لفت البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي الى أنّ “لبنان مريض بفقدان هويّته، وكأي مريض يشكو من فقدان صحّته، من الواجب إعادتها إليه. من الواجب ان تعاد الى لبنان عافيته التي خسرها. فهو بحكم موقعه الجغرافيّ، وتنوّعه الدينيّ والثقافيّ، وانفتاحه على جميع الدول، ودوره التاريخيّ كجسر ثقافيّ واقتصاديّ وتجاريّ، ومكانٍ للتلاقي والحوار، وعنصر للإستقرار في المنطقة، هو دولة هويّتها الحياد الإيجابيّ الناشط. وبهذه الصفة لبنان “دولة مساندة لا مواجهة” كما جاء في أعمال وضع ميثاق جامعة الدول العربيّة”.
وفي قداس رأس السنة، لفت الراعي الى “إنّنا نقدّر الخطوة الأوّليّةِ الواعدةِ التي اتّخذها رئيسُ الجمهوريّةِ ورئيسُ الحكومة ووزيرُ الداخليّة بتحديدِ موعدِ الانتخابات النيابيّة والتوقيع على مرسومِ إجْرائها. ونعوِّلُ على أن تُركّزَ السلطةُ اهتمامَها في الأشهرِ المقبلةِ على التحضيرِ الجِدّيِ لها وخلقِ الأجواءِ السياسيّةِ والأمنيّةِ لحصولِها مع الانتخاباتِ الرئاسيّة في تشرين المقبل. ونُشدِّدُ هنا على ضرورةِ حصولِ هذه الانتخابات بإشرافِ مراقِبين دوليّين، خصوصًا أنه توجدُ رغبةٌ بذلك لدى الرأيِّ العامِّ اللبناني ولدى الأممِ المتّحدة”.
وراى انه “إذا سلُمت النوايا وتغلّب الإخلاص للبنان وشعبه، تكون الفترة الباقية كافية لإحياِء العملِ الحكوميِّ، ولإنهاءِ المفاوضاتِ مع المؤسّساتِ الماليّةِ الدولية، ولضبطِ الحدود، ولترميمِ العَلاقاتِ مع دولِ الخليجِ وفي طليعتها المملكة العربيّة السعوديّة، ولتصويبِ موقعِ لبنان”، معتبراً أنه بذلك “ينتقلُ لبنان من الانحيازِ إلى الحِياد، ومن سياسةِ المحاورِ إلى سياسةِ التوازنِ. وهكذا يوفِّرُ لبنان المناخَ الملائم مستقبَلًا لإطلاقِ حوارٍ وطنيٍّ برعايةِ الأممِ المتّحدةِ في إطار مؤتمرٍ دُوليٍّ يُعطي للحوارِ ضمانة أمميّةً وآليّةً تنفيذيّة. فالحواراتُ الداخليّةُ، التي طالما رحبّنا بها وأيدّنا توصياتِها وقراراتِها، ظلّت من دون تنفيذ،بل تنصلّ منها بعضُ الأطراف المشاركين فيها. وما يُحتِّمُ مؤتمرًا دوليًّا أيضًا هو أنَّ بعضَ جوانبِ الأزْمةِ اللبنانيّةِ يَتعلّقُ بقضايا إقليميّةٍ ودُوليّة كمصيرِ اللاجئين الفِلسطينيّين، وعودةِ النازحين السوريّين، وحسمِ المشاكلِ الحدوديّةِ والأمنيّةِ مع إسرائيل”.
وشدد الراعي “على السعي الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية لخدمة شعبنا في هذه الظروف التي تزداد حدّة. كما واننا نشدد مع النقابة في سعيها وبخاصة ضرورة تأمين التمويل للبطاقة الدوائية التي تتيح للمواطن شراء الدواء من الصيدليات”.
وأكد أنه “لا بدّ في بداية السنة الجديدة من أن يقف اللبنانيّون عمومًا والسياسيّون والنافذون والحزبيّون خصوصًا أمام واقع لبنان المنهار بيقظة ضمير، ويعترفوا بأخطائهم”، متسائلاً: “ألم يأتوا هم بحروب الآخرين على أرضنا فكانت بدايات الإنحدار؟ ثمّ ألم يذهبوا إلى حروب هؤلاء الآخرين على أراضيهم فكان الإنهيار والإنعزال عن الأسرتين العربيّة والدوليّة والفقر والهجرة؟ إلى متى يهملون عن قصد أو غير قصد معالجةَ أسباب أزماتنا الوطنيّة الكبيرة، وتغييرَ مسار الإنهيار، وإيجادَ الحلول وتنفيذها”.