/ رندلى جبور /
ليست زيارة الرئيس العماد ميشال عون إلى سوريا مفاجئة، ولا لقاؤه الرئيس السوري بشار الأسد مستغرباً، فالعلاقة بين الرجلين لم تنقطع طيلة الفترة الماضية، ولم تمرّ بمطبّات أو طلعات ونزلات، بل كانت علاقة جيدة ومستقرة ومحفوفة بالإيجابية، وكانت الاتصالات قائمة باستمرار.
كان الموقف العوني واضحاً وثابتاً منذ اليوم الأول للحرب السورية، ولم يقف الرئيس عون أو رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على “التّل”، كما فعل آخرون، ولا راهنوا على سقوط النظام الذي كان البديل عنه هو التطرف والإرهاب، بخلاف رهانات الكثيرين.
ولكن الرئيس عون، الذي أراد أن يكون جامعاً و”بَيّ الكل” في الداخل، حاذر الذهاب إلى دمشق خلال ولايته الرئاسية، لعدم جرّ المزيد من الانقسام بين اللبنانيين، ولا إضافة شرذمة على الشرذمة.
ومن زار الرابية بعد انتهاء ولاية “القائد العوني”، سمع من صاحب الدار أنه ينوي زيارة الشام بعد عيد الفطر.
وقد أتت الزيارة بالتالي، في توقيت كان فكّر فيه عون، بعد تحرره من عبء الرئاسة، وغداة عودة سوريا إلى الجامعة العربية وعودة العلاقات الى طبيعتها مع الخليج، وكان من أوائل المنادين بهذه “العودات”.
أما بالنسبة للملفات التي بحثها الأسد وعون، فلا علاقة لها لا بـ”حزب الله”، ولا بسليمان فرنجية، ولا برئاسة الجمهورية اللبنانية، كما سوّق البعض الذي لا يعرف ميشال عون وسياديته جيداً. حمل عون الملفات ذات الطابع المشترك، بدءاً من التحديات وصولاً إلى حل الأزمات، وعلى رأسها إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، والرئيس عون أول من حمل هذه القضية واتهم آنذاك بالعنصرية.
وإلى تلك الملفات، المواضيع الاقتصادية، خصوصاً أن الجغرافيا تحتّم التنسيق، والرئيس عون هو صاحب طرح “المشرقية” للتعاون والتكامل الاقتصادي والاستراتيجي والأمني من أجل خير المنطقة، خصوصاً أن الظروف باتت أفضل وتسمح بذلك.
ومن الطبيعي أن يستمع الطرفان لوجهة نظر بعضهما البعض تجاه الأوضاع في لبنان وسوريا والعالم العربي والعالم، من دون أي تدخل بالشؤون الداخلية لكل دولة.
أما اختراع السيناريوهات حول الزيارة، والشطحات الخيالية والتحليلات “الخنفشارية”، فلا علاقة لها لا بالواقع ولا بشخصية وطبيعة ميشال عون.. وكذلك الأسد.
(*) الآراء الواردة في المقالات لا تعبّر بالضرورة عن سياسة موقع “الجريدة”