأن ثمة قضاة لبنانيين يسعون جاهدين لحماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدم محاسبته. كما ان مآخذ القضاء الاوروبي على القضاة اللبنانيين هي أنهم يأخذون أقوال سلامة كما هي ولا يتوسعون في التحقيق بالاعتماد على المعطيات الاوروبية التي تراكمت ولا ريب فيها، فضلا عن التأجيل المتكرر لاستجواب سلامة وشقيقه رجا وآخرين متورطين معهما. ويفسرون “التباطؤ” الحاصل بأن هناك نية لبنانية لابقاء هذا الملف على حاله لوقت طويل. ولذلك فهم يبادرون (السلطات القضائية الاوروبية) الى الاعلان بأنهم سيستمرون في ملاحقة الحاكم والمتورطين معه وايضاً الضغط بكل الوسائل للبت في ملفه وعدم “تنييمه”. فهل يطلب القضاء الاوروبي استرداد الملف؟.
تشرح رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر لـ”نداء الوطن” أنه “لا يمكن استرداد الملف من قبل القضاء الاوروبي لأن لبنان لن يتخلى بالتأكيد عن ملاحقة سلامة، وشخصياً لم يصلني شيء بهذا الخصوص ويمكن لهكذا طلب ان يصل الى القاضي شربل ابو سمرا أو المدعي العام التمييزي”.
تضيف: “يوم الخميس كانت هناك جلسة استماع لرجا سلامة وكان من المفروض ان يحضر لكن وكيله القانوني تقدم بمعذرة طبية، ورفضت هذه المعذرة لأنها غير جدية وطلبت تعيين طبيب شرعي للكشف عليه يرافقه قاضي التحقيق. لكن قاضي التحقيق رد هذا الطلب وهذا الرد غير قابل للاستئناف. وكلف وكيل رجا سلامة جلب تقرير طبي مصدق من طبيب شرعي بتاريخ يوم الخميس وابرازه يوم الاثنين المقبل. وعلى اساس التقرير يمكن لقاضي التحقيق اتخاذ القرار بتعيين طبيب شرعي أم لا”، لافتة الى أنها “تعتبر أن المعذرة التي تقدم بها رجا سلامة غير جدية وبالرغم من أنها لم تسمع اي ملاحظات من القضاء الاوروبي بهذا الخصوص، لكنها تشير الى أن القضاء الفرنسي يمكن أن يطلب من لبنان المساعدة القضائية مجدداً، على غرار ما حصل في المرة السابقة حيث نفذ لبنان المساعدة، وزارت القاضية أود بوريسي لبنان وقامت بالتحقيقات التي رأتها ضرورية ويمكن للقضاء الاوروبي ان يطلب مساعدة مرة ولا شيء يمنع”.
وتختم: “تم تأجيل الجلسة لدعوة المدعى عليهم رجا ورياض سلامة وماريان حويك الى 12 تموز المقبل، وانا متأكدة من أن رجا سلامة لن يحضر، لأن وكيله صرح انه سيخضع لعملية قلب مفتوح، ونحن بانتظار الاعذار التي سيتقدم بها كل من رياض سلامة وماريان الحويك”.
مالك: الصلاحية الأساسية للمحاكم اللبنانية
من جهته يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ”نداء الوطن” أن “الصلاحية الاساسية في ملف سلامة هي للمحاكم اللبنانية لأن حاكم المركزي هو في الاساس يحمل الجنسية اللبنانية حتى لو لديه الجنسية الفرنسية”، لافتاً الى أنه “عملاً بأحكام قانون العقوبات اللبناني لا يمكن ملاحقة او معاقبة او محاكمة اي لبناني خارج الاراضي اللبنانية، سيما اذا تمسكت السلطات اللبنانية بحقها في المحاكمة، ولذلك يجب أن يثبت ان هناك تلكؤا من قبل القضاء اللبناني وبعدها لكل حادث حديث. وحتى تاريخه، السلطات اللبنانية تقوم بما هو عليها، وهناك ادعاء بحق سلامة وملاحقة له وجلسات تتالى بهذا الخصوص”.
مطلوب وقائع مختلفة
يقدم المحامي راضي بطرس وجهة نظر أخرى حول كيفية مقاربة القضاء الاوروبي لملف سلامة بالرغم من أن النظر فيه يتم في القضاء اللبناني، ويشرح لـ”نداء الوطن” ذلك بالقول:”هناك مبدأ قانوني ينص على انه لا يلاحق الفعل الجرمي مرتين. واذا تم اثبات أن القضاء اللبناني يلاحق سلامة في جرم معين قبل القضاء الاوروبي فلا يمكن ملاحقته في الخارج، صحيح أن هناك ادعاء على سلامة في فرنسا والمانيا… لكن في لبنان الرئيسة، هيلانة اسكندر ادعت عليه وعلى ماريان الحويك في جرائم الرشوة والتزوير والاثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وهذه الجرائم مدعى على سلامة فيها او بعضها في فرنسا والمانيا ولوكسمبورغ، ويمكن السير في ملف سلامة في اوروبا وفقاً لوقائع وجرائم مختلفة وبطريقة مستقلة وبالتوازي، و لكن ليس على نفس الوقائع التي ينظر فيها القضاء اللبناني”.
فرض تنسيق وليس سطوة قضاء على آخر
يضيف:”مثلاً في ما يتعلق بجرم اختلاس300 مليون دولار والتهرب الضريبي، في حال تمت المباشرة في التحقيق فيه في فرنسا قبل لبنان لا يمكن الادعاء على سلامة في لبنان على نفس الوقائع والجرم، ولا شيء اسمه استرداد ملف بل استرداد مجرم او تسليمه، أي أن القضاء الفرنسي يمكن ان يطلب تسليم رياض سلامة للتحقيق معه والدولة اللبنانية عادة ترفض. أما تسليم الملف ففيه مساس بسيادة القضاء اللبناني”، مشيراً الى أن “اتفاقية مكافحة الفساد الصادرة عن الامم المتحدة والتي انضم اليها لبنان تفرض تنسيق الجهود بين الدول الاعضاء للتعاون القضائي وليس سطوة قضاء على قضاء آخر، اي تشارك لمعلومات بهدف مكافحة الفساد”.
يرى بطرس أنه “يمكن للقضاء الاوروبي أن يطلب الاستماع مرة ثانية لسلامة وطلب مستندات من القضاء اللبناني أو استدعائه الى الخارج، أو انتداب قضاة للاستماع الى سلامة في لبنان ومتابعة ملفهم بغض النظر عن تحرك القضاء اللبناني، وبذلك يمكنهم فرض تعاون القضاء اللبناني معهم من دون سطوة اي طرف على الآخر”.
ويختم: “هناك الكثير من الحجج التي يمكن ان تساق حول البطء في التحرك في ملف سلامة. ولكن بالرغم من كل المآخذ على المسار القضائي اللبناني، الا أن هناك قضاة مشهود بنزاهتهم وهناك عوائق لوجستية تمنع القضاء اللبناني من العمل بالوتيرة التي يسير عليها القضاء الاوروبي”.