“ثرثرة” عن “المناورة” و”الذمّية”.. والجيش والمشروعية!

/ رندلى جبور /

كثيرون يلحقون الموجات و”الترندز” وما يزرعه بعض الاعلام في عقولهم.

كثيرون يكررون المواقف “ببغائياً” ولا يتخذون موقفاً، أو أنهم لا يملكون الجرأة الكافية للتعبير عن ذواتهم هم لا عن الاخرين.

مناسبة الحديث هي الحملة التي شُنّت عليّ لحضوري المناورة العسكرية التي نفّذتها “حزب الله”، تماماً كما مئات الإعلاميين اللبنانيين والعرب وحتى الأجانب.

صرت “ترند” رقم 1، ونسي مطلقو الحملات “حزب الله” بذاته، وركّزوا هجومهم على مشاركتي بنشاط له!

ليس لي حتماً أن أبرّر، لأن الموقف الوطني، أو فعل أي أمر عن قناعة، لا يحتاجان الى تبرير، ولكنني لا بد من التأكيد على بعض النقاط:

أولاً: إن “حزب الله” مكوّن لبناني، وجميعنا يعلم أنه يمتلك سلاحاً متطوراً وقدرات بشرية وعسكرية هائلة، وهذا ليس بجديد ولا حاجة لمناورة كي نعرف ذلك. ولولا قدراته تلك، مع الاحتضان الشعبي ومواقف أفرقاء وطنيين، لما تحرر الجنوب، ولا انتصرنا في حرب تموز، ولا أرسينا قوة ردع، ولا حتى ربما أنجزنا ترسيم الحدود. فما الذي فاجأ البعض؟! وهل المقاومة تخفي سلاحها في المخابئ؟! وهل موقفي غير معروف؟

ثانياً: إن مناورة “حزب الله” ليست موجّهة إلى الداخل اللبناني، ولا إلى أي مكوّن منه، ولا حاجة لذكاء كثير كي نفهم ذلك، بل هي موجهة إلى العدو الاسرائيلي. فما الذي استفز الداخل؟!

وهل لو التقيت بـ”إسرائيلي” وصافحته، مثلاً، وهذا من سابع المستحيلات، كانت قامت القيامة كما حصل خلال وجودي في الجنوب اللبناني مع مقاومين لبنانيين؟!

ثالثاً: إن حضوري في مناورة “حزب الله” لا يعني بأي شكل من الأشكال انتقاصاً من إيماني وعشقي للجيش اللبناني. لا بل أنا، وجدانياً، ابنة المؤسسة العسكرية وأفتخر بها من أعلى ضابط إلى كل عنصر. ولكن، ألا يدرك هؤلاء أن الجيش على تنسيق تام مع المقاومة؟ وأنه لا يمتلك الأسلحة الاستراتيجية التي تمكّنه من مواجهة إسرائيل؟ وأن العدو لا نواجهه دائماً بجيش نظامي بل بمقاومة أو بـ guerillas؟

ثم إن البيانات الوزارية المتتالية ثبّتت ثلاثية “جيش شعب مقاومة”، كما أن بيان القمة العربية الأخيرة اعترف بحق لبنان في المقاومة، وميّز بينها وبين الإرهاب.

رابعاً: أنا كنت مع اهلي في الحزب تماماً كما أكون مع أهلي في أي بيئة أو تيار أو حزب آخر، طبيعياً، وبوطنية فائقة وبعقل منفتح لا تحدّه قوالب البعض المتحجرة.

خامساً: يجب الفصل والتمييز بين المقاومة، كحصانة ونقطة قوة للبنان تجب الاستفادة منها، وبين مواقف الحزب السياسية التي أختلف مع البعض منها بلا خجل، والاختلاف في السياسة لا يعني تجريد الآخر من وطنيته أو طعن تضحياته بالظهر!

وأخيراً “الذميون” هم الكسالى الذين لا يقاومون، أو المصابون بتعصّب يجعلهم يضرّون حتى بطائفتهم، أو بفريقهم، وليقدّم المنتقدون لهذا الوطن شيئاً ثم فلنتاقش. أما أن يمدّ البعض أرجلهم ويثرثرون، فهذا لا يدفعني إلى التراجع أو التخلي عن ثوابت ومبادئ أؤمن بها.

وعلى مستوى المسؤولين، فليذهب الجميع إلى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي أعلن “حزب الله” مراراً أنه مستعد للجلوس على طاولتها، بدلاً من رجمي بالسخافات.

وعلى فكرة، المقاومة لا تردع الاعداء عن الشيعة وحسب، بل عن كل أبناء هذا الوطن، تماماً كما أن “التيار الوطني الحر” لا يناضل للحرية وللإصلاح من أجل ناسه فقط.

(*) الآراء الواردة في المقالات لا تعبّر بالضرورة عن سياسة موقع “الجريدة”