/ مرسال الترس /
الكلام الذي أطلقه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في إهدن، في الذكرى 45 للمجزرة التي خطّط لها حزب “الكتائب”، ليس مُنزلاً كالكلام في الكتب المقدسة لدى من يؤمن بها، ولكنه كان واقعياً ومنطقياً لجهة إعلانه أن ما تسمى “المعارضة”، والتي بمعظمها من الأحزاب المسيحية، لا ترغب في وصول رئيس ماروني منفتح وطني وعروبي، بل رئيس يضع أذنيه لدى الأميركيين ويكون مستعداً للتطبيع مع الإسرائيليين، والأفضل توقيع اتفاق سلام معهم وفق ما يرغبون، كما حصل في اتفاق 17 أيار على عهد الرئيس أمين الجميّل الذي لم يستطع الحفاظ عليه. في حين كان جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية يردد باستمرار أن “لبنان يجب ان يكون آخر دولة عربية توقّع اتفاق سلام مع إسرائيل، لأنه لا يستطيع ان يتحمل وزر اتفاق بغير إرادة جميع الدول العربية”.
صحيح أن فرنجية قد حيّد في كلمته سيد بكركي، إلا أن الزعماء الذين يقودون الموارنة لا يريدون أن يقتنعوا بأي كلام ينطق به فرنجية، حتى لو ذكّرهم أنه ماروني أباً عن جد الجد. ليس المقصود فقط سمير جعجع وسامي الجميل، وإنما جبران باسيل أيضاً، لأنهم يعيشون على أحلام “سويسرا” والكانتونات والفيدراليات، ولا يمررون مناسبة إلاّ ويحاولون إقناع الشعب اللبناني بما قد تحمله من “رخاء واسترخاء”، متجاهلين ما دفع الشعب السويسري من ويلات الصراعات الأهلية الطاحنة للوصول إلى تلك الصيغة.
جعجع وسامي، مهما حاولا إنكار ذلك، متأثران بالعلاقات التي بناها حزب “الكتائب” مع كيان العدو الإسرائيلي، أقله منذ منتصف السبعينات. ولكن السؤال المحيّر هو: ما هي الحوافز التي تدفع باسيل، إذا كان فعلاً حريصاً على “اتفاق مار مخايل” والعلاقة الاستراتيجية مع “حزب الله”، أن يعلن أنه لا ضير لديه في إقامة السلام مع الاحتلال الاسرائيلي، ورفع نصب عند صخور نهر الكلب لجلاء الجيش السوري عن لبنان، ورفض أي رئيس يدعمه “حزب الله”، ويناور صبح مساء في إطلاق العبارات الرنّانة والطنّانة حول الكونفدرالية واللامركزية الموسعة، والتي سيذوب فيها هو وتياره إلى حد الإلغاء، لا بل هناك من سيعمل على “إخفائه نهائياً” عبرها؟
وإذا كان هذا الكلام لا يدخل إلى عمق مسامع باسيل، فليسأل أحزاب “الكتائب” و”الوطنيين الأحرار” و”حراس الأرز” و”التنظيم” وغيرها من التي اندثرت أو التي هي على طريق الاندثار، علّه يُدرك الخطأ المميت الذي ارتكبه عندما قرّر كسر الجرّة مع “حزب الله”!