بعبدا

الرئيس في “المقصورة”.. و”قطار التسوية” لم يقلع نحو لبنان!

/ خلود شحادة /

“يا فرحة ما كملت” لدى اللبنانيين في ما خص التطورات التي طرأت على ملف رئاسة الجمهورية، فما إن شعروا أنهم سيتنفسون الصعداء بانتخاب رئيس جديد، حتى بدأ يتلاشى الأمل شيئاً فشيئاً.

هدوء سياسي حذر، على الأقل على صعيد الخطاب والخطاب المضاد.

الدولار مستقر منذ فترة ليست قصيرة، مقارنة مع تقلّباته التي حيّرت علماء الاقتصاد. ثبات “تسعيني” رغم عواصف مذكرات التوقيف بحق حاكم “مصرف لبنان”.

هذا الجمود انعكس أيضاً على ملف انتخاب رئيس الجمهورية. وشمس صيف لبنان، لا يبدو أنها ستشرق في بعبدا، حيث أن جواب الأوساط السياسية “لا رئيس” في المدى المنظور.

وبعد الحديث عن “ليونة سعودية”، في ما خص القبول باسم الوزير السابق سليمان فرنجية، عادت كل الأمور إلى المربع الأول.

بحسب مصادر موقع “الجريدة”، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى هامش القمة العربية في جدة الشهر الماضي، أبلغ مجموعة من القيادات العربية أن “قطار التسويات إنطلق من طهران، عبر في بغداد، وصل إلى دمشق.. في انتظار انتقاله إلى لبنان”.

هذا الكلام يطرح عدة علامات استفهام، فهل سيكون فرنجية رئيساً باتفاق “س ـ س”، بعد عودة سوريا إلى الحضن العربي؟ أم أن هذه العودة ستؤدي إلى مرحلة جديدة تفرض إسماً آخر يتناسب مع متغيرات المنطقة؟
هذا يعني، أن السعودية اليوم لا تقف عند اسم رئيس جمهورية لبنان، ولا تضع الملف اللبناني أساساً في سلّم أولوياتها، بل تضعه في خانة النتائج المرتقبة للتحولات الإقليمية، وهذا ما قد يصعّب أكثر إمكانية الحلحلة.

بعض الذبذبات التي تحصل على الصعيد الرئاسي، لم ترق إلى مستوى “الهزات”، التي يمكن أن تفتح أبواب مجلس النواب لجلسة ينتج عنها انتخاب الرئيس، ولا أن تملأ فراغ بعبدا.

طرح “التيار الوطني الحر” لاسم جهاد أزعور كمرشح حقيقي يتبناه لرئاسة الجمهورية، سار به النائب جبران باسيل مرغماً لا بطل، لأن أزعور ليس مرشح باسيل الرئيسي، ولكن اضطر إلى المضي فيه لأنه كان الاسم الجامع بين الأسماء العديدة التي تناولتها القوى المسيحية في ما بينها، وبالتالي يمكنه مواجهة مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية.

لكن هذا الطرح، لم تجرِ رياحه كما تشتهي سفينة باسيل، بل أدى إلى تباين كبير بين نواب تكتل “لبنان القوي”، طفى على السطح، حيث “تمرد” حوالي 6 نواب على ترشيح أزعور، من بينهم: آلان عون، إبراهيم كنعان وأسعد درغام، معلنين عدم تبنيهم ترشيحه.. فهل ستكون أصواتهم لفرنجية؟

أزعور حصل على “مباركة” بكركي، حيث حمل الكاردينال بشارة بطرس الراعي معه إلى فرنسا، ورقة تضم مجموعة أسماء “مارونية” يمكن التوافق عليها لرئاسة الجمهورية بين القوى المسيحية، مع تزكية من الراعي لاسم أزعور بأنه حظي على توافق القوى السياسية المسيحية في لبنان.

هذه التزكية أرفقها الراعي بتأكيد منه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أهمية الدور الذي يلعبه المسيحيون في لبنان، حيث أنهم يمتلكون الموقع الرئاسي المسيحي الوحيد في الشرق.

في المقابل، تشير المعلومات إلى أن باريس لم تقدم جديداً، ولم تعطِ بصيص نور في ملف الرئاسة، وكان كلام ماكرون عمومياً أكثر، مركزاً على ضرورة خروج لبنان من أزمته، لأنه لم يعد هناك من يكترث له، وضرورة عودة عمل المؤسسات الدستورية.

الموقف الفرنسي “المقنّع” والدبلوماسي، يؤكد ما جاء على لسان بن سلمان، أن القرار اليوم ليس في باريس ولا في الرياض. القرار داخل “مقصورة” قطار متوقّف في دمشق، والصافرة لم تعلن إقلاعه، بل إن محركاته ما تزال باردة ولم تبدأ بالدوران لتتوجّه نحو بيروت، ولا يبدو أن موعد انطلاق الرحلة قد تحدّد حتى اليوم.