/ مرسال الترس /
ليس غريباً أن تأتي الوفود المرتبطة بالإدارة الأميركية إلى لبنان كي تُعطي التوجيهات “لمن يسمع”، أو التحضير لقرار يستهدف حالة معينة على هذه الساحة لا يلائم وجودها تلك الإدارة الجالسة في واشنطن، والتي من أولى مهماتها إدارة القوى المرتبطة بها في العديد من دول العالم.
“مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان” ـ “تاسك فورس”، التي انطلقت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كنادٍ، أو مجموعة دعم مؤلفة من شخصيات لبنانية أو من جذور لبنانية، لتشكيل ما يُعرف بـ”اللوبي”، على غرار ما هو حاصل في تجمعات إثنية تعيش على أرض الولايات المتحدة، تعمل على تحقيق القرارات في مجلسي الكونغرس والشيوخ والإدارة، التي يمكن أن تخدم توجهات السلطة أو المجموعات التي تدور في فلك الإدارة الأميركية وحلفائها الاستراتيجيين.
وقد لعبت “تاسك فورس”، التي كانت قريبة من الرئيس الأميركي جورج بوش ونجله الرئيس جورج بوش الأبن، أدواراً لا بأس بها في إصدار بعض القرارات الي صُنّفت على أنها محورية بالنسبة للقضايا اللبنانية، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، القرارات 1559، 1757… والتي ساهمت في إخراج الجيش السوري من لبنان، وفق تفسير القوى التي كانت تدعو القوى الغربية للعب دور في هذا المجال.
فهل هناك ما يلوح في الأفق حمل مجموعة “تاسك فورس” لإيفاد وفد منها برئاسة السفير السابق إدوارد غابرييل، لتمضية بضعة أيام في الربوع اللبنانية، من أجل دراسة الاحتمالات التي تمهد لاتخاذ قرار دولي يكون في خدمة خطط الإدارة الاميركية لتكوين سلطة في لبنان “تجري الاصلاحات اللازمة، وتبني سلطة قادرة على مكافحة الفساد في لبنان”؟
من متابعة حركة المجموعة، يمكن ملاحظة التالي:
* أنها تركز على حث الأفرقاء اللبنانيين على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية “سيادي بامتياز وبعيد عن الممانعة”.
* التركيز على وجوب دعم الجيش اللبناني، تسليحاً، وتمويلاً لمرتبات العسكريين، الأمر الذي يخدم مباشرة أو مداورة ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية.
* دفع الحكومة لإنجاز الإصلاحات، وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي أعلن أن ما يمكن أن يساعد فيه لبنان لا يتعدى الثلاثة مليارات دولار.
* الاستطلاع قدر المستطاع عما تقوم به البعثة الديبلوماسية الاميركية في بيروت.
العديد من القوى اللبنانية، لا “تستهضم” حركة هذه المجموعات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر “حزب الله” الذي رفض توجهات تلك المجموعات، وبخاصة ما يتعلق بالتمويل المحدود، إذ أن الادارة الاميركية تعمل عادة على الإمساك برقاب الدول التي تغرق في ديونها، لجرها إلى مواقع أصعب مما هي فيه، وليس لإخراجها من الورطة التي هي فيها. وعليه، فإنها تشدّد على اللبنانيين التشبث بالصبر لحين الاستفادة من عائدات النفط والغاز، بدل رهن أنفسهم للقوى الدولية التي تفتش عن مصالحها واستراتيجياتها قبل أي أمر آخر.
كما أن بعض القوى اللبنانية متوجسة من أن مثل هذه المجموعات تخطط لأحداث تغيير جوهري في تركيبة النظام في لبنان، الأمر الذي لا يلائم مطلقاً مفهوم الديمقراطية التوافقية التي استطاعت حماية التعدد الطائفي والمذهبي في لبنان.
رئيس الوفد غابرييل، تحدث في بعض لقاءاته عن أن “الوقت هو لفتح حوار حول مرشحين يمكنهم تأمين النصاب، فيصبح ممكناً عندها انتخاب الرئيس”، مضيفاً صفات “التمكّن ونظافة الكف والإصلاح” على هذا الرئيس، ومتسائلاً عن “التناقض الحاصل داخل كتلة النواب التغييريين، العاجزين عن تقديم صفات أو معايير موحّدة لمرشّحها”.
كما أن رئيس الوفد تحدث عن وجوب معالجة أزمة النزوح السوري التي تثقل كاهل الاقتصاد اللبناني، متجاهلاً أن حكومة واشنطن والحكومات الأوروبية هي التي تدعم بقاء النزوح على الأرض اللبنانية.
فهل ستساهم الزيارة في تحضير قرار دولي جديد، أم أن تصدّي القوى المحلية سينجح هذه المرة في عدم الوقوع بالفخ مرة جديدة؟