/ ميسم رزق /
يُنقَل عن “أصدقاء” الرياض في بيروت أن “الخلية” السعودية المُوكلة إدارة الملف اللبناني باتَت، بعد الاتفاق الإيراني – السعودي، أكثر تجاهلاً لهواجس “الأصدقاء” التي تزداد مع تقدّم الحظوظ الرئاسية للنائب السابق سليمان فرنجية. غير أن أكثر ما يخشاه هؤلاء هو التحوّل السعودي الكبير تجاه دمشق، ما يجعل لبنان، بالنسبة إلى الرياض، مجرّد تفصيل مؤجّل، في وقتٍ يجهدون لوقف أي تداعيات قد تأتي على حسابهم، ويراهنون على ظروف “غير متوافرة” تسمح لهم بفرملة القطار السعودي الذي يسير في المنطقة بعكس ما يشتهون.
ومنذ فترة، يهمس حلفاء الرياض بصعوبة في التواصل مع أعضاء الخلية التي تضمّ الأمير خالد بن سلمان، ومستشار الأمن الوطني مساعِد العيبان، والمستشار الملكي نزار العلولا، ورئيس جهاز المخابرات خالد الحميدان، ورئيس جهاز أمن الدولة عبد العزيز الهويريني، فيما باتت وتيرة اللقاءات أقل مع عضو الخلية السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي تجمعه علاقة خاصة ببعض الأطراف السياسية كالقوات اللبنانية.
وزاد هذا الهمس ليتحوّل سخطاً لدى العاملين على خط بيروت – الرياض، ومن بينهم النائبان ملحم رياشي ووائل أبو فاعور، من عدم استجابة السعوديين لإلحاح القوى التي يمثلونها بضرورة إعلان المملكة موقفاً واضحاً وصريحاً من التسوية – المقايضة التي يطرحها الفرنسيون، خصوصاً أن صمت الرياض انعكس إرباكاً وضياعاً لدى الفريق اللبناني الذي يرفض الصيغة الباريسية، وغير قادر على التوحد خلفَ مرشح جدي في انتظار كلمة السر السعودية.
وباستثناء جولة البخاري، قبل أسابيع، على عدد من القوى السياسية “مُطمئناً” إلى “عدم انخراط بلاده في أي تسوية على حساب فريق من دون آخر”، لم ينجح اللبنانيون المقربون من الرياض في انتزاع ما يبدد خشيتهم مما يتردد عن “تغييرات في الموقف السعودي تجاه فرنجية ورسائل إيجابية نُقلت إلى الأخير عبر الفرنسيين”. إضافة إلى تساؤلات كثيرة لم تتضح إجاباتها بعد، بسبب الخطوط “المشوشة” مع المسؤولين السعوديين، في وقت تتعامل المملكة بدينامية مع بقية ملفات المنطقة.
وأكثر ما تبرز الشكوى من اللامبالاة السعودية لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي عبّر عن استيائه، في حديث مع قناة “أم تي في”، بالقول: “لن أرشّح أحداً للرئاسة. وليقرر الكبار في هذا الأمر مثل حزب الله و(سمير) جعجع و(جبران) باسيل و(النواب) التغييريين”. كذلك بدا جعجع، في مقابلته الأخيرة الأحد الماضي، في حال إنكار للتسويات الإقليمية التي تُعد الرياض شريكاً أساسياً فيها، مقللاً من تأثيرها على الشأن اللبناني، واصفاً الرئيس بشار الأسد بـ”الـجثة الهامدة”، في وقت كان الأخير يستقبل وزير الخارجية السعودي.
أرق كليمنصو ومعراب لا يرتبط فقط بالصمت السعودي تجاه الملف الرئاسي اللبناني، بل بالسياق العلني للتطورات في المنطقة بعدَ الاتفاق السعودي – الإيراني. وعزّز هذا الأرق انخراط الرياض في عملية إنهاء العزلة العربية المفروضة على دمشق، وبذلها جهوداً كبيرة لدعوة الرئيس الأسد إلى قمة الرياض. يعني ذلك، في حال بلوغه خواتيمه المرجوة، أن الرعاية المالية والسياسية التي حظيَ بها “أصدقاء” الرياض هؤلاء طوال سنوات العداء السعودي لسوريا ولإيران قد تنتفي بانتفاء الدور المطلوب. يبقى الفارق أن جنبلاط يجيد انتظار نتائج التطورات وانعكاساتها والتأقلم معها، فيما يظهر جعجع صبراً أقل، محاولاً استعادة بعض التوازن السياسي من خلال رفع الصوت علّه يلقى جواباً سعودياً.