/محمد حمية/
تترقب الأوساط السياسية والشعبية الانعكاسات الايجابية المتوقعة لاجتماع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي على أرض الواقع السياسي والحكومي المجمد والاقتصادي المتجه تدريجيًا نحو الارتطام، في ضوء الحديث عن تسوية أو صفقة جزئية على محور بعبدا – عين التينة، بدت ملامحها بالاتصال الذي جرى بين عون وميقاتي برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي انتهى باتفاق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، بالتزامن مع إعلان ميقاتي عزمه الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء فور تسلمه مشروع موازنة 2022. ما أوحى وكأن هناك “سلة” حل جزئي مؤقت يعمل عليها لـ”تقطيع” الموازنة من الحكومة وإحالتها الى مجلس النواب وفتح دورة استثنائية للبرلمان، كما يريد رئيس المجلس، مقابل تلبية نداءات واستغاثات رئيس الجمهورية المتكررة بانعقاد مجلس الوزراء.
فهل تستطيع “تسوية” الضرورة تفعيل عمل المؤسسات وتحديدًا مجلسي النواب والوزراء المُعطل منذ شهرين؟ وهل تكُر “سُبحة” التسوية المؤقتة إلى ملف المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وتفكك عقدة اجتماع الحكومة؟ وهل تنعكس ايجاباً على العملة الوطنية والأوضاع الاقتصادية عمومًا؟ أم ستصطدم مجددًا بتناقض المصالح السياسية على غرار “التسوية” السابقة التي سقطت في ربع الساعة الأخير؟
وفقًا للمعلومات المتوافرة، فإنه يتوقّع أن تنجح التسوية بتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس وعقد جلسات تشريعية لإقرار سلسلة مشاريع واقتراحات قوانين مالية واقتصادية وحياتية عالقة في أدراج المجلس. لكن ما ينتظر التأكيد هو الحديث عن تمرير ثلاثي أمل وحزب الله وتيار المردة جلسة حكومية استثنائية محصور بمادة وحيدة على جدول أعمال الجلسة، على أن يستمر “الثلاثي” على مواقفه برفض عقد جلسات أخرى قبل معالجة أزمة “البيطار”، مع رفع السقف إلى حدود إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود عن منصبه، والمتهم من قبل “الثنائي” بأنه يوجّه البيطار ويؤمّن له مظلة الحماية القضائية من خلال رفض أي حلٍ قضائي لتنحيته، والتدخل بعمل مختلف درجات المحاكم الجزائية والاستئنافية التي تنظر بدعاوى الارتياب، ورد طلبات المدعى عليهم بحق المحقق العدلي، ما يعني أن ملف المرفأ سيبقى المعطل لانعقاد الحكومة، إلا إذا انسحبت التسوية الحكومية الجزئية تسوية كاملة تطيح المحقق العدلي، أو بكف يده وتأخذ الإدعاء على الرؤساء والوزراء والنواب إلى مجلس النواب، تطبيقاً لأحكام الدستور، وهذا الخيار غير وارد في الوقت الراهن لأسباب داخلية وخارجية عدة، لكن في الحد الأدنى فإن التفاهم الرئاسي على العقد الاستثنائي سيجدد الحصانة النيابية للنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويحول دون مضي القاضي بيطار بملاحقتهما وتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق خليل.
ثمة من يقول إن الثنائي بات محرجًا باستمراره على موقفه المعطل لمجلس الوزراء، وبالتالي يتحمل مسؤولية الانعكاسات السلبية على الاقتصاد ومعاناة المواطنين اليومية في ظل ارتفاع قياسي وتاريخي بسعر صرف الدولار وتفشي مرعب لوباء “الكورونا”. إلا أن مصادر “الثنائي” الشيعي تؤكد أن “الموقف لم يتغير حتى الساعة”، فضلاً عن أن “الثنائي” لا يستطيع تقديم هكذا تنازل قد يُرتب تنازلات إضافية ويمنح القاضي بيطار قوة دفع إضافية للمضي بمشروعه الفتنوي التدميري للبنان.
بيد أن أولى ثمرات التسوية الحكومية – النيابية الجزئية، ستكون الحد من التدهور الاقتصادي وتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين ولجم سعر صرف الدولار، من خلال إقرار الموازنة التي تتضمن الكثير من البنود المالية والاقتصادية والتقديمات والمساعدات الاجتماعية، فضلاً عن إقرار اقتراحات قوانين يطلبها صندوق النقد الدولي كـ قانون “الكابيتال كونترول”.