كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”: بلا فعاليات ولا حشود، أحيا «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذكرى الـ46 لاغتيال مؤسسه، الوزير الراحل كمال جنبلاط. وخلافاً للأعوام الماضية، اقتصرت المناسبة على مواقف تذكر بمشروع «الزعيم الراحل» الذي يستكمله نجله، وليد جنبلاط، بالأدبيات نفسها، لجهة الدفع لحوارات وتوافقات داخلية، وحماية السلم الأهلي والاستقرار، وبتأكيد واقع لبناني مفاده أنه «لا يمكن لأحد أن يلغي الآخر»، حسبما تقول مصادر «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط».
ووجهت الاتهامات للنظام السوري باغتيال كمال جنبلاط في 16 آذار 1976 بمنطقة الشوف؛ بإطلاق النار عليه، وقُتل إلى جانب اثنان من مرافقيه. ويصفه عارفوه ومحبوه بـ«المعلم»، بالنظر إلى أنه «تحدى نظام الوصاية السوري»، وهي ميزات أعاد بعض اللبنانيين التذكير بها في ذكرى رحيله.
وبينما لم ينظم «الحزب التقدمي الاشتراكي» فعاليات رسمية لإحياء المناسبة، على غرار العام الماضي، قالت مصادر إنه ترك للناس حرية إحيائها بالطريقة التي تناسبهم، حيث توجه البعض إلى ضريح جنبلاط في المختارة بجبل لبنان، بينما نشط مناصرو الحزب في حملات إلكترونية، إلى جانب مواقف صدرت عن الحزب وأصدقائه وقوى وشخصيات سياسية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب لم ينظم احتفالات مركزية «تحسساً بظروف الناس»، حيث يعاني اللبنانيون من ضائقة معيشية في ظل ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار المحروقات، وهو ما يصعّب مهمة انتقال الناس إلى الاحتفال المركزي.
وحضرت تعاليم جنبلاط في الحراك السياسي للحزب الذي عمل منذ أشهر على تذليل العقبات التي تواجه استحقاق رئاسة الجمهورية، وهو ما يصر عليه رئيس الحزب الحالي، وليد جنبلاط، الذي زار الكويت أول من أمس، وأجرى لقاءات، يصب بعضها في مساعيه لتذليل التعقيدات أمام مهمة انتخاب رئيس. وقالت مصادر «الاشتراكي» إن مساعي جنبلاط لم تتوقف لتذليل التعقيدات؛ «فنحن من دعاة الحوار والتقارب بين القوى السياسية للتوصل إلى خواتيم جيدة في الملف الرئاسي»، وبدا جنبلاط واضحاً في تأكيد أن ما يجري على مستوى التقارب في المنطقة، لجهة الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران، يعطي وليد جنبلاط حقه في دعوته الدائمة للحوار المحلي، و«نستفيد من الفرص والتطورات الجدية»، لافتة إلى أن وجهة نظره عززها بشروحات في لقاءاته بالكويت.
ولفتت المصادر إلى أن جنبلاط، منذ عام 2006، يدعو لحوار إقليمي لا يشمل “إسرائيل” بطبيعة الحال، وحوار عربي – إيراني، استناداً إلى تجاربه بأنه لا خلاص من التأزم إلا بالحوار، و«هو أمر نستكمله في الداخل المحلي».
ولفتت المصادر إلى أن المبادرة التي أطلقها جنبلاط قبل أشهر بلقاء المسؤولين وممثلي القوى اللبنانية «ستُستكمل الآن بجولة جديدة ستنطلق قريباً، حيث سنفعل الحركة بالتواصل مع الجميع من دون استثناء بمن فيهم (حزب الله)، ونرصد حركة الاتصالات حول الأسماء المطروحة وغيرها»، مشيرة إلى أن الأسماء الثلاثة للرئاسة التي رشحها جنبلاط في وقت سابق «هي بمثابة اقتراحات قدمها للقوى السياسية الداخلية ولم يحسمها»، علماً بأن جنبلاط كان أكد، أول من أمس، أنه يفضل المرشح جهاد أزعور، الذي يحمل خلفية مالية واقتصادية من شأنها أن تسهم في حل الأزمة.
وخلافاً للاتهامات لجنبلاط بأنه يدعم سليمان فرنجية، كان رئيس «الاشتراكي» واضحاً بأنه يراه مرشح تحدٍّ، وتشدد المصادر على أن قوة جنبلاط تأتي من كون علاقته مع الجميع قائمة على الوضوح، لذلك فإن الربط بين مواقفه ومواقف أصدقائه بشكل كامل، غير موفق، مشيرة إلى أنه «يراعي خصوصية كل فريق وتوازنات البلد».
وفي ذكرى كمال جنبلاط، أعادت شخصيات سياسية لبنانية التأكيد على دوره وتطلعاته. وقال عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب أكرم شهيب، عبر «تويتر»: «باغتيالهم كمال جنبلاط أرادوا اغتيال قيامة لبنان ونهضته كدولة قوية قادرة بكيان واحد لا كيانات، وولاء وطني عربي واحد لا ولاءات». وقال النائب أشرف ريفي: «يوم شهادة كمال جنبلاط هو كل الأيام، ومهما تجبَّر نظام الغدر، فجبل الباروك سيبقى مرتفعاً فوق الوصاية والاغتيال».