لم يكن المشهد السياسي امس، بحسب “نداء الوطن”، أقل صخباً من نظيره القضائي، وسط معلومات مثيرة للاهتمام، حول ما آلت اليه المبادرة الفرنسية، والتي سبق واندفعت بعيداً في تسويق خيار الممانعة، بإيصال رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى قصر بعبدا. وبدا ان الرئيس نبيه بري قد أسقط من يده، بعدما إستثمر في تكهنات تزعم ان المملكة العربية السعودية تؤيد مبادرة الاليزيه لانتخاب فرنجية رئيساً للبنان. والجولة الاخيرة من اللقاءات، التي قام بها سفير المملكة وليد البخاري، والذي اجتمع مع بري، بددت هذه التكهنات بشهادة الأخير الذي نقل عنه امس انه “ليس هناك جديد نوعي” في الموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي.
وهكذا، تهاوت ورقة فرنجية، ما جعل بري أكبر الخاسرين، بعد تصدّره مرحلة تسويق مرشح الممانعة داخلياً. أما “حزب الله”، الذي لم يكن مستعجلاً مثل بري في إعلان ترشيح فرنجية قبل أسابيع، فبدأ مرحلة المساومة على البديل عن الاخير وسط معلومات تفيد بأن “الحزب” يسعى الى التوصل الى سلة اتفاقات تشمل رئاستيّ الجمهورية والحكومة معاً، الامر الذي يعني ان “الحزب” يثابر في سلوك الطريق التي سلكها من قَبل “سمسار الاليزيه”، ولكن من دون جدوى. ولا يبدو ان “الحزب” سيكون اكثر حظاً من الوسيط الفرنسي، ما يعني ان استدارة “الحزب” ستأخذ وقتاً على قدر المسافة التي تفصل بيروت عن طهران.
وسبق سقوط ورقة فرنجية، محاولة كانت قيد الاعداد من خلال إحداث تحوّل في موقف رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، كي ينخرط في تأمين نصاب جلسة إنتخاب رئيس “المردة”. علماً ان باسيل لم يقل يوماً كلمة في نصاب مثل هذه الجلسة. وعلمت “نداء الوطن” ان الوفد الامني القطري الذي يزور لبنان حالياً، اجتمع بعيداً عن الاضواء مع رئيس “التيار” وحذره من المساهمة في تأمين نصاب جلسة إنتخاب فرنجية إذا ما إنعقدت، لأن في ذلك محاذير لا تحمد عقباها، ستدخل لبنان في المجهول نظراً للاعتراض المسيحي الواسع على ترئيس مرشح “حزب الله.”
وبدت الحركة الاميركية الناشطة عبر السفيرة دوروثي شيا، متناغمة ميدانياً مع حركة السفير السعودي، وكانت خلاصتها امس الحث على الاسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية بعد سقوط المبادرة الفرنسية، والتي أفسح سقوطها المجال امام فرصة نشوء توازن داخلي وخارجي، ما يمهد السبيل لبلوغ حل لإزمة الاستحقاق الرئاسي.
وفي حين تنتظر المرجعيات المسيحية خروج الادارة الفرنسية بطرح رئاسي جديد، بعدما تمّ حرق ورقة فرنجية بسبب رفض “القوات اللبنانية” و”التيار” وبقية المكونات المسيحية انتخابه، اضافة الى وجود رفض عربي لدعم مرشح حليف لـ”الحزب”، لفتت مصادر بكركي عبر “نداء الوطن” الى ان السفير السعودي، أعاد التأكيد على احترام المملكة لدور بكركي وطنياً ورئاسياً، والوقوف خلف البطريرك الراعي واللبنانيين في ما يتفقون عليه رئاسياً، ودعم مسيرة انقاذ لبنان. فشرط المملكة للمساعدة، هو ملاقاتها من قبل اللبنانيين في منتصف الطريق، بانتخاب رئيس سيادي واصلاحي وانقاذي وغير منغمس بالفساد المالي والسياسي. وشدد السفير امام البطريرك، على ان كل الكلام عن مقايضة لبنان باليمن، لا اساس له من الصحة، لان المملكة لن تتخلى عن اي بلد عربي فكيف الحال بالنسبة الى لبنان؟
وربطاً بجولة السفير البخاري امس، شددت مصادر مواكبة، على وجوب احترام ارادة المسيحيين في الاستحقاق الرئاسي. فالبطريرك ينادي بأكبر توافق وطني، لذلك لن يقبل بانتخاب رئيس لا ينال غطاء “القوات اللبنانية” و”التيار” و”الكتائب” وبقية المكونات المسيحية، وتكريس اعراف جديدة تتمثل بتخطي المسيحيين، وفرض رئيس عليهم، لأن مثل هكذا رئيس لا يستطيع الحكم.
الى ذلك أشارت معلومات “نداء الوطن” الى ان البخاري ابلغ اصدقاء الرياض وعلى رأسهم “القوات اللبنانية”، ان المملكة تقف خلفهم في الملف الرئاسي، وتراهن على “قوة رُكبهم”، وتدعمهم الى اقصى حدود، لكي ينتخبوا رئيساً سيادياً واصلاحياً، يعيد لبنان الى موقعه الطبيعي. وفي حال انتخاب مثل هكذا رئيس، فالمملكة حاضرة بقوة للمساعدة في عملية الانقاذ.