أثار الداعية السعودي البارز صالح المغامسي (صالح بن عواد المغامسي)، عاصفة من ردود الفعل على دعوته لقيام مذهب إسلامي فقهي خامس على يديه.
وجاء تصريح المغامسي في برنامج “ذات مع سامي الجابر” الذي يبث على قناة السعودية.
وفي مقابلة على قناة “السعودية” ضمن برنامج “ذات مع سامي الجابر”، رأى رالمغامسي، الذي يعتبر قريباً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن “الفقه الإسلامي صناعة بشرية ويجب مراجعته.. ولا بد من إقامة مذهب إسلامي جديد”.
أضاف المغامسي: “أرجو من الله عز وجل أن ينشئ على يديّ مذهباً إسلامياً فقهياً جديداً”، لكنه عاد ورأى إمكانية تأسيس هذا المذهب على يد ثلة من علماء الدين.
ولفت إلى أن “من قرأ الفقه الإسلامي وتاريخه من مصادره الحقيقية وأعطاه الله وعياً وتجرداً لله وحباً للخير للناس… (عرف) أنه لا بد أن يكون هناك مراجعة للفقه الإسلامي القائم”، موضحاً أنه لا يقول إنه “أولى الناس أن يأتي بمذهب، فكثيرون في الأمة أكفاء لهذا الأمر، لكن إذا كان فلان تردد وفلان عجز وفلان توارى وفلان خشي، هذا شيء يخصه هو”، بما يعني أنه لن يكون كذلك المتواري والمتردد وقد تجاوز الستين، بحسب قوله.
من هنا جاءت دعوته إلى “قيام مذهب إسلامي جديد لا يعني هدم السابقين… فكلهم علماء أجلاء من نعرف ومن لا نعرف”، قبل أن يضيف الجزئية التي أثارت الجدل أكثر، وهو تطلعه إلى أن ينشأ ذلك المذهب الفقهي على يديه، على رغم توقعه الذي صار، بأن “سيقول الكثير من الناس من أنت؟”، بيد أنه اعتبر ذلك ليس السؤال الجوهري، وإنما هو “هل هناك حاجة؟”، وأجاب “نعم هناك ألف حاجة، ففي كل مرحلة من صناعة الفقه الإسلامي تطغى مسائل، وفي هذه المرحلة طغى الأخذ بالسند”، مشيراً إلى أن أحاديث عدة، على رغم صحة إسنادها، لا ينبغي الأخذ بها لعلة في نصها الذي يرى استحالة صدق انتسابه إلى نبي المسلمين. وهكذا هو يرى ضرورة إعادة تحرير المذاهب الفقهية على أصول جديدة.
وقال “أي صناعة بشرية قابلة أن تراجع، هم يستكثرون عليك أن تراجع الفقه الإسلامي… إذا اعترفتم أنهم بشر (أصحاب المذاهب) ما الذي يمنع؟”.
وأكد المغامسي أن كلامه سيثير الكثير من الانتقادات، وبرر دعوته بأن هناك “ثغرة موجودة في الأمة اليوم هي إيجاد مذهب فقي إسلامي جديد”.
وفجرت دعوة المغامسي جدلاً واسعاً وسخرية وتأييداً بين المهتمين، حين دعا إلى خلق مذهب فقهي جديد، تطلع إلى أن يكون هو إمامه، على طريقة أئمة المذاهب السابقين أمثال أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس ومحمد بن ادريس الشافعي وأحمد بن حنبل.
من هو الشيخ صالح المغامسي؟
الشيخ صالح بن عواد المغامسي العمري الحربي، من مواليد العام 1963، هو داعية إسلامي وباحث شرعي سعودي، وكان إمام وخطيب مسجد قباء سابقًا بالمدينة المنورة، أول مسجد بني في الإسلام، إلا أن السلطات السعودية أقالته من إمامة المسجد في العام 2020 بسبب تغريدة اعتذر عنها لاحقا ووصفها بأنها “غير الموفقة” وقد كان طالب فيها آنذاك بالإفراج عن “المخطئين من السجناء”، وهو ما اعتبره البعض كلاماً موجها للسلطات لتذكيرها بالشيوخ المساجين. وفي مقابلته قال إن “قرار إقالته جاء من قبل فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة، وليس من قبل الديوان الملكي”.
برع المغامسي لسنوات عدة في شد أنظار أعداد واسعة من المشاهدين، وهو يفسر آيات يختار موضوعها على طريق سلفه المصري الراحل محمد متولي الشعراوي وسط المسجد بين جموع المنصتين، لولا أن المغامسي كان أكثر اعتناءً بمظهره الخارجي ومفردات خطابه الفصيح، بخلاف الشعراوي الذي كانت فلسفته “البساطة والتبسيط” شكلاً ومضموناً.
وولج المغامسي بيوت السعوديين من تلك البوابة، وذاع صيته وصار يحظى بمساحة واسعة في القنوات الحكومية والخاصة، حتى بدأ يتوسع في خطابه ويخرج من دائرته المعتادة، إلى مساحات أخرى، وأصبح يتلقى الفتاوى الشرعية على البرامج الفضائية، ويجيب عنها من دون تردد أو تلعثم.
المغامسي الذي كان يتحدث في حوار مع مواطنه الكابتن سامي جابر على التلفزيون السعودي، مع أنه لم يذكر بعد ملامح ولا أصول المذهب الذي يعد نفسه ليكون منشئه، إلا أن وقع الفكرة نفسها كان كافياً لإثارة السجال على وسائل التواصل الاجتماعي، بين مدافع عن الشيخ ومنتقد طريقة طرحه، ومشكك في المبدأ برمته، إذ كانت المدارس في تقدير كثيرين تنشأ من دون إعلان مسبق أو تخطيط من أئمتها.
وقد يفسر السخط الذي طبع أكثر الردود على تطلع المغامسي لتبوؤ مكانة فقهية تطرقه إلى تيارات راديكالية عدة بالنقد مثل “الإخوان المسلمين” و”السرورية” وجناح من السلفية سماه “السلفية المنتفعة”، وهم المعروفون على الصعيد الشعبي بـ”الجامية أو المدخلية” نسبة إلى مشايخها، فهي اتجاهات فضلاً عن تنافسها المحموم على سيادة المشهد قبل إصلاحات العهد الجديد في السعودية.
ولم تعلق هيئة كبار العلماء ولا أي من أعضائها في السعودية على دعوة المغامسي.