ثبت تقرير لديوان المحاسبة تورّط 6 وزراء اتصالات في ملفّ يتّصل بمباني شركة “تاتش”، منها مبنيي قصابيان و”الرينغ”، ما أدى إلى خسارة الخزينة أكثر من 110 ملايين دولار مرشّحة للارتفاع. شبهات هدر للمال العام وتبييض أموال ودفع رشى تحيط بمبنى “الرينغ”. بحسب ما أوردت صحيفة “الأخبار”.
فبعد فشل صفقة مبنی قصابيان، وتعيين جمال الجراح وزيراً للاتصالات، في 28/12/2016 صُرَف النظر عن متابعة ملف قصابيان، وطلب الوزير الجديد من الشركة البحث عن خيار مناسب. من بين أربعة مبان عُرضت عليه، وافق على مبنى “الرينغ” الذي لم يكن خياراً جيداً، رغم أنه كان الأقل سوءاً.
الصحناوي هدر المال العام
خلص الديوان إلى أن الوزير نقولا صحناوي أخلّ بواجباته بإبرام العقد رضائيّاً من دون مناقصة أو استجرار عروض، ولم يتثبّت من ملاءمة بدل الإيجار أو صلاحية المبنى، ما أدى إلى إهدار أكثر من 10 ملايين دولار، فضلاً عن التسبب في دعاوى لا تزال عالقة ضد “تاتش” تصل قيمتها إلى 30 مليون دولار. كما وافق على الاتفاقية الملحقة لعقد الإيجار الأساسي رغم طابعها المجحف بحق الخزينة. ولم يعرض عقد إيجار المبنى والتعديل الحاصل عليه على ديوان المحاسبة، ما يشكّل مخالفة صارخة للأحكام القانونية، وهدراً للمال العام.
حرب أخلّ بواجباته
خلص الديوان إلى أن الوزير بطرس حرب أخلّ بواجباته لأنه اكتفى بفسخ عقد الإيجار، ورغم علمه بحصول هدر للمال العام، لم يتّخذ أي إجراء لاسترداد المال المهدور، سواء من الإدارة السابقة (صحناوي) أو من “تاتش”، وجلّ ما فعله هو تقديم “إخبار” (وليس شكوى) حول شبهات في الملف إلى النيابة العامة المالية بناء على تحقيقات صحافية، من دون أن يتّخذ أيّ إجراء إضافي بعد حفظ الإخبار من قبل النيابة العامة المالية، كأن يطلب التوسع في التحقيق. كما لم يتّخذ أي إجراء بحق “تاتش” لأنها خالفت تعليماته بفسخ العقد لإلزامها تحمّل أي ضرر.
الجرّاح وقّع عقدين مجحفين
دان ديوان المحاسبة الوزير جمال الجرّاح الذي لم يجرِ رقابة وتدقيق فعليين على عروض المباني المقدمة من “تاتش”، ما أدى إلى تكبيد خزينة الدولة بدل إيجارات باهظة. كما وافق على عقود إيجار بأسعار أعلى من أسعار السوق بـ11.5% بالحد الأدنى من قيمة المأجور، وبشروط مجحفة رغم علمه بذلك، وهي عقود تتضمن أيضاً أوصافاً غير صحيحة. وإلى ذلك لم يعرض الصفقتين لموافقة مسبقة من ديوان المحاسبة.
الحوّاط والقرم يكبران الخسارة
سجّل الديوان على الوزيرين طلال الحواط وجوني القرم أن كلاهما لم يضعا إشارة عقد البيع على الصحيفة العقارية للمبنى مما يعرّض ملكية الدولة للعقار للضياع. وكلاهما لم يفكرا بسداد الأقساط المتوجّبة أو البحث في صحة العقد ومحاسبة المسؤولين عن توقيعه. ومن شأن تجاهل الوزيرين للملف كلياً، منع تحصيل حقوق الخزينة العامة والتسبب بمزيد من الخسائر، أخطرها خسارة ملكية المبنى تبعاً للدعوى المرفوعة من مالكه.
شقير وخسارة المبنى
ثبّت التقرير إدانة الوزير محمد شقير لعدم اتخاذه أي إجراء بشأن صفقة الإيجار، ولا بحق “تاتش” أو الوزير جمال الجراح، بل سلّم بالواقع الذي فرضته الصفقة رغم علمه بمدى إجحافها بحقوق الخزينة العامة، ما يعتبر إهمالاً وظيفياً تسبّب بأضرار كبيرة على المال العام. وهو عالج النتائج المترتبة على وضع مريب بإبرام صفقة جديدة (شراء المبنى). عندما وافق على الشراء لقاء ثمن مرتفع جداً من دون تخمينه، ومن دون أن يحسم المبالغ المسددة مسبقاً من المال العام لاستكمال المبنى.
وأخطر ما فعله شقير، عدم وضع إشارة عقد بيع في السجلات العقارية، وجعل ملكية العقار غير محصّنة ومعرّضة للضياع، في حال إعلان إفلاس “سيتي ديفلوبمنت” مالكة العقار. كما لم يسدد الدفعة الثانية من ثمن المبيع (15 مليون دولار)، مما عرّض حقوق شركة “تاتش” للضياع، لجهة إمكانية اعتبارها معتكفة عن تنفيذ العقد، الأمر الذي يرتب غرامة 15 ألف دولار يومياً عن كل يوم تأخير.