كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:بعد فقدان الأدوية والمتابعة الصحية وخفض حصصهم الغذائيّة، يواجه السجناء خطر مجاعة حقيقيّة مع احتمال توقّف الإمدادات الغذائية ومنع الأهالي من إدخال الوجبات إلى السجون المركزيّة، في ظل الغلاء الفاحش في دكاكين السجون “الحوانيت”. فقد لوّح سبعة متعهّدين بالتوقّف كلياً مطلع الشهر المقبل عن تسليم السلع الغذائية (الحبوب، اللبنة، الجبنة، المربّى، الحلاوة، البيض..) واللحوم والخضر والفواكه إلى إدارات السجون المركزيّة والوجبات المُعدّة سلفاً لسجون المناطق.
صحيح أنّها ليست المرة الأولى التي يُهدّد فيها هؤلاء بالتوقّف، إلا أنّ الأمر هذه المرة أكثر جديّة بعدما «وصلنا إلى حائط مسدود»، وفق ما يقول بعضهم. المتعهدون السبعة تقاضوا قبل نحو شهر 40 مليار ليرة مستحقاتهم عن كانون الأوّل الماضي، من دون أي تعديل في الأسعار، علماً أنّ سعر صرف الدولار كان آنذاك أقل من 45 ألف ليرة، فيما ارتفع إلى أكثر من 90 ألفاً عندما تسلّموا هذه المستحقّات. كما أنّهم لم يقبضوا بعد مستحقاتهم عن كانون الثاني وشباط وآذار 2022، علماً أنهم سلّموا المواد الغذائية والوجبات إلى السجون بالأمانة لأنّ الدولة لم تجدّد العقد معهم بطريقة رسميّة وتعرّضوا لضغوط من المديريّة لتسليم المواد الغذائيّة ولو من دون عقد حتّى «لا يموت السجناء من الجوع». هذه الأموال التي يعتبرها المتعهّدون أشبه بـ«ورقة ضغط» اعتمدتها الدولة لجرّهم إلى توقيع العقد معها، «ذابت» مع مرور الأشهر، إذ لم يكن قد وصل الدولار في السوق السوداء منذ عام إلى عتبة الـ 25 ألف ليرة، كما لم يكن الدولار الجمركي قد وصل إلى 45 ألف ليرة.
“خسارة بخسارة”، على حد قول المتعهدين الذين يريدون وقف هذا “الاستنزاف المالي” بأي طريقة مُمكنة. وهم يُدركون أن الاتصالات ستنهال عليهم من المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي، كما في كل مرة يلوّحون فيها بالتوقّف عن مدّ السجون بالمواد الغذائيّة، إلا أنّهم يؤكّدون أنّ هذه المرّة “غير كل المرات” وسيعمدون إلى التوقّف الكلي بعد أيّام، لأنّه لم يعد بمقدورهم الدّفع من جيوبهم ما يؤدي إلى العجز في رساميلهم مقابل سدّ عجز الدولة عن القيام بواجباتها تجاه السجناء.
لذلك، أرسل متعهّدو المواد الغذائيّة كتاباً الأسبوع الماضي إلى المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة الشؤون الإداريّة، للمطالبة بتحصيل الديون والإبلاغ عن توقفهم عن التسليم ابتداءً من الأسبوع المقبل. وأشاروا إلى “أننا منذ عام 2020 سعينا جهدنا لمواصلة التسليم وطالبنا بتعديل الأسعار من دون البتّ بها أو الحصول على إجابة عليها موافقةً أو رفضاً، علماً أنّ الموافقة لا تتماشى مع انهيار العملة الوطنية”. وذكّروا بـ”عدم حصر الكميات غير المقبوضة منذ عام 2020 وعدم إيجاد آلية واضحة لتسديد الفواتير”، لافتين إلى أنّ “التأخر في إنجاز فواتير فارق السعر وتسديدها في وقت متأخر يسبب خسارة واضحة للمتعهد، إضافة إلى عجزنا عن تأمين السيولة اللازمة لشراء أو استيراد المواد الأولية الضرورية”.