/ خلود شحادة /
خطاب “فيصل” أطل به الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله.
لم يغب عن باله أي تفصيل، صغيراً كان أم كبيراً. ولأن المرحلة الحامية التي يمر بها لبنان والمنطقة حالياً تتطلّب الغوص في كل عنوان، شرّح نصر الله كل شاردة وواردة، مبدداً خوف القريب، وفتّح عين “الغريب” برسائل سياسية مبطّنة، تحمل العديد من المضامين، والتي ستكون مادة دسمة في اللقاءات والكتابات والحوارات الصحافية والسياسية المرتقبة.
“جيش ـ شعب ـ مقاومة”، معادلة أعاد نصر الله التذكير بها، عبر استحضار ما جرى بين الجيش اللبناني والعدو الاسرائيلي، قبل خطابه، لتكون الشاهدة والشهيدة لما أراد تأكيده، أن قوة الردع في لبنان تتلخّص في هذه المعادلة، الجيش يواجه، المقاومة حاضرة، والشعب يؤيد ويدعم ويشدّ على اليد القابضة على الزناد.
وفي الملف العسكري أيضاً، لم يغب عن بال نصر الله العودة إلى ملف الترسيم، الذي نال من الأخذ والرد والتأويل حصة الأسد، ليؤكد أن المقاومة وافقت على ما وافقت عليه الدولة، وليسقط كل أحلام “السلام” و”التطبيع”، التي تحولت الى كوابيس، عندما فتح نصر الله ملف الترسيم البري، مؤكداً أن دور المقاومة لم ينته، طالما أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ما زالت محتلة، والتي تم ترسيمها من عام 1920، وبالتالي لا تهاون ولا تنازل عن شبر واحد.
رغم أن “التصدي للفوضى”، أخذ الحيّز الأكبر من خطابه في ذكرى اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، إلّا أنه من جديد، حذّر بلهجة حازمة “لا تجرّوا لبنان نحو الفوضى”، مشدداً على أن المقاومة ستكون بالمرصاد.. كيف؟ نصر الله وحده يملك ” passaword” ملف “الردع الداخلي”.
سمّى السيد حسن نصر الله رئيس “المردة” سيلمان فرنجية، “مرشحاً طبيعياً” للحزب.
خطوة، يفسرها البعض أنها استفزاز للطرف البرتقالي، ولتفاهم مار مخايل الذي ينازع سكرات الموت مؤخراً. واعتبر أن هذا الإعلان بمثابة النهاية الفعلية لاتفاق 6 شباط.
البعض الآخر رأى أنها حمّالة أوجه، معتبراً أن ما فعله نصر الله يجب ألّا يشكل استفزازاً لـ”التيار الوطني الحر”، على مبدأ أن السيد، وفي خطابه، شرح عن لقائه بباسيل، وأكد ان المرشحين اللذين قد يدعمهما “حزب الله” هما فرنجية وباسيل، وبما أن الأخير لم يعلن ترشيحه لاعتبارات تتعلق بقراءته للواقع اللبناني، فالمنطق يقول إن الحزب سيدعم فرنجية.
من ناحية أخرى، وعلى عكس ما طرح البعض، فإن نصر الله في خطابه بذكرى سليماني، رفع السقف كثيراً بعدم اكتراثه، إذا صح التعبير، لمصير “تفاهم مار مخايل”، أما في خطابه الجديد فقد أكد نصر الله رغبته باستمرارية هذا الاتفاق.
إلا أن خطابه لم يخلُ من رسائل مباشرة لـ”التيار”، معتبراً أن “الطلبات التعجيزية” التي يفرضها “التيار” بمثابة شروط معطلة للحوار، ولأي انفتاح سياسي قد ينهي الفراغ الرئاسي الحاصل.
ولكن، كيف يمكن تفسير مطالبته بحضور الثلثين لتأمين النصاب؟
– نصر الله رمى الكرة في ملعب القوى المسيحية، سالباً منهم حجج “الخوف”، ومؤكداً أن لا رئيس بأصوات المسلمين، ولا رئيس بدون الميثاقية المسيحية.
– قطع الطريق على حزبي “الكتائب” و”القوات اللبنانية”، بجعل الجولة الثانية للتصويت بنصاب النصف زائد واحد.
– أراح السيد بخطوته، “التيار الوطني الحر”، وبذلك قد يكون فتح الباب أمام السيناريو الذي جرى الحديث عنه حول تأمين “التيار” النصاب، وترك حرية التصويت لنوابه، وبذلك يصبح فرنجية رئيساً بأكثر من 65 صوتاً، وبحضور الثلثين.
قد يرجح البعض أن طرح اسم فرنجية يعني استحالة وصوله لسدة الرئاسة. والبعض الآخر، يرى أن معركة قريبة قد يفتتحها “حزب الله” في سبيل إيصال فرنجية الى بعبدا.
لكن الواقع اللبناني يقول إن “حزب الله”، العالم جداً بحيثيات المرحلة، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، لن يفتحوا معركة رئاسية، لأن البلد في فوهة بندقية ولا يحتمل أي توتر سياسي أو مماطلة رئاسية.
وفي المحصلة، لبنان بلد المفاجآت، ودهاليز السياسة اللبنانية لا يعلم بها أحد!