/ سوسن صفا /
عندما تهدأ العاصفة، لن يتذكر أحد كيف نجا البلد منها، ولكن الأكيد أنه عندما يخرج البلد منها لن يكون اللبنانيون كما كانوا…
حال اللبنانيين اليوم كحال الصيادين الذين يدركون خطورة الموج والبحر، وعلى الرغم من ذلك لا تردعهم الرياح العاتية من الإبحار والدخول في قلب الخطر.
هكذا نحن… نُسَعِّر خطابنا الطائفي، ونُعلي من منسوب المذهبية المقيتة، ونُبحر في قلب الفتنة. من يزرع الريح لا بد أن يحصد العاصفة. سحب الغضب تُعطّل العقل، وإذا تعطّل العقل تتعطل اللغة وندخل جميعا في حفلة الجنون.
كان يمكن أن نتجاوز الريح والعاصفة، ولكن هل كان بإمكان من امتهن “الطائفية” أن يتغلب على شيطان التسرع والإنفعال؟
وهل فكر للحظة واحدة أن هدوءاً سيأتي بعد العاصفة؟
لماذا إحراق الأشرعة والمراكب؟ ولماذا تعطيل أي إمكانية للحوار في بلد تتعطل فيه كل اللغات وتبقى اللغة الطائفية أبيّة على الإنكسار؟
هل كانت “ساعة الشيطان” هي التي أخرجت كل هذا السواد؟ أم كانت “ساعة الحقيقة” التي أسقطت لبوس التمدن وكشفت كل هذا التخلف وكل هذه الرجعية؟
هي ليست المرة الأولى التي ينقسم فيها اللبنانيون، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.
ولكن، ماذا لو قرر الرئيس نجيب ميقاتي الإبقاء على قراره؟ وماذا لو وضع لغة العقل جانباً وقرّر دخول المعركة بالسلاح ذاته؟ أين كان البلد اليوم؟
وهل كنا سنصل إلى “الشراكة” و”الحقوق” بعد خراب البصرة وسقوط “الهيكل” على من فيه؟!
إذا كان قدر لبنان واللبنانيين العيش على “فالق” اللا استقرار، فهل قدرهم أيضاً أن يعيشوا “المراهقة السياسية” والانجرار وراء “الطامحين” و”الطامعين” في بلد قتلوا كل طموح فيه، وهجروا شبابه بحثاً عن “شبه وطن”؟
هذه المرة، نجح نجيب ميقاتي في “الإنقاذ”. تلقّف كرة النار، وأعاد عقارب الساعة الطائفية إلى توقيتها العاقل، وجنّب البلاد لحظة تسعير بغيضة، في توقيت التوازنات الدقيقة التي تمر بها المنطقة والتي ستنعكس حكماً على الداخل اللبناني.
في معجم اللغة العربية “الميقاتي” أو “المُوَقِّت” هو الشخص المسؤول عن تنطيم أوقات الصلاة. وفي بلد مهزوز، نظّم الرئيس ميقاتي عقارب الجنون على التوقيت العاقل، وإن كان إيقاعه الصيفي سيأتي مختلفا هذه المرة.. ولم يبق لنا إلا الصلاة!
ليست الساعة هي من أعاد البلد الى الوراء، بل كل من لم ينجح في استشعار الخطر الآتي من “معركة الساعة” وكأنها “معركة هرمجدون”.