/ خلود شحادة /
كشفت التحقيقات، التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، التفاصيل الكاملة لحادثة الانفجار في مطبخ أحد المنازل في حي الجاموس في الضاحية الجنوبية، وارتباطه بتوقيف شخص أثناء وجوده في الشويفات ومداهمة منزله في بلدة عرمون، وأثارت تلك المداهمة يومها تكهنات حول تورّط الموقوف بالعمالة للعدو الإسرائيلي.
الانفجار كان وقع عند الرابعة من فجر 27 آذار، بعد السحور وقبيل فجر اليوم الخامس من شهر رمضان، وأصيب فيه شاب يدعى م. الغول وهو في العشرين من عمره، وتبيّن أنه كان يجهّز عبوة ناسفة في مطبخ منزله.
حضرت القوى الأمنية للتحقيق في الانفجار، واكتشفت وجود العديد من العبوات الناسفة المجهّزة للتفجير، إضافة إلى كمية من المواد الأولية لتصنيع العبوات الناسفة بأشكالها العديدة، وكمية من المخدرات المختلفة الأنواع، وقنابل يدوية وحزام ناسف وأسلحة حربية!
من حسن الحظ أن الشاب العشريني أصيب في الانفجار ولم يمت، أما والدته التي يقيم معها في المنزل، فلم تُصب بأي أذى جسدي.
في التحقيقات الأولية، لم يقتنع المحققون باعترافات الموقوف م. الغول، لأنه بدا في حالة عقلية غير سوية، خصوصاً أنه تحدّث عن “أضاحٍ” وسلوكيات غريبة. وبيّنت التحقيقات أن الموقوف كان نادراً ما يغادر المنزل.
مع الوقت تمكّن محققو مديرية المخابرات من التعامل مع الواقع الصادم الذي يعترف به الشاب الجريح. لكنهم أبقوا على سرية التحقيقات، وتحفّظوا على كشف أي معلومة.
الاعترافات قادتهم إلى شريك الشاب م. الغول المدعو محمد ب. الذي يبلغ من العمر 42 عاماً، فتمكنوا من توقيفه في مكان عمله داخل محل تجاري في بلدة الشويفات، ثم داهموا منزله في بلدة عرمون، حيث ضجّت البلدة يومها بتلك المداهمة التي أحضرت فيها مديرية المخابرات الكلاب البوليسية ومنعت السكان في الحي من مشاهدة ما يحصل وألزموهم البقاء في منازلهم، خشية أن يكون المنزل مفخخاً فيؤدي أي انفجار إلى ضحايا.
اقتيد محمد ب. إلى التحقيق، ولم يتمكّن المحققون من انتزاع اعترافات سريعة منه. لكن مع مواجهته بالأدلة الدامغة، بدأ يقول ما يعرفه، ليتبيّن أن ابن الـ42 عاماً يأتمر بتعليمات ابن الـ20 عاماً وينفّذ أوامره!
بالتوسع في التحقيق مع الموقوفين، اعترف الغول أنه كان يحضّر العبوات لاستهداف خمس مناطق بناء على طلب من شخص “روسي”!
التحقيقات توصّلت إلى أن محمد ب. هو الذي يتولى شراء المواد اللازمة لتصنيع العبوات، وأنه أصبح “صديقاً” للشاب م. الغول على الرغم من فارق السن، وكانا يرتادان الملاهي الليلية ويمارسان السحر والشعوذة وتحضير الجن!
كما تبيّن أن محمد ب. كان على علاقة بتاجر المخدرات “أبو سلّة”، وكان يشتري منه المخدرات على اختلاف أنواعها ويعمل على ترويجها في مناطق جبل لبنان.
لم تشفِ مخدرات “أبو سلّة” إدمان الشاب م. الغول وراح يفتّش على الانترنت عن مواد الهلوسة، وبدأ يشتريها من مجموعة أفراد في إحدى الدول الأوروبية حيث تُرسل إليه بالبريد السريع بطريقة مموهة.
لكن الأخطر، هو أن الشاب م. الغول أخذته هلوسة المخدرات للدخول إلى مواقع تنشر مقاطع فيديو لعمليات واقعية من أحداث وهجمات تحتوي مشاهد الذبح والقتل، وينتقل بعدها عبر احد التطبيقات للتواصل مع أشخاص من مجموعة (NSWP) التي تدّعي أنها من “النازيين الجدد” في روسيا وأوكرانيا، وتمّ تشجيعه على تنفيذ أعمال تفجير وعنف وقتل وتصويرها لقاء مبالغ مالية كبيرة.
بدأ الشاب م. الغول بتحضير خطته. أوكل إلى محمد ب. شراء مواد تصنيع المتفجرات، وبدأ بتصنيعها في منزله، بالتزامن مع تحديد الأهداف التي سيبدأ بعملياته منها، وكان قد أصبح شبه جاهز لبدء عملياته، لولا أن قدّر الله وانفجرت عبوة كان يصنّعها، ربما كانت الأخيرة قبل مباشرة خطته الجهنمية.
لم تكشف المصادر الأمنية عن أسماء الذين كان يريد م. الغول استهدافهم، لكن الكلام الذي يتردد يتحدّث عن لائحة تضمّ شخصيات دينية في الضاحية الجنوبية وخارجها، وشخصيات سياسية، وأماكن عامة.
انكشفت خلية “النازيين الجدد” في لبنان، وهي خلية صغيرة. لكن، هل هناك خلايا أخرى؟